قال رئيس شركة شلمبرجير اكبر شركات خدمات النفط في العالم مؤخرا: «ان الانخفاض في الاستثمارات العالمية في عمليات استكشاف وانتاج النفط قد وصلت الى مرحلة لا يمكن الا ان تؤدي الى خفض الانتاج العالمي للنفط في المستقبل المنظور». وهذا بكل تأكيد سيؤدي الى ارتفاع اسعار النفط في النهاية.
ولقد انخفضت الاستثمارات العالمية باستكشاف وانتاج النفط من منتصف عام 2014م ومع بداية الهبوط الكبير لاسعار النفط بشكل كبير كما يعرض الشكل.
ويرجع السبب الرئيس الى هذا الانخفاض الى الاساسيات وهي ان الاستثمار لم يعد ذا جدوى في ظل الاسعار الحالية لا سيما بوجود فرص استثمارية ذات عائد أفضل. وهذا ما جعل شركات النفط العالمية تتخلى عن أكثر من ثلثي حفاراتها وتخفض إنفاقها على عمليات البحث وإنتاج النفط.
ويبدو أن حوالي 250 ألف عامل في صناعة النفط قد فقدوا وظائفهم، نصفهم في الولايات المتحدة. وأما الاستثمارات في اكتشاف حقول نفط جديدة بالعالم فلقد انخفضت من 95 بليون دولار في عام 2014م الى 41 بليون دولار لهذا العام وسوف تنخفض في العام القادم أيضا. وهذا يعني ان الشركات العالمية قد بدأت تفقد الرغبة في الاستثمار بصناعة النفط وهذا سينعكس لا محالة على الامدادات.
يمتلك العالم حوالي 1600 بليون برميل احتياطيات مؤكدة من النفط التقليدي وحوالي 400 بليون برميل نفط غير تقليدي بتكلفة انتاج مرتفعة.
ويستهلك العالم سنويا حوالي 35 بليون برميل، وهذا يعني ان الاحتياطيات العالمية تكفي العالم لمدة تقارب 50 عاما بمعدل الاستهلاك الحالي. ولكن من اهم الامور التي حدثت في عام 2015م هي قلة الاكتشافات النفطية التي تساهم في رفع الاحتياطيات العالمية.
فلقد سجلت الاكتشافات النفطية في العام الماضي 2.8 بليون برميل فقط وهذا يعني ان العالم قد بدأ يستهلك من الاحتياطيات بدون رفعها بالاستثمار والاستكشافات. وعلى سبيل المثال وبسبب انخفاض اسعار النفط الحالية فلقد تخلت شركة كونوكو فيليبس عن اعمال الانتاج في الحقول المغمورة بالمياه لارتفاع تكلفة انتاجها.
وخفضت شركة شيفرون وبعض الشركات الاخرى من حجم الاستثمارات في صناعة النفط. وكانت شركة شيفرون قد اعلنت عن خسائر عن الربع الاول لهذا العام مما يعكس اوضاع شركات النفط العالمية.
ولكن هل من المعقول ان ما تم اكتشافه في العام الماضي من النفط لا يشكل الا اقل من 10% من النفط الذي تم استهلاكه لنفس العام وهذه هي اقل كمية يتم اكتشافها من النفط منذ عام 1954م. وهذا بكل تأكيد مؤشر الى ان زمن النفط الرخيص قد يكون اوشك على النهاية.
بالاضافة الى ان معظم الاكتشافات الاخيرة كانت في المياه العميقة ذات الكلفة الانتاجية المرتفعة. فعلى سبيل المثال بسبب انخفاض اسعار النفط بدأت صناعة النفط بمياه البرازيل العميقة تواجه مشاكل كبيرة ستؤثر سلبا على الانتاج.
ويجب ملاحظة ان معظم انتاج العالم الحالي من النفط هو من الحقول المكتشفة وليس من الحقول الجديدة. وبحسب ماكينزي فانه اذا ما استمرت الاكتشافات النفطية بهذه الوتيرة المنخفضة فان امدادات النفط العالمية قد تنخفض بحوالي 4 ملايين برميل باليوم بحلول 2035م وهذا سيؤدي الى ارتفاعات كبيرة وقد لا تكون بالحسبان باسعار النفط. وهذا يضع اكثر من علامة استفهام ايجابية على مستقبل النفط الخليجي.
الحقيقة ان ما يحدث حاليا في نوعية الاكتشافات الجديدة يجعلنا نفكر مليا في الامر. ففي آخر اكبر اكتشافين للحقول الهيدروكربونية واللذىن تم الاعلان عنهما في العام الماضي وكانا لحقل ظهر المصري والذى اعلنت عنه شركة ايني الايطالية، والحقل الذي اعلنت عنه شركة كوزموس للطاقة بين موريتانيا والسنغال.
وكلا الحقلين يحتويان عن كميات كبيرة من الغاز وكميات قليلة من السوائل وقبل هذين الاكتشافين كان اكتشاف كميات غاز كبيرة شرق البحر المتوسط. وقد يقترح هذا النوع من الاكتشافات ان الغاز غير المكتشف اكثر من النفط غير المكتشف. وهذا قد يكون بداية نهاية عصر النفط الرخيص.
