تعتبر الـ 15 سنة القادمة مدة زمنية حرجة في تاريخ الدول والقارات، لما سيتخللها من تغيرات جذرية ستطال أساسات الإقتصادات الوطنية، ولم تبدأ السعودية فقط في التجهيز لهذه الإختبارات وحدها بل سعت وتسعى كثير من الدول لوضع خطط زمنية محددة تمكنها من إجتياز التغيرات القادمة والمفاهيم التقليدية عن الإقتصاد والدخل القومي وكذلك مستقبل التجارة والإستثمارات العالمية، وبالطبع عن مستقبل الطاقة الجديدة ومصير النفط.
إزاحة أمريكا عن العرش والملوك الجدد
تحاول أمريكا بشتى الوسائل والطرق أن تبقى متربعة على عرش الإقتصاد العالمي ولو بإستخدام القوة لأطول فترة ممكنة، ولكن التيار الصيني الجارف سيمهد كل ما سيقابله من عقبات حتى التربع على العرش العالمي وستلحق به كل من الهند والبرازيل وإندونسيا مستفيدين من التجربة الطموحة التي قادت الصين من مراكز متأخرة إلى المقدمة في هذه المعادلة المنظمة.
ولم يكن في كثير من البلدان للموارد التقليدية الدور الأساسي للتقدم إقتصادياً فدولة مثل اليابان تعتبر من أضعف الدول من حيث تلك الموارد ولكنها تقدمت وسيطرت لسنوات على حصص ضخمة من الإقتصاد العالمي بفضل التعليم والتطوير ومكافحة الفساد، وتعتبر السعودية الدول العربية الأكثر تقدماً في الإتجاه الصحيح فمن المتوقع بحلول عام 2030 م أن تحتل الممكلة المرتبة 18 على مستوى العالم كأقوى إقتصاد بعد تركيا وقبل هولندا الأوربية.
الموارد البشرية كلمة السر
لم تنظر دول مثل الصين والهند وإندونيسيا مؤخراً لعدد السكان الهائل على أنه معيق فعلي لتطورها بل أستغلته أفضل إستغلال وسعت لتطوريه ثقافياً ومعرفياً لتعبر من خلاله نحو صدارة إقتصاديات العالم في الحقبة المعقدة القادمة والتي من المرجح أن تكون أكثر قسوة على البلدان التي تبنت السياسات الإقتصادية التقليدية، فدولة مثل الهند سيكون لديها في غضون الـ 15 عامًا القادمة أكبر قوة عاملة في العالم على الإطلاق وتعمل جادة الأن للإستفادة من هذه الميزة بشكل كبير، حيث بحلول عام 2030، سيكون عدد سكان دلهي وحدها حوالي 37 مليون نسمة ومن المتوقع أن يصبح عدد المدن الكبرى في العالم 41 مدينة والتي سيعيش في كل منها حوالي 10 ملايين نسمة وأكثر، وهذه المعلومات توضح مدى إرتباط التعداد السكاني بالتقدم الإقتصادي إذا ما أستغل أفضل إستغلال ليكون الرافد الأساس للنمو، وفي المملكة الفرصة مواتية لإستغلال ذات الفرصة بما أن التعداد السكاني في نمو كبير حتى تلك السنوات المستهدفة.
آسيا القارة الأقوى إقتصادياً
تشير كثير من الدراسات التي تمحورت حول النمو الإقتصادي إلى أن الدول الآسيوية ستتخطى حتى 2030 م الكثير من الدول الأوربية يتبعها دول أمريكا الجنوبية وبذلك ستكون أكبر الإقتصاديات آسيوية بإمتياز وحاضنة لأكبر المدن العالمية مثل طوكيو ودلهي وشنغهاي، وستقع أسرع المدن نموا في آسيا تليها أفريقيا، كذلك تعتبر آسيا القارة الأسرع نمواً من حيث التبادل التجاري والأكثر إستقراراً، كذلك توقعت تقارير صدرت مؤخرا للبنك الدولي أنه حتى 2030 م، فإن نصف استثمارات العالم، بإجمالي 158 تريليون دولار، سيكون في بلدان العالم النامية، وأشار التقرير، وهو الأحدث من سلسلة تقارير آفاق التنمية العالمية، إلى أن بلدان شرق آسيا وأمريكا اللاتينية ستستحوذ على الحصة الأكبر من هذه الاستثمارات.
أين السعودية ؟
رؤية المملكة 2030م كانت في محلها تماماً وفي التوقيت المناسب فعلاً، فأمريكا ودولارها ربما لم يضعفان بالشكل الملحوظ حتى الأن ولكن من المتوقع رؤيتهما يترنحان ولو مؤقتاً بعد عدة سنوات، وربما يعاني إقتصاد أمريكا من موجات تذبذب حادة، وخروج السعودية من هذه العباءة لتحقيق الرؤية سيكون ملحاً بشكل أكبر في السنوات القادمة للحاق بسباق التحول العالمي نحو إقتصاد أكثر تنوعاً معتدماً على مورد أكثر ثقة ومرونة غير سابقه المتذبذب والذي سيعطي كما فعل مع كثير من الدول زخماً ينعكس إستقراراً وإزدهاراً حتى ما بعد 2030 م ويبقى بخصوص السعودية ملاحظات هامة أشارت إليها كثير من التقارير، فالتقدم مشروط بالعمل بمعدل ثلاثة أضعاف على الأقل عن ماهو الأن وما كان سابقاً في مجالات أساسية كالتعليم والتوظيف والصحة وكذلك الإسكان لتأسيس بنية صلبة يقوم عليها التحول الإقتصادي المنشود.