عام الرمادة

17/06/2016 4
عبدالله الجعيثن

حدث سنة ١٧هـ في عصر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قحط شديد بسبب احتجاب المطر لسنوات سابقة فهلك الزرع والفرع وضرب الجفاف أطنابه فاقشعرت الارض وثار منها غبار كالرماد واناخ الجوع بارض الحجاز وجثم على صدور الناس حتى هلك كثيرون وضعف الباقون بعد ان بذل الخليفة العادل عمر كل ما في بيت المال من حبوب وارزاق حتى اوشكت على النفاد ولم تنفع النقود الباقية لانها لا تؤكل ولا يوجد غذاء يشترى بها.

واصاب الناس في عام الرمادة كرب شديد حتى مالت الوجوه الى السواد بسبب الجوع والجفاف وسوء التغذية التي بالكاد تسد الرمق. وفي هذا العام عطل الفاروق حد السرقة اجتهادا فمن يسرق ليأكل قاسه على المضطر لاكل الميتة حتى لا يموت.

ولم تنجل الغمة الا حين وصلت الارزاق من ولاة الفاروق في الشام ومصر والعراق وهي قوافل من جمال يستلزم وصولها شهورا ثم صلى الفاروق بالمسلمين صلاة الاستغاثة فانزل الله غيثا هنيئا مرئيا احيا الارض بعد موات وانعشها بعد جفاف..

الدرس من ذلك التاريخ هو الاهتمام بتخزين الغذاء في صوامع كبيرة موزعة في انحاء المملكة فان البوادر تشير الى ازمة غذاء عالمية مع موجات القحط والجفاف وارتفاع اسعار الغذاء وتكاثر سكان الارض بشكل لم يسبق له مثيل وان يتم هذا بشكل مبكر وبكل حزم فإن تأخرنا فقد لا تنفع النقود كما لم تنفع عام الرمادة.

هذا الدرس على مستوى الامة ومعه فتح باب الاجتهاد في كل المستجدات فقد كان الفاروق مجتهدا موفقا اما الآن فان باب الاجتهاد مفتوح نظريا مغلق واقعيا رغم كثرة النوازل والمستجدات والتحديات التي تواجهنا نحن المسلمين.

ودرس آخر من ذلك العام الرمادي لكل فرد الا يسرف والا يغتر بأي مال ولو كثر وان يدخر ويأمر نفسه واهله بعدم الاسراف وهدر الطعام فنحن مع الاسف نطبخ ضعف ما نأكل ونطلب من المطاعم ونرمي النعم في المزابل وهذا سفه ونقصان عقل.

 

نقلا عن الرياض