ولو رجعنا بالذاكرة الى الوراء لوجدنا ان الاكتشافات الكبيرة لحقول النفط التقليدي قد تضاءلت بشكل لافت للنظر حتى انها اوشكت على الانتهاء. ويمكن تلخيص اكبر الاكتشافات النفطية في التاريخ للحقول العملاقة فيما يلى:
1- حقل غوار وقد تم اكتشافه في عام 1948م ويحتوي على حوالي 160 بليون برميل.
2- حقل برقان الكويتي وقد تم اكتشافه في عام 1938م ويحتوي على 150 بليون برميل.
3- حقل سانتوس بالمياه العميقة البرازيلية وقد تم اكتشافه في عام 2007م ويحتوي على حوالي 35 بليون برميل.
4- حقل الفردوس الايراني وقد تم اكتشافه في عام 2003م ويحتوي على حوالي 33 بليون برميل.
5- حقل كاشغان في كازاخستان وقد تم اكتشافه في عام 2000م ويحتوي على حوالي 30 بليون برميل.
وهذا يعني ان آخر اكبر اكتشاف لحقول النفط التقليدي هو حقل سانتوس البرازيلي وهو حقل ذو كلفة انتاجية مرتفعة لانه يقع في المياه العميقة، ولقد استثمرت شركة بتروبراس الى الآن عدة مئات من مليارات الدولارات حتى تستطيع الانتاج من هذا الحقل.
ويمكن للمتابع ان يحلل تسلسل الاحداث خاصة في اضافة احتياطيات جديدة ضخمة للنفط، حيث تجمع المصادر العلمية انه ومنذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي ان العالم يستهلك من النفط اكثر ما يستكشف. ويمكن القول ان العالم يستهلك سنويا حوالي 35 بليون برميل مقابل اكتشاف 10 بليون برميل.
ويبدو واضحا ان اهم واكبر الاكتشافات النفطية قد تمت قبل نهاية الالفية الثانية واما الاكتشافات الاخيرة فأغلبها يقع بالمياه العميقة وهذا يعني ان لتطور التقنيات واساليب الاستكشاف اليد الطولى بهذه الاكتشافات. وعلى كل حال يبدو ان اكتشافات حقول نفط عملاقة على اليابسة او بالقرب من السواحل قد قاربت على الانتهاء.
وهذا ما جعل شركات النفط تستثمر في تطوير تقنيات جديدة لانتاج نفط غير تقليدي وقد رأينا ومنذ بدايات عام 2011م بزوغ نجم قادم جديد وهو النفط الصخري الامريكي.
ولكن يبقى السؤال المحير لدول الخليج العربي وهو كيفية مواجهة المستقبل القريب وبأي استراتيجية؟. هل بالمحافظة على نفطها من النضوب لان المستقبل قد يكون بأمس الحاجة له فيصبح هذا النفط صمام الامان. او بالمحافظة على دور النفط في خليط الطاقة العالمي وذلك بتوفير الكميات اللازمة للعالم وباسعار معقولة وهذا يعني رفع الانتاج وخفض الاحتياطيات.
ولكن السؤال الاكبر هل ستبقى قيمة النفط بعد 30-40 سنة كما هي الآن ام ستزداد بحكم قلة وتراجع الامدادات، ام ستنقص بحكم ارتفاع المنافسة من المصادر المتجددة غير الملوثة للبيئة ووضع قوانين صارمة في الدول الغربية تقلل من استهلاك النفط؟.
نقلا عن اليوم
كلام صحيح استلذنا ويقابل هذا التوصل للتقنيات تقلل من استهلاك النفط وايضا الطاقة البديلة عن النفط.
العجيب بأن هذا التسائل بعد ان وصل البترول على مشارف 50 دولار اين هذا التسائل عندما وصل البترول ادنى من 30 دولار
لم يناقش المقال مدى استهلاك الدول المنتجه للنفط و احتمالية وقفها عن التصدير مما يجعل الامر أكثر تعقيد - مثل البرازيل والولايات المتحده على المدى القريب معدل الاستيراد سيرتفع بشكل مطرد مما سيؤدي الى تعطيش السوق وارتفاع الاسعار بشكل جنوني - ناهيك عن ان بعض دول المنتجه للنفط أصبحت أكثر احترافيه واستهلاك في تكرير النفط وبيعه عل شكل مشتقات ومنتج نهائي يعاضده ارتفاع الاستهلاك العالمي
الاستراتيجيه المناسبه لدول الخليج هي العوم مع التيار العالمي في بيع النفط مع اعطاء الاولويه لبيع النفط على شكل منتجات بشكلها النهائي والتخلي عن لعب دور المدافع عن أسعار النفط وتطوير الشركات البتروكيماويه وشركات المنتجات النهائيه ( و لعب دور الداعم للمنتجات البتروليه المسالمه للبيئه )
المخصصات عموما ترتفع عادة مع ارتفاع المواد الاستهلاكيه والمعيشيه وانخفاض الدخل والتذبذبات الاقتصاديه والسياسيه - والمخصصات تؤثر بشكل كبير على التصنيف الائتماني