أغلق سوق الأسهم السعودية تداولات الأسبوع المنصرم على مكاسب بسيطة جداً لم تتجاوز 7 نقاط ليمحي بذلك خسائره الأسبوعية كاملة، والتي تفاقمت حتى بلغت حوالي 296 نقطة بداية الأسبوع الماضي لكنه عاد بقوة للأعلى مستفيداً من الارتفاعات المجزية لأسعار النفط والتي لامست تقريباً نفس مستوى قمتها التي حققتها هذا العام.
لكن من الملاحظ أن تلك الخسائر على السوق دفعته ليحقق قاعا جديدا هذا العام أدنى من القاع الذي حققه خلال شهر يناير هذا العام وبذلك يكون السوق قد خسر جميع مكاسبه التي حققها خلال الأشهر التسعة الماضية، وتحقيق السوق قاعا جديدا يوحي بأن الارتداد الحالي للسوق ما هو إلا ارتداد صاعد فرعي ضمن المسار الهابط الرئيسي وهذه الفرضية قد تدفع السوق خلال الأسابيع القليلة القادمة إلى فقدان مستويات 5,000 نقطة وهذا بلا شك له تأثير سلبي على أداء الشركات المدرجة.
أما من حيث السيولة فقد بلغت للأسبوع الماضي حوالي 15.2 مليار ريال مقارنةً بنحو 16.8 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وذلك التراجع في السيولة يشير إلى أن ما حصل بالفعل هو مجرد ارتداد يعقبه استئناف للمسار الهابط، وذلك لأن السيولة بهذه الكمية لن تستطيع قيادة المؤشر للعودة بقوة إلى الأعلى وذلك يعود إلى ضعف الزخم الشرائي مقابل استمرار لقوة البيوع، وهذا الأمر كان سبباً لرؤية العديد من الأسهم تلامس النسبة الدنيا القصوى الأسبوع الماضي وبعضها لأكثر من جلسة.
التحليل الفني
من خلال النظر إلى المؤشر العام للسوق أجد أنه أعطى إشارة صريحة إلى أن المسار الهابط لم ينته حتى الآن رغم الشمعة الأسبوعية الارتدادية والتي تكونت على رسمه البياني وذلك بأن كسر القاع السنوي وارتد بسيولة أضعف من الأسبوع الذي قبله، لذا فإنه لا إيجابية على أداء السوق ما دام أنه يتداول دون المستوى التاريخي المكسور 5,800 نقطة وأن المسار متجه بالفعل لدعوم 5,100 نقطة ثم 4,900 نقطة على التوالي، ومما قد يسرّع الوصول لتلك النقاط أو يبطّئها هو إعلانات الشركات للربع الثالث والتي بدأ موسمها بالفعل وبدأت تتضح بعض ملامح أداء القطاعات خاصةً القيادية منها، هذا بالإضافة إلى تحركات أسعار النفط والتي أرى أنها ستبدأ في مسار هابط جديد ابتداءً من هذا الأسبوع.
أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية قد خفف من وتيرة الضغط التي مارسها على السوق طوال الأسابيع الماضية، حيث إن القطاعات بتراجعاته قد أعطى نوعاً من الخوف من نتائجه الربعية المقبلة بعد أن كسر القاع السنوي ووصل لنفس مستويات العام 2009م ليرتد من مستوى 11,900 نقطة، لكن لا يمكن الحديث عن احتمالية مواصلة الصعود ما دام القطاع يتداول دون مستوى 12,800 نقطة أما غير ذلك فهو مرشح للبقاء رهينة سيطرة المسار الهابط.
ويبدو أن قطاع الصناعات البتروكيماوية قد تعب كثيراً من مقاومة المسار الهابط الذي ضرب السوق منذ عدة أسابيع ففي الأسبوع الماضي فقد القطاع مساره الأفقي والذي ظل يتداول فيه الأشهر الأربعة الماضية حتى تم أخيراً الخروج من ذلك المسار العرضي، لكنه تمكن من الصمود فوق دعم 4,100 نقطة وهذا ما جعل القطاع يرتد ارتدادً مجزياً الأسبوع الماضي ويسحب معه السوق لبر الأمان لكن في حال فشل القطاع في الثبات أعلى من 4,400 نقطة فإنه سيعاود النزول من جديد وربما حينها لن يصمد ذلك الدعم الذي ارتد منه مؤخراً وهذا سيشكل ضغطاً قوياً على المؤشر العام للسوق.
