من بين أنظمة التخطيط العمراني التي يتم اتباعها لتنظيم التنمية في هذا الجانب بمدن المملكة هو نظام تقسيم المناطق (Zoning Regulation) الذي يمثـل مجموعة من الضوابط التي تحكم استعمالات الأراضي -ومنها الاستعمال السكني- وموقع وحجم وارتفاع وشكل المباني بمختلف أنواعها ضمن هذا الاستعمال، ووظائفها والمساحة التي تغطيها من قطعة الأرض، وذلك ضمن مناطق محددة في المخطط العام للمدينة، وعلى مدى تاريخ تطبيق هذ النظام كان الهدف من وراء تبنيه بوجه عام هو تحقيق عدة أغراض، ففي الماضي كان ينظر إليه على أنه إجراء مقيد لحماية مناطق معينة من استعمالات الأراضي الغير مرغوب فيها مثل جنوح الأنشطة الصناعية على الأحياء السكنية، أو حتى المباني السكنية متعددة الأدوار على الأحياء المخصصة للفيلات السكنية ونحو ذلك، وفي وقت لاحق اعتبر هذا النظام وسيلة لتطبيق الحد الأدنى من المقاييس الخاصة بحجم تنمية الأراضي وتشييد المباني التي تعنى بالصحة العامـة وتحقيق أصـول السلامة وأخيراً أصبح هذا النظام يستخدم أداة لتنفيذ مخطط التنمية الشامل للمدينة.
أسوق الحديث عن هذا النظام تحديداً لارتباطه وعلاقته الوثيقة بما نشر في معظم الصحف المحلية الأسبوع الماضي عن إنهاء وزارة الإسكان تحديد إجراءاتها الرامية لاستثناء المشروعات المتصلة بالإسكان من اشتراطات البناء المتعلقة بتعدد الأدوار والارتدادات والمساحات وكذلك الخدمات العامة، حيث يشير الخبر إلى أنه صنفت تلك الاستثناءات على ست فئات بحسب مساحات الأراضي لتلك المشروعات، بداية بالفئة التي تبدأ من عشرة آلاف متر مربع وحتى مئة ألف مربع التي ستحصل بموجب هذا التصنيف على استثناء بزيادة في مسطحات البناء لكل قطعة سكنية بها لا تتجاوز (25%) كحد أقصى لما تخضع له حالياً من تنظيم، إلى أن يصل ذلك التصنيف لأعلى فئة التي تبدأ مساحات الأراضي لمشروعاتها بمليوني متر مربع فأكثر، التي سوف تحظى بموجب ذلك على استثناء بزيادة في مسطحات البناء لكل قطعة سكنية بها لا تتجاوز (150%) للتنظيم الحالي المطبق في شأنها.
يبدو من تلك التصنيفات الست التي وضعت كي تستثنى بموجبها المشروعات المتصلة بالإسكان من اشتراطات البناء في مدن المملكة أن العنصر الأساسي الذي تتمحور حوله هو رفع كثافة استعمال الأراضي السكنية في تلك المشروعات التي من المتوقع بموجب هذا التصنيف أن تصل في ذروتها إلى ثلاثة أضعاف الكثافة الحالية، وهو إجراء من الناحية المهنية لا ينبغي أن يتم على هذا النحو، حيث لا يمكن من الجانب التنظيمي الاقتصار على عنصر واحد من عناصر نظام تقسيم المناطق وهو مسطحات البناء أو ما يعرف في نظام تقسيم المناطق بمعامل مساحة الأدوار واغفال العناصر الأخرى في هذا النظام التي تشمل بحد أدنى موقع وحجم وارتفاع وشكل المباني السكنية بمختلف أنواعها ضمن تلك المشاريع، ووظائفها والمساحة التي تغطيها من قطعة الأرض والارتدادات وعدد مواقف السيارات المطلوبة لكل منها، وبالتالي الحاجة في حال النية بإعطاء استثناءات لتلك المشروعات للإسكان، أن يتم وضع نظام تقسيم جديد خلاف القائم للمواقع أو المناطق التي تحتلها أراضي تلك المشروعات السكنية المرغوب استثناءها في المدينة، وهو توجه لا يخلوا من الصعوبة أيضاً وذلك لما له من أثر وابعاد تتجاوز مواقع تلك المشاريع، حيث من المعروف انه يلقي بتبعاته على ما جاور تلك المواقع من مناطق سكنية، خاصة فيما يتعلق بشبكة المرافق أو الخدمات العامة سواء على مستوى المدينة أو أجزاء منها، التي من المعروف أنه تم الانتهاء من تصميمها وتنفيذها ويجري حالياً تشغيلها بناء على تقسيمات المناطق الحالية (Zones) التي تم اعتمادها منذ البداية ضمن المخطط العام الشامل للمدينة، هذا بالإضافة إلى التأثير المباشر على حجم المطلوب من الأراضي للمرافق والخدمات العامة ضمن إطار تلك المشروعات المطلوب استثناءها وتكلفة تلك المرافق والخدمات جراء رفع كثافة السكان والوحدات السكنية في تلك المشروعات من ثم يجب أن نعلم أنه لا توجد استثناءات من دون تبعات ينبغي علينا أن ندركها قبل أن نلج في محيط دائرتها.
نقلا عن الرياض