«الرؤية السعودية» ليست فقط طرح نسبة من أرامكو

01/05/2016 1
عبدالرحمن الخريف

قد يكون من الملاحظ بالمؤتمر الصحفي بعد إعلان «الرؤية السعودية 2030» أن استفسارات الإعلاميين الغربيين تركزت على موضوع طرح نسبة من شركة أرامكو للاكتتاب، وهو أمر متوقع باعتبار أن ذلك هو ما يهم الصحف ووسائل الإعلام العالمية لكون أرامكو شركة نفط عالمية ومؤثرة، ولكن الغريب أن يغلب على ما يتم طرحه عن الرؤية محليا، وفي تعليقات المواطنين بقنواتنا موضوع أرامكو على الرغم مما تحتويه الرؤية من أفق واسع بمختلف المجالات وتحليل شفاف للوضع الراهن وما نعانيه من أزمات ومعوقات كان للمجتمع مطالبات لتلافيها وفشلت كل الحلول معها، كما تضمنت أفكارا طال انتظارنا لإقرارها وأهداف طموحه للارتقاء بالوطن وأبنائه وتأسيس مستقبل زاهر يمكن أن يتحقق بإذن الله ثم بتوفر المقومات لذلك!

وأمام الاهتمام المحلي والعالمي بموضوع طرح جزء من أرامكو بالأسواق وما تتضمنه بعض المقابلات الفضائية والمقالات الصحفية العالمية وأحاديث المجالس من مغالطات وعدم فهم لطبيعة عمل الشركة وحدودها، وهو موضوع يمثل جزء بسيط مما تحمله الرؤية، فإنني أرى أنه يجب أن لا تقتصر اهتماماتنا ومشاكلنا الحالية وطموحنا على هذه الجزئية التي وردت ضمن الرؤية كمجال استثماري جديد يشمل جميع الشركات الحكومية لتحويلها للعمل وفق الأسس التجارية، مع أن سمو رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية قد أوضح صراحة بأن الهدف من طرح نسبة أقل من (5%) بالشركة للاكتتاب وبالسوق المحلي أو العالمي هو لزيادة الشفافية بأعمال وقوائم الشركة المالية وتوفير المزيد من الرقابة من البنوك ومراكز الدراسات والمحللين كأي شركة استثمارية أخرى، فشركة أرامكو لها حق الامتياز للتنقيب عن النفط بأراضي المملكة ولا تملك النفط في باطن الأرض الذي يعتبر ملكا للدولة، وتقوم الشركة بسداد 85% من إيرادات بيع النفط كضريبة سنوية لمصلحة الزكاة والدخل وهو الذي يمثل الجزء الأكبر من إيرادات الدولة!

وتحتفظ فقط بنسبة (15%) كاحتياطيات ولمشاريعها الاستثمارية، أي أن الطرح سيكون للشركة المشغلة للتنقيب والاستخراج والاستثمار للنفط المملوك للدولة ولنسبة أقل من (5%) بأسهم الشركة بعد تقييم جميع أصولها واستثماراتها وشركاتها داخل وخارج المملكة، ومن أهداف الطرح أيضا لأرامكو وغيرها من الشركات الحكومية هو الحصول على تقييم حقيقي لممتلكات الدولة بإعادة تقييم أصول الشركات وفقا للقيمة السوقية لكون الكثير منها مسجلة بقوائم الشركة بقيمة الاقتناء (الشراء) كما أن المنح من الدولة كالأراضي تسجل عادة بقيمة رمزية فقط مثل (1) ريال للمتر، وبالتالي فإن القوائم المالية الحالية لا تعكس القيمة الحقيقية للشركة والتي يعتقد سموه أن القيمة التقديرية قد تصل (2) تريليون دولار في حين أنه بسبب اللبس وعدم الوضوح للغرب قدرت عام 2015م ب(10) تريليون دولار!

ومن هنا فإن التركيز على طرح جزء من أرامكو عند الحديث عن الرؤية يمثل اختزالا لأهداف الرؤية لكون الذراع الاقتصادي هو الاستثمار لطرح أرامكو وغيرها من الشركات والتنظيمات وكأداة فعالة لتحقيق الأهداف التي تهم الجميع، وما سيتم لتقدير حقيقي لممتلكات أرامكو وفق القيمة السوقية -والتي سترفع حجم الشركات الاستثمارية الوطنية- سيتم لجميع الشركات الحكومية القائمة وسيطرح جزء منها للاكتتاب، كما أنه وفق خطة التحول سيتم تحويل ممتلكات وأعمال جهات حكومية خدمية لشركات جديدة يتم إنشاؤها للعمل وفق إدارة القطاع الخاص وستقدر ممتلكاتها بالقيمة السوقية التي ستحول كأصول لتلك الشركات تمهيدا لطرح جزء منها أيضا وبهدف التخلص من الإنفاق عليها ورفع مستوى الخدمات المقدمة وكفاءة الانفاق العام وإيقاف الهدر من قبل الجهة الحكومية أو المستفيد من الخدمة، والأهم حاليا هو العمل على وضع آليات يمكن أن يتم فعلا من خلال واقعيتها تنفيذ هذه الرؤية الطموحة وبدون الإضرار بالطبقة الوسطى والأقل التي تحرص عليها القيادة.

نقلا عن الرياض