أما من حيث القطاعات التي من المتوقع أن يكون أداؤها إيجابياً فهي قطاعات الاسمنت والطاقة والزراعة والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والنقل.
في المقابل قد يكون الأداء السلبي ضاغطاً على قطاعات التجزئة والاتصالات والتطوير العقاري والاعلام والفنادق.
أسواق السلع الدولية
بعد رسم ملامح اتفاق بين دول أوبك على خفض الإنتاج واصل خام برنت مساره الارتدادي الصاعد حتى وصل تقريباً لنفس مستوى قمته السنوية عند مشارف 53$، لكنه فشل خلال جلسة الجمعة الماضية من تجاوز تلك القمة بل وأعطى بعض الإشارات الفنية على أن ما حصل من ارتداد من مستوى 41$ ما هو إلا موجة ارتدادية فقط وسيواصل مساره الهابط من جديد وهذ يشير إلى أن ما حدث في الجزائر من ملامح اتفاق قد لا يصمد خلال الأيام القادمة وحتى اجتماع نوفمبر القادم، وهذا يتضح من خلال بعض التصريحات التي رأت أن اتفاق الجزائر لم يكن دقيقاً في بياناته وبالتالي هو غير ملزم كما قاله وزير النفط العراقي هذا، بالإضافة إلى أنه لا توجد دولة غير السعودية خفضت إنتاجها خلال الأيام الماضية بل بعضها زاد في إنتاجه كما فعلت ليبيا ونيجيريا والعراق، لذا فالأيام القادمة في نظري ستكون صعبة على تداولات الذهب الأسود.
كذلك الحال على خام نايمكس والذي وصل لمستويات 49.50$ وهذا سيجعل شركات النفط الصخري الأمريكية ترفع من وتيرة إنتاجها خلال الفترة القادمة، لتعوض ما لحق بها من خسائر خلال الأشهر الماضية وحينها سيتم إغراق السوق العالمية من جديد كما حدث سابقاً وهذا سيعمّق الفارق بين العرض والطلب وبالتالي سيدعم نظرية عودة الأسعار للهبوط من جديد.
من جهة أخرى أجد أن أسعار الذهب بعد أن فقدت واحد من أهم الدعوم عند 1,300$ أخذت تحاول خلال الأسبوع الماضي في العودة فوق ذلك المستوى، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل ليبقى السيناريو الأقرب وهو مواصلة الحركة التصحيحية حتى مشارف 1,200$ والتي يجب المحافظة عليها لو أراد المعدن الأصفر العودة للارتفاعات من جديد لأن كسر ذلك الأخير سيدفع بالأسعار للعودة دون مستوى 1,000$ للمرة الأولى منذ العام 2009م.
أسواق الأسهم العالمية
لا زال مؤشر داو جونز الصناعي يتداول ضمن نطاق أفقي ضيق للأسبوع الرابع على التوالي، وهذا في اعتقادي يعود لاقتراب الانتخابات الرئاسية هناك واقتراب حظوظ المرشحيَن من بعضهما للفوز حسب الاستفتاءات التي تقوم بها العديد من وسائل الاعلام هناك، وهذا شكّل حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين وفي اعتقادي أنه سيتضح المشهد باختراق مقاومة 18,450 نقطة أو بكسر دعم 18,000 نقطة وذلك سيكون مع اتساع الفارق بين المتنافسين واتضاح توجه الناخب الأمريكي وأظن أن ذلك سيتأخر حتى نهاية الشهر الحالي.
أما مؤشر الفوتسي البريطاني فقد صعد بقوة الأسبوع الماضي بفضل التراجع القوي للجنيه الاسترليني وهذا جعل سوق لندن يلامس نفس قمة السنة الماضية عند مستويات 7،100 نقطة لذا لابد من مراقبة تلك المنطقة، فالفشل في اختراقها يعني أن الأسهم البريطانية ستدخل في مسار هابط رئيسي سيكون ضاغطاً على أداء السوق هناك، أما في حالة اختراق تلك النقطة والثبات أعلى منها يعني أن السوق سيشهد ارتفاعات مجزية، لأنه حينها سيكون حقق قمة تاريخية جديدة لم يشهدها في تاريخه.
نقلا عن اليوم