أغلق سوق الأسهم السعودية الأسبوع المنصرم على ارتفاعات لافتة بلغت 467 نقطة أي بنسبة 7.7% بفضل الأنباء التي تحدثت عن سداد الدولة للالتزامات التي عليها خاصة للمقاولين بمبالغ قد تصل إلى 100 مليار ريال، وهذا بالطبع ينقذ قطاع المقاولات وقطاع التشييد والبناء من أزمة كبيرة عصفت بالعديد من الشركات، وجعلت أخرى تغلق أبوابها وتسرح موظفيها وعمالتها هذا بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الشكاوى لدى وزارة العمل عن تعثر العديد من الشركات في دفع مستحقات منسوبيها، وقبل هذا وذاك فإن المستفيد الأول من دفع المستحقات المتاخرة هو قطاع المصارف لأنه ينقذ القطاع من أزمة السيولة الذي يواجهها القطاع منذ عدة أشهر، هذا بالإضافة إلى رفع مخصصات التعثر شهرا بعد آخر وفي هذا تكلفة حقيقية على البنوك، لذلك فإن أول من التقط إشارة تسديد الدولة لالتزاماتها الداخلية هي البنوك وذلك بعد نجاح الدولة في إنهاء بيع السندات الدولية في وقت قياسي، وهذا ما دفع هذا القطاع القيادي في الصعود بقوة خلال الأسابيع القليلة الماضية وهو ما انعكس إيجابا على أداء المؤشر العام للسوق وجعل الموجة الارتدادية الصاعدة تتمدد بشكل قوي جدا.
أما من حيث السيولة فقد بلغت للأسبوع الماضي حوالي 25.7 مليار ريال مقارنة بنحو 16.1 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وهذا الارتفاع الكبير في السيولة يعكس قوة شراء مضاربي نتيجة تجاوز المؤشر لعدد من المقاومات المهمة، وهذا ما خلق حالة من التفاؤل بأن السوق سيواصل ارتفاعاته لكن أجد أن العديد من الاستحقاقات سيواجه السوق عندها كميات بيوع كبيرة وسيكون من الصعوبة بمكان تجاوزها إلا بازدياد في مستوى السيولة لكن بشكل متوازن لأن الارتفاع الكبير في السيولة من غير تجاوز مقاومات أمر سلبي بلا شك.
التحليل الفني
لا شك أن الأسبوع الماضي كان قويا بامتياز ومع الأخبار القوية كانت الشمعة الأسبوعية شمعة قوية تدل على أن هذا الأسبوع هناك قمة جديدة على الأرجح لكن لابد من التنويه بأن تداول المؤشر العام دون مستويات 6900 نقطة فإن المسار الرئيسي ما زال هابطا وأنه باختراق هذه النقطة ستظهر أولى بوادر تغيير الاتجاه لكن لا بد الأخذ في الحسبان بأن المحرك الرئيسي للسوق خلال معظم تداولات العام هي أسعار النفط وهي حتى الآن في مسار تصحيحي لم تنته منه حتى الآن.
ويبقى المؤشر العام في مرحلة ارتداد حتى كسر مستويات 6100 نقطة ثم 5800 نقطة على التوالي وكسر هذا الأخير يعني أن المسار الهابط قد تم استئنافه رسميا.
وعند النظر إلى الصناعات البتروكيماوية فأجد أنه قد خرج من مساره الأفقي والذي استمر لزهاء 6 أشهر خروجا إيجابيا وذلك بعد أن تجاوز عقبة 4650 نقطة، والتي منعت القطاع من الارتفاع طوال الفترة الماضية وهذا ما جعل السوق يصعد بذلك الشكل القوي وقد يكون لتحسن أسعار بيع المنتجات البتروكيماوية في السوق الدولية أثر كبير في هذا التحسن بالإضافة إلى حالة الإيجابية للسوق خلال الأيام الماضية، لكن هل يأخذ القطاع تراجع أسعار النفط خلال الأيام القادمة بأثر رجعي؟ لذا لابد من المتابعة اللصيقة لهذ القطاع الفترة المقبلة.
