سأتناول في هذا العدد خبرين صحفيين عن "مصطلح الحوكمة" وردا في صحافتنا المحلية الأول يتحدث عن حوكمة القطاع العام، والمؤسسات العامة State Enterprise، والآخر يتحدث عن حوكمة القطاع الثالث الغير هادف للربحNon-Profit Organization .
فقد نشرت صحيفة الرياض في عدد 4 أكتوبر 2016 خبرا بعنوان " العرج: اقترحنا حوكمة مجالس الإدارة في المؤسسات والهيئات والصناديق والشركات الحكومية، مؤسسة التقاعد تبدأ فصل اللجان الفرعية". كما جاء في طي الخبر "بادرت وزارة الخدمة المدنية والمؤسسة العامة للتقاعد بتفعيل أولى خطوات حوكمة مجلس إدارة المؤسسة من خلال فك ارتباط اللجان المنبثقة من مجلس إدارة المؤسسة العامة للتقاعد عن رئيس مجلس إدارة المؤسسة (وزير الخدمة المدنية)".
في الخبر السابق أعتقد بوجود خطأ ما في نقل الفكرة، فمن المعروف أن اللجان المتفرعة من مجلس الإدارة هي لجان رقابية ومساندة لأعمال المجلس ويفترض ألا تعزل من ممارسة صلاحياتها تحت متابعة رئيس المجلس.
علمياً نقول إنه حتى يتمكن مجلس الإدارة من ممارسة كافة مهامه بموضوعية فإنه يمكن له إنشاء مجموعة من اللجان المتفرعة من المجلس وتفويض بعض صلاحيات المجلس لهذه اللجان مع بقاء المسؤولية على المجلس الرئيس. عرف الباحث هاريسون (1987) نوعين من اللجان التابعة لمجلس الإدارة والتي تضطلع بمهام 1) دعم الإدارة التنفيذية (أو اللجان التشغيلية)؛ و2) الرقابة. لجان دعم الإدارة التنفيذية تهتم بموائمة صناعة القرار مع الأنظمة والإجراءات ومتطلبات الرقابة في المجلس ويتم شغلها من خلال المدراء التنفيذيين غالبا، ومن أمثلتها اللجنة التنفيذية واللجنة الاستراتيجية واللجنة المالية.
في حين تركز لجان الرقابة على مراقبة ورصد العمليات التنفيذية وممارسات المجلس من أجل حماية مصالح الملاك وأصحاب المصالح من خلال تقييم موضوعية، واستقلالية قرارات المنشأة.
ومن الأمثلة على هذا النوع من اللجان الفرعية لجنة المراجعة الداخلية، ولجنة المكافآت ولجنة الترشيحات.
وهذا التقسيم معمول به في عدد من البلدان، مثل أستراليا، بلجيكا، فرنسا، اليابان، هولندا، السويد، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية (اسكندر وشاملو، 2000).
ووفقا لتوصية the King committee on corporate governance لعام 2001، ينبغي أن يتولى الأعضاء غير التنفيذيين NEDS دور حاسم في تشكيل وعمل اللجان الفرعية التابعة لمجلس الإدارة. وحتى تمارس هذه اللجان مهامها بموضوعية واستقلالية يجب أن تظل تابعة لرئيس مجلس الإدارة حتى تكتسب الصفة القانونية، والقدرة على ممارسة مهامها ورفع نتائجها لرئيس المجلس لضمان عدم تعطيل مهامها ودورها.
في الخبر الثاني والذي نشرته صحيفة الرياض أيضا لعدد 04 أكتوبر 2016 تحت عنوان "«العمل والتنمية الاجتماعية» تشرع في تطوير وحوكمة الجمعيات والمؤسسات الأهلية" والذي يُعنى بكونه "نظام تصنيف وتقييم لقطاع الأعمال يوفر الشفافية، المساءلة، السلامة المالية، ويوائم البيئة القانونية والتشريعية والاجتماعية في المملكة وفقا لأفضل الممارسات العالمية".
حقيقة أن القطاع الثالث "الغير هادف للربح، أو التطوعي" لا يزال بعيد جدا عن تحقيق أهم معايير ومبادئ الحكم الرشيد "الحوكمة"، ويجب على المسؤولين المسارعة بإعادة تأهيل الأنظمة والتشريعات لتواكب الحاجة الماسة لهذا القطاع المهم، وحتى يتمكن من المساهمة بفاعلية في تحقيق طموحات صانع القرار والمجتمع والتي تجلت في رؤية المملكة 2030. كما يجب الفصل بين مفهوم حوكمة مؤسسات القطاع الثالث وبين أنظمة التصنيف وتطبيقات الجودة.