التعديلات التي اقترحتها وزارة الإسكان على بعض مواد "تنظيم الدعم السكني" وأقرها مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوع الماضي كانت موفقة إلى حد كبير، وبالذات على المادة الأولى من التنظيم، التي كانت تنص على أن من أوجه الدعم السكني الحكومي هي الأرض والقرض السكنيان معاً، بالإضافة إلى ما تقدمه الدولة من وحدة سكنية، أو أرض سكنية، أو قرض سكني، أو غير ذلك من الدعم؛ حيث تم استبدال عبارة القرض السكني، والأرض والقرض السكنيان معاً، إلى عبارة التمويل أو الائتمان، فكما نعلم أن تقديم الدولة وحدة سكنية، أو أرضا سكنية للمستحقين من المواطنين، يمثلان نموذجين لأوجه دعم جانب العرض في قطاع الإسكان، بينما تقديم القرض أو التمويل أو الائتمان لشريحة أخرى من المستحقين تمثل نماذج أخرى مشابهة، لكن لأوجه دعم الطلب بهذا القطاع، بالتالي يمكن النظر إلى تقديم الأرض والقرض السكنيين معاً ولمستفيد واحد فقط، على أنه لا يعبر عن الكفاءة المطلوبة في توظيف أوجه هذا الدعم؛ حيث إنه عوضاً عن أن يكون هناك مستفيدان يوجه لهما أحد أوجه هذين الدعمين (دعم العرض ودعم الطلب) يتم توجيه كلا هذين الدعمين لمستفيد واحد فقط..!
إنه على الرغم من الإيجابيات الواضحة في التعديل على بعض مواد "تنظيم الدعم السكني"، التي من أمثلتها ما أشرت إليه، إلا أنه لاتزال هناك بعض التحديات القائمة، لاسيما في ظل وجود ما يوحي من تلك التعديلات بعزم واضح للاعتماد بشكل أكبر على القطاع المالي المستثمر في التمويــل والائتمـان، ومؤسسات التطوير العقاري الكبرى في مجال توفير المنتجات السكنية من وحدات وأراض سكنية، فمن أحد أهم وأبرز تلك التحديات هي حجم القروض الاستهلاكية (الشخصية) التي ظلت تسجل ارتفاعاً سنوياً على مدى الثمانية عشر عاماً الماضية، حتى وصلت أعلى مستوياتها نهاية عام 2015 لتبلغ أكثر من (337) مليار ريال، لعدد من المقترضين يتجاوز (1.2) مليون مقترض، يمثلون أكثر من (90%) من إجمالي السعوديين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، الذين سيكون من النادر لهم القدرة على الجمع بين التمويل الاستهلاكي والعقاري، التحدي الآخر الذي لا يقل أهمية عن سابقه هو سيطرة التطوير الفردي في مجال الإسكان؛ حيث يمثل أكثر من (90%) من حجـم التطويـر العقـاري السكني، وكما نعلـم أن أولئـك المطـورين الأفراد غير قادرين على تلبية متطلبات التمويل من قبل المؤسسات المالية التي لا يمكن لأحد أن يلومها حين تريد ضماناً حقيقاً لقروضها التمويلية، يزيد من صعوبة كل من هذين التحديين استقطاب المدن المتوسطة والصغيرة ما يزيد على (35%) من طلبات الحصول على الدعم السكني.
نقلا عن الرياض