أعلنت شركتا سابك وإكسون موبيل انهما تعتزمان إنشاء مجمع للصناعات البتروكيماوية في أمريكا بالقرب من مصادر الغاز الصخري الغنية بأنواع متعددة من اللقائم المهمة والاستراتيجية للصناعات البتروكيماوية.
ويتوقع أن يتم بناء المجمع حول ولايتي تكساس أو لويزيانا وسيتضمن المجمع استثمارات كببرة في وحدة تكسير الايثان بتقنية عالمية متطورة، إضافة إلى وحدات خاصة بالمشتقات.
وقبل المضي قدما بمثل هذا المشروع الكبير لابد من اكمال الإجراءات والدراسات اللازمة قبل الوصول إلى قرارٍ بشأن إقامة المشروع، ولابد ايضا من التواصل مع المسؤولين المحليين وكذلك المعنيون في الولاية لاخذ الموافقة ومن ثم تحديد الموقع الجغرافي الملائم.
وفي تعليقه على المشروع المشترك، قال يوسف البنيان، الرئيس التنفيذي لسابك: «نركز دوماً على التنويع الجغرافي لعملياتنا، لكي نزود أسواقاً جديدة بمنتجاتنا ويسهم هذا المشروع المقترح في الحصول على لقيم بأسعار منافسة ويدعم موقف (سابك) القوي في سلسلة القيمة».
من جهته قال نيل تشابمان، الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل للكيماويات: «لدينا القدرة على تصميم مشروع يمتاز بمواصفات فريدة تجعله قادراً على المنافسة عالمياً».
الحقيقة تتمثل تنافسية انتاج البتروكيماويات في امريكا بتوافر اللقيم الذهبي للبتروكيماويات «غاز الايثان» بكميات كبيرة وبأسعار منافسة.
وعلى سبيل المثال كان انتاج امريكا من الايثان 0.75 مليون برميل باليوم في ابريل من عام 2009م وفي ابريل من العام الحالي وصل الانتاج إلى 1.3 مليون برميل باليوم وتملك ولاية تكساس اكثر من نصف هذا الانتاج.
وهذا يشير الى الاهمية الكبيرة للولايات المتحدة في توفير لقيم الايثان العنصر الاهم في انتاج البلاستيك.
وأما لقيم البروبان فلقد ارتفع انتاجه من حوالي نصف مليون برميل باليوم في ابريل 2009م الى حوالي 1.2 مليون برميل باليوم في ابريل 2016م أي زيادة بأكثر من 100%.
وبلا شك فإن طفرة الانتاج هذه رافقها انخفاض تاريخي في سعر لقيم الايثان مما سرع في عملية انشاء عدة مجمعات بتروكيماوية في خليج المكسيك للاستفادة القصوى من توافر هذا اللقيم ولسان حال الشركات سيفوز بالجائزة والربح من يكون مع اوائل المنتجين الجدد.
يعرض الشكل تسارع انتاج سوائل الغاز الطبيعي الأمريكي والتي تعتبر اللقيم المفضل لانتاج البتروكيماويات وتحتوي على الايثان والبروبان وغيرهم.
ومع طفرة الانتاج هذه هرعت الشركات البتروكيماوية من مختلف انحاء العالم للاستفادة من هذه الفرصة التي قد لا تعوض والتي ساهمت بخفض اسعار هذه اللقائم بحيث اصبحت قادرة على منافسة اللقائم المنتجة في دول الخليج العربي.
وفي هذا السياق اعلنت كل من داو كميكال واكسون وشيفرون على اقامة مشاريع جديدة بغرض انتاج البلاستيك وحتى الشركات التي من خارج امريكا مثل شل وساسول وفرموزا اعلنت ايضاً عن استثمارات ضخمة لانتاج البلاستيك على الاراضي الامريكية.
واما شركة ليونيدال باسل فلقد استطاعت ان تعمل توسعات كبيرة في مجمعاتها القائمة ورفعت ارباحها الى مستويات تاريخية.
وبشكل عام سوف تقوم هذه الشركات بزيادة انتاج امريكا من الايثيلين المادة الاساسية في الصناعات البتروكيماوية بحوالي 10-12 مليون طن بحلول 2020م. وبهذا تصبح امريكا والصين اهم بلدين من حيث انتاج الايثيلين ومن حيث النمو بانتاجه ايضاَ.
وسوف ترفع هذه المشاريع الحاجة الى انتاج لقيم الايثان في امريكا الى 600 الف برميل باليوم واما لقيم البروبان فسوف تزداد الحاجة له بحوالي 200 الف برميل باليوم.
وهذا يعرض بوضوح مدى اهمية الطفرة البتروكيماوية التي تعيشها امريكا وايضاً مدى اهمية الاسراع في الاستفادة من وجود اللقيم باسعار مناسبة ووجود القوانين التي تشجع على الاستثمار بهذه الصناعة.
ولقد اعلنت شركة ساسول من جنوب افريقيا قرارها النهائي بالمضي قدما باستثمار اكثر من 8 مليارات دولار في انشاء مجمع لانتاج البلاستيك في امريكا في عام 2014م.
وهذا يعني ان المجمع سيبدأ الانتاج بحلول 2018م وسينتج 1.5 مليون طن ايثيلين سنوياً. وشركة اكسون نفسها كانت قد اعلنت رغبتها في الاستفادة من الايثان الرخيص بامريكا بانشاء مجمع لانتاج البلاستيك في عام 2012م واتخذت القرار النهائي لاكبر استثمار على الاراضي الامريكية في عام 2014م.
