صدر إطار حوكمة الرؤية المستقبلية للمملكة يوم الخميس الماضي ليشكل بما احتواه أسلوب الإدارة والرقابة على الجهات الرسمية المعنية والفاعلة بتحقيق التحول الوطني ضمن الرؤية الشاملة وذلك حسب ما هو معروف عن مفهوم الحوكمة الحكومية والتي تزايد التوجه لها عالميا لما أثبتته من ارتقاء بمستوى أداء الأجهزة الحكومية بزيادة في الشفافية والإفصاح ومعالجات لأي خلل بأدائها وكذلك القدرة على التقييم لكل جهاز بمؤشرات أداء تعطي النتائج المطلوبة حتى تكون منظومة العمل متماسكة ومتسقة ما بعضها سواء داخل كل جهة أو بين الجهات في حال كان هناك ترابط وتكامل بين أدوارها
فلا يمكن تحقيق نتائج تصل للأهداف المرصودة بالرؤية دون إطار حوكمة متكامل ففي الخطط التنموية السابقة كان أحد بواطن الخلل التي قللت من مستوى الوصول لنسب عالية من الإنجازات المستهدفة هو ضعف الرقابة والتنسيق وإيجاد الحلول بمستوياتها المختلفة نتيجة لغياب ما أصبح يختصر بمفهوم الحوكمة ولذلك نجد أن الرؤية المستقبلية 2030م ركزت على النهوض بالحوكمة حتى تكتمل حلقات العمل المطلوب لإنجاز كل جهة لخطتها ودورها المعتمد ويظهر ذلك من خلال تشكيل لجان ومكاتب وإدارات وتحديد أدوارها في إطار هذه الحوكمة الشاملة.
ويبرز من بين ما تم اعتماده آلية التصعيد التي ترتكز على كيفية إيجاد الحلول والرصد والمتابعة ووضع الخطوات للتنفيذ بمستوى من الشفافية مرتفع فلم تعد الجهة هي ما ينتهي عندها الدور المنوط بها في حال واجهت أي عقبات بالعمل على إنجاز خططها أو تقوم بالمكاتبات الروتينية السابقة لجهات أخرى والتي تأخذ وقتاً طويلاً حتى تنتهي إلى حلول أو تصطدم بوجود أنظمة متعارضة مع توجهاتها لدى جهات ذات علاقة إذ أصبحت تعد هي المستوى الأول وعلى رئيسها أن يوجد الحلول ويعالج أي عقبات وفي حال احتاج لتدخل من خارج الجهاز الذي يرأسه فيتجه لمكتب الإدارة الاستراتيجية والذي بدوره يقوم بإيجاد الحلول من خلال معايير محددة تتيح له التواصل مع كل جهة ترتبط بالإشكالية وبمدة زمنية محددة لا تتعدى أسابيع يكون قد وقف على كل المعوقات ووضعت الحلول لمعالجتها وهو ما يعد المستوى الثاني وفي حال تعذر وجود حل ويتطلب تدخلاً أعلى فيقوم بتقديم كافة المعلومات والتوصيات للجنة الاستراتيجية التي يتبع لها وتعد هذه الخطوة بالمستوى الثالث حيث يتم من خلال اللجنة التي يرأسها سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ورئيس محلس الشؤون الاقتصادية والتنمية البت في ما يرفع من توصيات وفي حال الحاجة لإطار أوسع للحلول فتقوم اللجنة بالرفع لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لإصدار التعليمات والقرارات على هذا المستوى الذي يعد الرابع مما يعني أن حراكاً كبيراً سيكون بأداء الأجهزة الحكومية لإنجاز برامجها وخططها وسيكون له أثر مهم في تعديل بالأنظمة واللوائح للوصول لتنسيق واسع بين كافة الأجهزة الحكومية المعنية بالشأن التنموي والاقتصادي وإلغاء لتعارض الأنظمة والتشريعات على مدى السنوات المقبلة وهو عادة ما يظهر عند تنفيذ أي برنامج.
الرؤية المستقبلية تحمل توجهات وطموحات كبرى للارتقاء بالاقتصاد الوطني ويبقى التنفيذ هو التحدي الأكبر للوصول للأهداف المطروحة وذلك يتطلب حوكمة وإطار عام يرتقي بالرقابة والأداء الحكومي ويعتمد أحدث أساليب الإدارة التي تحقق أفضل النتائج وتقلل من السلبيات وترفع مستوى الإفصاح والشفافية والمشاركة المجتمعية بالإنتاجية العالية.. فالرؤية كما جاء في مضامنيها أنها من المجتمع وإليه والشراكة بين كل أطرافه وفئاته تتحقق بإطار الحوكمة الذي أعلن عنه ويشارك به الجميع حسب الأدوار التي تم إقرارها واعتمادها لتكون حصناً قوياً يساهم بنجاح الرؤية والتحول الوطني للوصول لاقتصاد أقوى ومتنوع بالدخل والإنتاجية.
نقلا عن الجزيرة