هل المملكة بحاجة إلى البنوك المتخصصة

26/04/2016 0
د. عبد العزيز بن سعد الدغيثر

كتبت في مقال سابق عن ضرورة تعديل النظام البنكي بما يتوافق مع التطور السريع للملكة من حيث القفزات الاقتصادية والتطور التقني والمنتجات البنكية المبتكرة، واقترحت أن يشمل التطوير تسهيل دخول مصارف جديدة في السوق، وتسهيل الحصول على تراخيص البنوك وفتح المجال للبنوك المتخصصة، وفي هذا المقال توضيح لفكرة البنوك المتخصصة.

وبداية نقول إن الجهاز البنكي في أي مجتمع يتكون من عدد من البنوك تختلف وفقًا لتخصصها والدور الذي تؤديه في المجتمع، ويعتبر تعدد أشكال البنوك من الأمور الناتجة عن التخصص الدقيق، والرغبة في خلق هياكل تمويلية مستقلة تتلاءم مع حاجات العملاء والمجتمع.

ويتصدر الجهاز البنكي في الدولة البنوك المركزية ويمثلها في المملكة مؤسسة النقد، ولا يُعلم سر تسميتها بمؤسسة النقد حتى الآن ، وأعتقد أنه آن الأوان لتغيير الاسم إلى البنك المركزي أو المصرف المركزي. 

وتعتبر مؤسسة النقد كالقلب للجهاز البنكي، وعملها متركز على الإشراف على النشاط البنكي وإصدار أوراق النقد، والمحافظة على استقرار قيمتها، كما تقوم بالخدمات البنكية للحكومة وتقدم لها العون في إدارة السياسة المالية والنقدية، ويمكن أن يطلق عليها "بنك الحكومة"، إضافة إلى ذلك فمؤسسة النقد (البنك المركزي) تمثل "بنك البنوك" لكونها تحتفظ بحسابات بقية البنوك لديها، وتقوم بإجراءات المقاصة بينها، وتقديم بعمليات الإقراض والاقتراض من البنوك حسب الحال، كما تنفذ للبنوك عمليات التبييت.

ويعد نِظـام مؤسسـة النقـد العـربي السعـوديِّ من أقدم الأنظمة السعودية، فقد صدر بالمرسوم الملكي ذي الرقم 23 والتاريخ 23/5/1377هـ، ونص في مادته الأولى على أن أغراض مؤسسة النقد العربي السعوديِّ، ما يلي:

1- إصدار ودعم النقد السعوديِّ، وتوطيد قيمتِه في داخِل البِّلاد وخارِجِها.

2- أنَّ تقوم بأعمال مصرِف الحُكومة.

3- مُراقبة البنوك التِجارية والمُشتغلين بأعمال مُبادلة العُملات.

 وحرص ولاة الأمر على منع أي تصرف يخالف الشريعة الإسلامية التي تنتهجها المملكة، فقد أكدت المادة الثانية من نظام مؤسسة النقد على أنه لا يجوز لمؤسسة النقد العربي السعوديِّ دفع أو قبض فائدة، وإنما يجوز لها فقط فرض رسوم لقاء الخدمات التي تؤديها للجمهور أو للحُكومة، وذلك لسد نفقات المؤسسة، وتصدُر تلك الرسوم بلائحة يُقِرُها مجلِس الإدارة ويوافِق عليها وزير المالية.

وفي المادة السادسة: " لا يجوز لمؤسسة النقد العربي السعوديِّ القيام بأي عمل من الأعمال الآتية: 1-     مُباشرة أي عمل يتعارض مع قواعِد الشريعة الإسلامية السمحاء، فلا يجوز لها دفع أو قبض فائدة على الأعمال".