وسوف يتم الانتهاء من تشييد مجمع لانتاج البلاستيك بطاقة 1.5 مليون طن ايثيلين بحلول 2018م. واما شركة فرموزا التايوانية فلقد اتخذت قراراً بانشاء مجمعين للبتروكيماويات بامريكا. واحد تحت التشييد في ولاية تكساس وسينتج 1.2 مليون طن ايثيلين سنوياً بحلول 2018م.
والاخر سيجري تشييده بولاية لويزيانا لانتاج الايثيلين والبروبيلين والبلاستيك المنتج منهما وبتكلفة تقدر بحوالي 9 مليارات دولار.
وبهذا تكون فرموزا احد اهم الشركات غير الامريكية المستثمرة بقطاع البتروكيماويات في امريكا. وهذا يعني ان فرموزا تنوي استثمار حوالي 15-20 مليار دولار في امريكا. وقد اعلنت فرموزا عزمها على الاستفادة من طفرة الايثان والبروبان في امريكا في عام 2012م.
وهذا يشير الى ان طفرة انتاج سوائل الغاز الطبيعي (لقائم البتروكيماويات) في امريكا قد ظهرت بوادرها في عام 2010م وبدأت الشركات بالاعلان عن رغبتها في الاستثمار بأمريكا قبل عام 2012م وكانت سابك من ضمن هذه الشركات.
والجدير بالذكر أن التعاون المشترك بين سابك وإكسون موبيل يمتد لحوالي 35 عاماً في مشروعات مشتركة وكبيرة للبتروكيماويات في المملكة كان اكبرها واهمها انشاء شركة الجبيل للبتروكيماويات (كيميا) وشركة ينبع السعودية للبتروكيماويات (ﻳﻨﺒﺖ).
وتمثل كيميا التي تم تأسيسها في عام 1980 شراكة صناعية مناصفةً بين سابك وإكسون للكيماويات لإنتاج الإثيلين والبروبيلين، والبولي إيثلين بانواعه.
كما تم مؤخراً افتتاح مصنع اللدائن التابع لشركة «كيميا» وتصل الطاقة الإنتاجية للمشروع إلى 400 ألف طن سنوياً من منتجات المطاط الصناعي.
والحقيقة ان اكسون تعد مشروع كيميا احد اهم استثماراتها خارج امريكا وذلك بسبب الارباح الطائلة التي جنتها منه وعلى مدار 32 عاما. ويكفي انه في العقد الماضي كانت اسعار اللقيم في المملكة ارخص من اسعارها في امريكا بحوالي عشر مرات.
ففي عام 2006م وصلت اسعار لقيم الايثان في امريكا الى حوالي 10 دولارات للمليون وحدة بينما كانت بالمملكة ثابتة عند 0.75 دولار للمليون وحدة ولنا ان نتخيل عظم الاستفادة المتبادلة بين سابك واكسون.
وفي ترتيب أكبر الشركات الكيماوية في العالم لعام 2015م جاءت سابك في المرتبة الرابعة من حيث المبيعات الكيميائية حيث وصلت مبيعاتها 34.3 مليار دولار وهي بذلك تكون حافظت على نفس المركز في عام 2014م وهذا يدل على متانة وقوة سابك.
وجاءت اكسون للكيماويات في عام 2015م في المرتبة السابعة بمبيعات تقدر بحوالي 28 مليار دولار، ويذكر ان اكسون جاءت عام 2014م في المركز الخامس بعد سابك وبهذا تكون اكسون قد خسرت مركزين في عام 2015م. والجدير بالذكر ان شركة فرموزا جاءت عام 2015م في المركز الخامس وبمبيعات تقدر بـ 29.2 مليار دولار.
وفي الختام لقد اثبتت سابك نفسها على مستوى العالم وهي من كبار منتجي البلاستيك وقوة مؤثرة في هذه الصناعة.
وحتى ارامكو السعودية التي دخلت عالم البتروكيماويات من اوسع ابوابه ويجري حاليا اقامة مجمع صدارة المشترك بين ارامكو وداو كميكال لانتاج البتروكيماويات في الجبيل.
والامل ان تمد ارامكو وداو كميكال شراكاتهما في البتروكيماويات الى الولايات المتحدة حيث تنشئ حالياً داو كميكال مجمعاً كبيرا بتكساس بطاقة انتاجية تصل الى 1.5 مليون طن ايثيلين سنوياً.
نقلا عن اليوم
د. سليمان ,, سابك جربت الاستثمار بالدول الغربيه ( اوربا وامريكا ) ولم نلحظ استفادة سابك من تلك المشاركات , ربما تكون استفادة من شراكتها بالصين اكثر من استفادتها من شراكاتها بالغرب , فما الذي يكمن ان تتوقعه سابك من هذا الاستثمار الجديد ؟
أني أرى رؤوس أموال قد أينعت وحان قطافها
Global companies without political power are fake
الفرق ان هذا الاستثمار بنى على اساس الاستفادة من توفر الغاز الصخرى بامريكا. وهذا يسمح لسابك بانتاج البلاستيك بامريكا الشمالية التى تعتبر من اكبر الاسواق بالعالم. كل الشركات البتروكيماوية الكبيرة قامت بالاستثمار بامريكا للاستفادة من الغاز الصخرى. الفكرة من حيث المبدأ رائعة ولكن يجب تطبيقها بحذر وكتابة عقود الشراكة بطريقة تحمى سابك.