بينت الإدارة المركزية الكويتية للإحصاء في تقريرها الربع سنوي الأخير أن عـــدد سكان الكويت بلغ 4.23 مليون شخص منهم 1.3 مليون كويتــي بنسبة 30.8 في الــــمئة، أما الوافدون، فبلغ عددهم 2.93 مليون شخص وبنسبة 69.2 في المئة من إجمالي السكان. وتشير هذه البيانات إلى تراجع نسبة المواطنين الكويتيين من إجمالي السكان حيث كانت 31.2 في المئة في 2014.
وحددت القوة البشرية من المواطنين (15 سنة فأكثر) بـ 435904 أفراد، منهم داخل قوة العمل 331589 فرداً. ويعمل 76.1 في المئة من قوة العمل الكويتية في الحكومة والقطاع العام، في حين يعمل 21.2 في المئة منهم في القطاع الخاص، وهناك 2.7 في المئة من قوة العمل الوطنية في عداد العاطلين من العمل.
أما الوافدون فهناك 2.1 مليون ممن تبلغ أعمارهم 15 سنة فأكثر، يعمل منهم في الحكومة 6.7 في المئة و65 في المئة في مؤسسات القطاع الخاص و27.5 في المئة في القطاع المنزلي، أما العاطلون من العمل فتبلغ نسبتهم من العمالة الوافدة 0.8 في المئة.
وبينت الإحصاءات أن نسبة العمالة الوطنية في سوق العمل، لم تزد عن 19.1 في المئة في حين بلغت نسبة العمالة الوافدة 80.9 في المئة، بما يؤكد الاعتماد الكبير على الوافدين لتشغيل مختلف المنشآت الاقتصادية في البلاد، خصوصاً في القطاع الخاص.
يفترض أن تثير مثل هذه البيانات حفيظة الحكومة والإدارة الاقتصادية وتحفزها لإصلاح أوضاع سوق العمل والبحث عن مصادر الاختلالات والتعرف إلى طبيعة الأعمال والمهن المطلوبة في السوق ولا تتوافر بين المواطنين.
وذلك يعني التعرف على القصور في النظام التعليمي ودراسة كيفية معالجته بما يؤدي إلى توفير مخرجات تتوافق مع احتياجات سوق العمل.
وتبين من الدراسات على مدى السنوات والعقود الماضية أن الكويت تتطلب عمالة وطنية ماهرة مؤهلة لشغل وظائف في القطاع النفطي والصناعات التحويلية والأعمال الهندسية المساعدة والهيئات التمريضية في المستشفيات والعيادات الطبية، بالإضافة لوظائف ورش صيانة السيارات والأجهزة الكهربائية وأعمال النجارة والتشييد والبناء.
لم يتمكن المخططون التربويون من تعديل هيكل النظام التعليمي، على رغم وجود الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، وإلى ما يؤدي إلى توفيق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل الحقيقية.
ولذلك بقيت الحكومة مضطرة إلى توظيف الأعداد المتزايدة سنوياً من خريجي الجامعات والمعاهد وغيرهم الذين تقدر أعدادهم بأكثر من 20 ألف مواطن سنوياً في الدوائر الحكومية ومنشآت القطاع العام.
ويمثل هذا التوظيف زيادة في مخصصات الإنفاق الجاري ويؤدي إلى تضخيم الباب الأول من الموازنة (الرواتب والأجور) وأدت هذه السياسة إلى تضخم أعداد الموظفين لدى الحكومة وترتب على ذلك بطالة مقنعة بين العاملين الكويتيين في الجهاز الحكــــومي وتفشي الاتكالية وتدني معدلات الأداء وتراجع الكفاءة.
وما بينته الإحصاءات أيضاً، أن المواطنين العاملين في القطاعين العام والخاص منهم 55 في المئة من الإناث و45 في المئة من الذكور، لكن 89.4 في المئة من العمالة الوافدة من الذكور و10.6 في المئة من الإناث. هذه البيانات تؤكد أن غالبية الوافدين في الكويت من الذكور العزاب، الذين لا يمكن لهم جلب عائلاتهم إلى البلاد لأسباب إجرائية أو لارتفاع تكاليف المعيشة قياساً لمداخيلهم.
وتمثل العمالة الهندية أكبر مجموعة في سوق العمل الكويتي حيث تبلغ نسبتهم 25.3 في المئة ويأتي المصريون في المرتبة الثانية بنسبة 23 في المئة ثم الكويتيون بنسبة 19.1 في المئة، وبعد ذلك هناك العمالة الآتية من بنغلادش وباكستان والفيليبين وسورية ونيبال وإيران وسريلانكا وبنسب متفاوتة.
تبين هذه الحقائق الديموغرافية أن الأوضاع السكانية في البلاد ظلت دون تغيرات تذكر فنسبة المواطنين ظلت تراوح بين 30 إلى 32 في المئة منذ بداية القرن الحادي والعشرين، كما ان زيادة أعداد الوافدين ظلت مستمرة ولم تتحسن مستوياتهم التعليمية على مدى العقود الماضية.
إن هذه الأعداد الكبيرة من الوافدين في الكويت تمثل ضغطاً مستمراً على الخدمات والبنية التحتية وتؤدي إلى اختناقات عديدة، لكن الأهم من ذلك ان الكويتيين لم يطوروا قدراتهم لشغل العديد من الوظائف والمهن التي تتطلبها النشاطات الاقتصادية في البلاد.
أكثر من ذلك أن الكويتيين ما زالوا يعتمدون على العمالة الوافدة لإنجاز مختلف الأعمال، بما في ذلك الأعمال المنزلية. وتقدر البيانات الإحصائية ان عدد العاملين في القطاع المنزلي بلغ 587696 بما يمثل 14 في المئة من إجمالي السكان.
إذاً هناك أهمية للتمعن في هذه الحقائق الديموغرافية ومحاولة اعتماد سياسات سكانية واقعية تعيد التوازن بين الكويتيين والوافدين وتعمل لإصلاح سوق العمل بموازاة إصلاح النظام التعليمي وتحديد أهداف مبرمجة زمنياً ومتابعة تنفيذ تلك السياسات العتيدة.
نقلا عن الحياة