افتتح الرئيس الصيني «شي جين بينغ» قمة قادة دول مجموعة العشرين المنعقدة في مدينة هانغتشو الصينية. «بناء اقتصاد عالمي ابتكاري ونشط ومترابط وشامل» هو العنوان الذي اختارته الصين للقمة؛ والذي أعتقد أن جهود تحقيقه لن تكون متاحة بالنظر للظروف الاقتصادية المحيطة؛ والتباين في وجهات نظر المشاركين؛ ومصالحهم المتضادة التي يعتقد أنها من أسباب البطء في تنفيذ التوصيات؛ خاصة ما ارتبط منها بالتجارة الحرة؛ والاستثمار؛ والسياستين المالية والنقدية.
أشار الرئيس الصيني في كلمته التي ألقاها في المؤتمر إلى أهمية تنسيق السياسات وضبط إصلاحات الإنتاجية وإدارة الطلب؛ وهي أمور مهمة ولا شك؛ غير أنها أكثر تحقيقا لرؤية الصين منها لرؤية الدول الأخرى المتضررة من حجم فائض الإنتاج الصيني وتسببه في إغراق أسواق العام؛ والتأثير السلبي على الأسعار.
دعم التجارة الحرة لا يمكن أن يستقيم مع غياب إدارة الإنتاج وربطها بالطلب واستيعابية الأسواق إضافة إلى التوازن الأمثل بين الدول المنتجة. الأمر عينه ينطبق على التدفقات الاستثمارية التي باتت تخضع لمعايير تحد من حريتها؛ وتقلص من الفرص المتاحة أمامها.
رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، طالب الصين بوضع آلية لمعالجة مشكلة فائض الطاقة الصناعية لديها؛ للحد من الانعكاسات السلبية على قطاع الصلب الأوروبي؛ ووقف انهيار شركاته وتسريح موظفيه.
السياستان المالية والنقدية من نقاط الخلاف الدائم بين الأعضاء. ففي الوقت الذي تؤمن فيه غالبية دول المجموعة بأهمية تيسير السياسة النقدية وضخ مزيد من الأموال لإنعاش الاقتصاد؛ حذرت ألمانيا «من أن محاولات تعزيز النشاط الاقتصادي من خلال المزيد من الليونة في السياسة النقدية قد تأتي بـنتيجة عكسية»، وأن الحل الأمثل يرتبط بإصلاح بنية الاقتصاد. الرئيس الصيني، حذر من تراكم المخاطر في الاقتصاد العالمي بسبب ارتفاع مستويات الاستدانة؛ وهو أمر منطقي ينبغي التأكيد عليه؛ والحذر منه؛ خاصة الديون السيادية المرتبطة بالدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية التي يشكل تعثرها انهيارا للنظام المالي العالمي.
الدمج بين الخيارين كان مخرجا للاتفاق بين وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية الذين تعهدوا باستخدام جميع أدوات السياسة النقدية والمالية والهيكلية لتحقيق هدف «توفير نمو اقتصادي قوي ومتوازن ومستدام»؛ وأكدوا على أن السياسة النقدية وحدها لا تكفي؛ وأن الحاجة باتت ملحة للإصلاحات الهيكلية.
الرئيس الصيني شدد في خطابه الذي ألقاه عشية انعقاد القمة؛ على أهمية الإصلاحات الهيكلية والابتكار لتحقيق النمو المستهدف. إصلاحات سوق العمل؛ التجارة والاستثمار؛ المالية العامة؛ النظام المالي؛ من أهم الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها بالإضافة إلى تطوير الابتكار والمهارات؛ والبنى التحتية والتنافسية وبيئة العمل وااإستدامة البيئية؛ والحوكمة ومكافحة الفساد.
الإصلاحات الهيكلية قادرة على تحقيق هدف النمو المستدام؛ وحماية الاقتصاد العالمي؛ وتحقيق الاستقرار المالي؛ وهو ما تسعى المملكة لتحقيقه من خلال إصلاحات اقتصادية واسعة أُطِّرت برؤية المملكة2030 التي أعتقد أنها جاءت متناغمة مع توصيات مجموعة العشرين التي تركز بشكل أكبر على الإصلاح الاقتصادي كضامن لتحقيق النمو. انعقاد قمة العشرين الحالية بعد إطلاق رؤية المملكة 2030 سينعكس إيجابا على الأهداف المرسومة. توافق أهداف الرؤية مع توصيات القمة ذات العلاقة بالإصلاحات الهيكلية ستزيد من فرص تحقيقها؛ وستحفز الحكومة على الالتزام بها بإذن الله.
نقلا عن الجزيرة