أما قطاع المصارف والخدمات المالية فيبدو أنه يعيش أفضل أيامه، فبعد الفترة الصعبة الماضية والتي حقق فيها القطاع أدنى مستوياته منذ العام 2009م جاء موضوع السندات الدولية لينقذ القطاع من استمرار تدهور أسعار المصارف في السوق حيث باتت العديد البنوك تتداول دون القيمة الاسمية.
من الناحية الفنية أجد أن القطاع أمامه مهمة صعبة باختراق مقاومة 15700 نقطة والتي باختراقها قد نرى تسارعا كبيرا في حركة أسعار المصارف بشكل إيجابي، لكن الفشل في اختراق تلك المقاومة يعني أن القطاع سيدخل في مسار تصحيحي سيحد من التحركات الإيجابية لحركة المؤشر العام.
أسواق السلع الدولية
ما زال خام برنت يسجل القاع الهابط تلو الآخر وهذا يؤكد أنه ما زال في مساره الهابط الرئيسي وذلك بسبب بعض التصريحات من وزراء الدول المنتجة للنفط، والتي فُهم من بعضها أن اجتماع نهاية هذا الشهر لن يكون فيه اتفاق بالإضافة إلى تسارع عملية رفع الإنتاج من الجميع، مما جعل هناك فارقا كبيرا بين العرض والطلب في السوق الدولية والذي سيفضي في نهاية المطاف إلى إغراق السوق مما سيجعل الأسعار تستمر بالتراجع. لكن ربما يشهد الخام عملية ارتداد تصحيحي حتى مشارف 48$ وربما 50$ بعدها يتم استئناف الهبوط حتى هدف النموذج السلبي عند مستويات 40$ للبرميل.
كذلك الحال على خام نايمكس والذي اقترب من دعمه الأخير عند 42.50$ وبكسره يتأكد وصول الخام إلى مستويات 37$، وهذا بلا شك سيفاقم من مشكلات القطاع النفطي الأمريكي والذي أعلنت أكثر من 300 شركة إفلاسها حسب البندين 11 و7 خلال السنتين الماضيتين.
من جهة أخرى أجد أن أسعار الذهب ورغم التراجع اللافت الذي حدث لها خلال الأسبوع الماضي إلى أن المسار الرئيسي الحالي ما زال قائما وذلك بسبب احترام المعدن الأصفر لدعمه الأهم عند مناطق 1200$ للأونصة، وقد كان لارتفاع الدولار الأثر الأكبر في تراجع الذهب حيث فقد خلال الأسبوع الماضي حوالي 70$ من قيمته السوقية أي ما نسبته 5% تقريبا.
أسواق الأسهم العالمية
بعد الفوز غير المتوقع لدونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية تسارع صعود أسواق الأسهم الأمريكية بقوة مما فُهم منه أن هذا الفوز أعطى مزيدا من السيطرة لرجال الأعمال على صنع القرار هناك، وقد وصل مؤشر داو جونز الصناعي لأعلى مستوى له على الإطلاق عند مستويات 18873 نقطة وهذا يؤجل عملية الدخول في المسار الهابط الرئيسي قليلا ربما حتى تتضح السياسات المالية الأمريكية، وأول بوادرها اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي نهاية شهر ديسمبر المقبل لتحديد مستقبل سعر الفائدة على الدولار، وقد يواصل داو جونز ارتفاعاته حتى مناطق 20000 نقطة لكنه من الناحية الفنية والمالية متضخم جدا ولابد من دخوله في مسار هابط قريبا.
أما مؤشرات داكس الألماني وكاك 40 الفرنسي والفوتسي البريطاني فقد بدأت بالتراجع منذ أن أُعلنت نتائج الانتخابات الأمريكية، وقد يكون هذا الأمر إشارة إلى تخوف الأوروبيين من السياسة الأمريكية الجديدة سواء الاقتصادية أو السياسية، وهذا يتضح في حركة أسواق الأسهم وفي خطابات بعض القادة الأوروبيين مثل وزير الخارجية الألماني ورئيس المفوضية الأوروبية.
نقلا عن اليوم