من المعروف أن الأحمال الزائدة تعطل وصول أي قافلة على أسوأ الإحتمالات وعلى أفضلها سيتعثر وصولها في الوقت المحدد أو إلى الهدف المنشود، وكانت لرؤية المملكة 2030 الأثر البالغ في نفوس المواطنين كونها رؤية تنبض بروح الشباب الذين يشكلون السواد الأعظم من الشعب، فهي منهم ولهم ولا تهدف إلا لحل مشكلاتهم من البطالة إلى الإسكان مروراً بالتعليم والصحة بكل صدق وشفافية، ومن هذا المنطلق يجب أن نعترف أن لدينا في السعودية مشاكل تراكمية كبيرة ربما ستعطل وصولنا إلى الهدف المنشود في عام 2030 م لذلك يجب النظر بجدية وعمق في بعضها والعمل على حلها بأسرع وقت وبشكل فوري لأنها تعتبرمتفاقمة وستزداد تعقيداً بمرور الوقت وسنحتاج لسنوات طويلة لمعالجتها لا تنتهي في 2030 م وعلى رأسها:
البطالة
يعتبر الرقم المزدوج للبطالة في السعودية وهو 11% رقماً مخيفاً ليس لكونه مزدوجاً فقط بل لأنه لم يتم تحديثه منذ عدة سنوات، ففي كل عام تدفع الجامعات والمعاهد بمئات الألوف من الخريجين والخريجات لسوق العمل المعتل الذي يعاني من سيطرة واسعة من العمالة الوافدة في عدة مجالات حيوية ويفرض من هذا الأساس رواتب زهيدة، ومشاكل أخرى تتلخص في ساعات العمل وإنعدام التدريب والأمان الوظيفي، ومن المفروض أذا كانت هذه المشلكة واقعية وهي كذلك بكل تأكيد فمن المعقول أنها متراكمة وتزداد تراكماً فهي تحتاج لرؤية فورية وعمل مباشر لحلها في أسرع وقت، لأن البطالة منبع الخبائث ومصدر لكثير من الأمور التي تدمر مستقبل الشاب وتكبح طموحه وتدفع به إلى الشرور التي يرفضها المجتمع.
التستر التجاري وتحويلات العمالة الوافدة
عندما أستفحل أمر البطالة بدأ يعلو صوت من ينادي بالعمل الحر وصناعة رواد الأعمال ودعمهم بتسهيلات مالية لينطلقوا إلى عالم أفضل من الوظيفة وأكثر مردوداً وكل هذا غير دقيق ويثبته التستر التجاري أو مايسمى بالأقتصاد الخفي وما يدعم هذه المزاعم التحويلات الهائلة التي تخرج من المملكة بشكل متصاعد التي لا تعكس دخل المقيم الحقيقي، وهذا يعتبر أكبر إثبات على سيطرة شريحة واسعة من العمالة على قطاعات حيوية على رأسها التجزئة والخدمات فكيف سيستطيع السعودي منافسة مافيات تدير هذا القطاعات.
التعليم
من المفروض أن تنتج مؤسسات التعليم قادة الغد المتسلحين بالثقافة والمعرفة بعد التربية وصقل الأخلاق والمواهب، ومن المعقول جداً بل ومن الضروري أن يوضع هذا القطاع تحت المجهر بمشاركة شعبية واسعة لتحديد مواطن الخلل ومعالجتها بحزم وعلى وجه السرعة، لأن الخلل في هذا القطاع سيصبغ به جيل بأكمله ولحين تصحيح أي مشكلة سنحتاج لجيل جديد نعالجها من خلاله.
الأسكان
هذه المعضلة تتطلب إجراءات قاسية لاتنظر لأي إعتبار مهما كان حساساً فبحسب الأبحاث والإحصائيات سيزداد تعداد سكان المملكة بعد 15 سنة بنسبة 34% وهو الأمر الذي يتطلب إنتفاضة عاجلة لطرح القوانين والمسوغات لتسهيل تملك الأراضي وعمليات التشييد ووضع تسعيرات محددة ومواصفات مناسبة تدفع بعجلة الإسكان لتسير بأقصى سرعتها.
الصحة
أظهرت الإحصائيات إن عام 2030م هو العام الذي سيصبح فيه نصف سكان السعودية مصابين بداء السكر إذا لم تفعل إجراءات تحد من ذلك الإنتشار الكبير لهذا المرض المنبثق أساساً من السمنة التي وصلت نسبتها في المملكة إلى 36% وهو أمر خطير من الناحية الصحية والإقتصادية، وإن لم يعالج بطرق توعوية وفرض ضرائب عالية تعوض تكاليف العلاج على السلع الضارة بالصحة العامة ستتراكم هذه المشكلة وستعجز المستشفيات عن مواكبة هذه التغييرات وهنا مرض السكر مثال فقط كيف لو أحتسبنا التدخين والأمراض التي ينتجها أيضاً.
الخلاصة... أن رؤية المملكة 2030 لا شك انها قيادية وستنقل المملكة نوعياً ومادياً إلى مصافي الدول ولم تعتمد إلى لتقضي على هذه المشاكل بالتحديد ولكن يبقى هناك بعض الإجراءات العاجلة التي لاتحتمل التأجيل حتى للشهر القادم ومن المفترض حال تفعيلها أن نلمس بعض الفوائد قبل أن تتضاعف تلك المشاكل ويصبح حلها مكلف ويحتاج لعقود من الزمن.