إلقاء الضوء على تقرير رايستاد (إعادة توزيع احتياطيات البترول)

04/09/2016 1
د. أنور أبو العلا

الضجة التي أثارها تقرير Rystad عند صدوره بتاريخ 4 يوليو 2016 (قبل شهرين) لا زال يتردد صداها الى اليوم في الاعلام العالمي وان اختلف الآن رجيع الصدى حسب أهواء المتلقين وميولهم الشخصية.

البعض راح يروّج للتقرير على انه حقائق شامتين في دول أوبك لأنه خفض احتياطات اوبك بمقدار الثلث. والبعض الآخر (وأنا منهم) يعتبر التقرير مجرد محاولة من مركز استشارات للدعاية ولفت الأنظار.

لكن يوجد أيضا البعض الثالث (معظمهم العرب) يقولون ان التقرير مُسيّس يهدف لتوجيه سياسة انتاج البترول في دول أوبك ويحرضهم للتسابق – كما حدث في الثمانينات – على الإعلان عن احتياطيات جديدة.

بشكل عام يوجد تناقض واضح في تقرير رايستاد لم يلاحظه معظم المعلقين على التقرير فهو رغم أنه زاد اجمالي احتياطيات البترول في العالم بمقدار 24 % (الربع) وبالتالي زاد العمر الزمني للبترول الى 70 سنة بعد ان كان 50 سنة فقط الا أنه في نفس الوقت كان متشائما أكثر من جميع التقديرات السابقة للجهات الأخرى فقد ختم المركز تقريره بالويل والثبور وعظائم الأمور محذرا بأن البترول المتبقي القابل للاستخراج لا يستطيع أن يلبي الطلب العالمي على السوائل (وقود السيارات).

يقول التقرير ان اجمالي احتياطيات البترول الموجودة التي يمكن تكنولوجيا واقتصاديا استخراجها من تحت الأرض تبلغ 3.39 تريليونات برميل.

وبأنه قد تم استخراج 1.30 تريليون برميل حتى نهاية عام 2015. وبأن الكمية المتبقية التي يمكن استخراجها 2.09 تريليون برميل وبأنها تكفي العالم حسب معدل الاستهلاك الحالي لمدة 70 عاما.

ولكنه يحذر بأنه بعد 30 سنة سيعجز البترول عن توفير البنزين الكافي لتسيير السيارات التي قد يتضاعف عددها من مليار سيارة الآن الى ملياري سيارة عام 2046.

لقد كان الملخص الذي قدمه مركز رايستاد للصحافة والاعلام الذي يشرح فيه الميثودولوجيا التي اتبعها في إعداد بحثه ونتائج البحث معنونا بعنوان استفزازي مكتوب بخط عريض يقول بالنص: الولايات المتحدة الآن تملك احتياطيات بترول أكثر من احتياطيات بترول السعودية.

الذين يقرؤون التقرير سيجدون تناقضات من الصعب ان يتوقعها القارئ من مركز محترف يزعم انه قام بدراسة علمية ويتفاخر بأن تقديراته تتميز عن تقديرات شركة البترول البريطانية BP لأن الشركة البريطانية – على حد قوله – تستقي معلوماتها من الدول المالكة للبترول بينما هو قام بدراسة مستقلة لجميع حقول بترول العالم حقلا، حقلا وبأنه استخدم معيارا موحدا apple to apple لمقارنة الحقول.

كذلك يفرّق التقرير بين انواع البترول القابل للاستخراج فيقسمه الى ثلاثة أنواع كالتالي: البترول التقليدي 773.3 مليار برميل، والبترول غير التقليدي 627.6 مليار برميل، والباقي وقدره 689.7 مليار برميل هو البترول الذي يمكن استخراجه من أعماق البحار.

بإلقاء نظرة فاحصة على تقسيم تقرير رايستاد للبترول المتبقي القابل للاستخراج الى البترول التقليدي والبترول غير التقليدي والبترول من أعماق البحار نجد ان البترول التقليدي هو تقريبا بترول دول الخليج الستة الأعضاء في أوبك كالتالي: المملكة 212 مليار برميل، إيران 143 مليار برميل، العراق 117 مليار برميل، الكويت 52 مليار برميل، الامارات 48 مليار برميل، قطر 44 مليار برميل.

واضح ان اجمالي بترول دول الخليج الستة المذكورة أعلاه هو 616 مليار برميل وهو يساوي 80 % من اجمالي البترول التقليدي في العالم البالغ 773.3 مليار برميل فلو أضفنا اليه احتياطيات الدول العربية الأخرى كليبيا 48.4 مليار برميل، والجزائر 12.2 مليار برميل، وعمان 5.3 مليارات برميل، واليمن 3.0 مليارات برميل، وسوريا 2.5 مليار برميل، ومصر 3.5 مليارات برميل، والسودان  5.0 مليارات برميل سيكون الاجمالي قدره 696.0 مليار برميل وهو يساوي 90 % من احتياطي العالم التقليدي ومعنى هذا ان جميع البترول التقليدي المتبقي على وجه الأرض – باستثناء إيران – هو بترول الدول العربية.

نقلا عن الرياض