تراجع أحجام التداولات... الظاهرة والأسباب

29/05/2016 0
بشير يوسف الكحلوت

تمر البورصات العالمية والإقليمية - ومنها بورصة قطر - منذ عدة أسابيع بحالة من التراجعات التي أصابت مؤشراتها الرئيسية، بما قد يعتبره البعض مُبررا في هذه الفترة من السنة بعد انتهاء الإفصاحات وتوزيعات الأرباح عن عام 2015.

إلا أن هناك ظاهرة تستحق الوقوف عندها بعض الشيء، وهي تراجع أحجام التداول في كل من بورصة قطر، وسوق المال السعودي "تداول".

فقد أنهت بورصة قطر تداولات الأسبوع الماضي بمتوسط 158.5 مليون ريال يوميًا، أي أقل من نصف المتوسط المعتاد، وانخفض متوسط تداولات السوق السعودي بمقدار الثُلث إلى نحو 4 مليارات ريال يوميًا.

وفي حين لا يمكن إغفال تأثير العوامل الموسمية في كلتا الحالتين، إلا أن هناك من العوامل الأخرى التي ربما أسهمت بشكل واضح في إضعاف أحجام التداولات، خاصة أن هذا التراجع يحدث في وقت ترتفع فيه أسعار النفط إلى ضعف ما كانت عليه قبل ثلاثة شهور، أي ما بين 45 - 50 دولارا للبرميل.

ونبدأ بسوق "تداول السعودي" الذي دخل مرحلة جديدة اعتبارًا من الثالث من أبريل الماضي عندما تقرر تمديد ساعات التداول بمقدار ساعة إضافية تبدأ من العاشرة صباحًا بدلًا من الحادية عشرة، على أن يسبق ذلك نصف ساعة لمرحلة ما قبل التداول.

وقد كان لهذا القرار تأثير سلبي على أحجام التداول فانخفض متوسطها اليومي إلى نحو 4 مليارات ريال بعد أن كان يزيد على 6 مليارات ريال في الفترات السابقة.

وهذه النتيجة كانت متوقعة باعتبار أن بورصة قطر قد مرت بتجربة مماثلة منذ سنوات. فالمعروف أن تداولات قطر كانت تتم ما بين الساعة التاسعة والنصف والحادية عشرة والنصف يوميًا، مع وجود فترة واحدة لما قبل التداول ما بين التاسعة والتاسعة والنصف.

وكان لإطالة الفترة حتى الواحدة والربع يوميًا تأثير سلبي على أحجام التداولات، فانخفضت بشكل ملموس، دون أن يتم التحرك لتفادي هذه النتائج السلبية.

الجدير بالذكر أن بورصة قطر كانت قد جربت إطالة فترة الدوام في فترة سابقة، ولمدة محدودة، ثم ما لبثت أن عدلت عنها بعد أن اكتشفت تأثيرها السيئ على أحجام التداول. ويضع ذلك علامة استفهام كبيرة عن أسباب ومبررات العودة لنظام التداول الممتد، رغم عدم ثبوت جدواه في السابق.

وها هي نتائج القرار السعودي المماثل تؤكد الحاجة إلى العودة إلى النظام المركز في ساعتين بدلًا من ثلاث ساعات ونصف الساعة. بخلاف فترتي ما قبل التداول وما بعده.

ومن جهة أخرى نجد أن أحجام التداول اليومية في بورصة قطر قد تعرضت لضغوط أخرى من جراء بعض القرارات التنظيمية، خاصة القرار الذي يُلزم المستثمرين الذين تجاوزت ملكياتهم من أسهم بعض الشركات نسبة الـ 5%، بتصفية الزيادة، وأعطاهم مهلة لذلك خمس سنوات، وهي فترة تبدو معقولة وكافية، وإن كان لها تداعيات غير مباشرة. المعروف أن التجاوز في معظم هذه الحالات لم يكن متعمدًا وإنما جاء بغير قصد، ونتيجة لعمليات انتقال الملكية بالتوريث.

فقد ترتب على هذه التجاوزات تأثيرات مُربكة فيما يتعلق بالتصويت في اجتماعات الجمعيات العمومية، وانتخابات أعضاء مجالس إدارات الشركات.

وفي حين كان من الممكن صدور قرار يقضي بتجميد حصة حملة الأسهم على الـ 5% القانونية عند التصويت والانتخاب، فإن تجاوز ذلك إلى المطالبة بضرورة تصفية الأسهم الزائدة قد أضر بتداولات البورصة من زاويتين: الأولى: أنها أجبرت هذه الفئة من حملة الأسهم على عدم شراء أي كميات جديدة منها، والثانية: أنها باتت تطالبهم بالتصفية التدريجية لتلك الزيادة.

وبالنتيجة فإن هذا القرار قد أضر بأحجام التداول في البورصة فتقلصت إلى أن وصلت إلى مستويات متدنية كما أشرت إلى ذلك أعلاه.

وفي ظل عوامل أخرى كالعامل الموسمي، وعامل فترة التداول الممتدة، وعامل تراجع الأرباح والتوزيعات لنصف عدد الشركات المدرجة عن عام 2015، فإن التراجع في التداول اليومي قد يستمر، وقد ينخفض إلى ما دون المائة مليون ريال يوميًا، خاصة إذا ما دخل شهر رمضان بعد أيام، وما قد يصاحب ذلك من تفضيل بعض المستثمرين للاعتكاف والابتعاد عن الأسواق.

ويظل في بعض ما كتبت رأي قد يحتمل الصواب والخطأ... وكل عام وأنتم بخير.

نقلا عن الشرق القطرية