ومؤسسة النقد حريصة كل الحرص على تطبيق هذه المواد، وهي بحاجة إلى عون المختصين في الفقه المصرفي، وأعتقد أنه آن الأوان لتعيين لجنة شرعية للتأكد من تطبيق هذه المادة على تعاملات مؤسسة النقد مع البنوك في الإقراض والاقتراض والتبييت، ومن يعرف معالي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك، المحافظ المبارك لمؤسسة النقد يوقن بأن بركته ستكون كبيرة على النظام المصرفي في المملكة.

والنوع الثاني من البنوك بالمملكة البنوك التجارية ويسميها البعض "بنوك الودائع" لكون الودائع المصدر الأساسي لمواردها إذ تقوم بقبول أموال المودعين التي تستحق عند الطلب أو بعد فترة من الزمن، كما تقوم بمنح قروض وتمويلات قصيرة الأجل بضمانات مختلفة. كما تقوم بتحصيل الأوراق التجارية، وخصم وقبول الأوراق التجارية وخصم المستخلصات الحكومية، وشراء وبيع العملات الأجنبية، وفتح الاعتمادات المستندية، وإصدار خطابات الضمان، ونحو ذلك.

وقد كانت البنوك التجارية تنتهج الطريقة التقليدية في تعاملاتها، وبعد تعاون البنوك مع المختصين بفقه البنوك أوجدت بدائل لجميع الأعمال البنكية التقليدية المهمة، ولذا فلا نكاد نجد منتجا مصرفيا إلا وله بديل يفي بالغرض.

ومن أنواع البنوك التجارية البنوك ذات الفروع( Branch Banks) وهي مؤسسات مصرفية تتخذ غالبًا شكل الشركات المساهمة وتكون لها فروع في كافة الأنحاء الهامة من البلاد؛ وبنوك السلاسل (Chain Banks) وهي بنوك تمارس نشاطها من خلال فتح سلسلة متكاملة من الفروع، وتكون عبارة عن عدة بنوك منفصلة عن بعضها إداريًا ولكن يشرف عليها مركز رئيسي واحد يتولى رسم السياسات العامة التي تلتزم بها كافة وحدات السلسلة؛ وبنوك المجموعات (Group Banks) وهي أشبه بالشركات القابضة التي تتولى إنشاء عدة بنوك أو شركات مالية فتمتلك معظم رأسمالها وتشرف على سياستها وتقوم بتوجيهها.

ولهذا النوع من البنوك طابع احتكاري وقد انتشرت مثل هذه البنوك في الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا؛ والبنوك الفردية (Unit Banks)  وهي منشآت صغيرة يملكها أفراد أو شركات أشخاص، ويقتصر عملها في الغالب على منطقة صغيرة أو تتميز عن باقي أنواع البنوك بأنها تقصر توظيف مواردها على أصول بالغة السيولة مثل الأوراق المالية والأوراق التجارية المخصومة، وغير ذلك من الأصول القابلة للتحويل إلى نقود في وقت قصير وبدون خسائر.

والسبب في ذلك هو أنها لا تستطيع تحمل مخاطر توظيف أموالها في قروض متوسطة أو طويلة الأجل بسبب صغر حجم مواردها.

وتعتمد هذه البنوك في نشاطها على ما يتمتع به أصحابها أو مديروها من خبرات مصرفية وما يحوزونه من ثقة المتعاملين، ويقتصر هذا النوع من البنوك على الدول الرأسمالية؛ والبنوك المحلية (Local Banks) هي تنشأ لتباشر نشاطها في منطقة جغرافية محددة، وقد تكون مقاطعة أو ولاية أو محافظة أو حتى مدينة محددة.

ومن أنواع البنوك بنوك الاستثمار (Investment Banks)  ويسميها البعض  "بنوك الأعمال" وتستهدف تقديم الخدمات لرجال الأعمال والشركات التي تحتاج إلى الأموال النقدية لزيادة قدرتها الإنتاجية. كما تقوم بإصدار الأوراق المالية الخاصة بالشركات، والسندات الحكومية وضمان تغطية الأسهم والسندات المعروضة على الجمهور خلال فترة عرضها للاكتتاب العام.

كذلك تقوم هذه البنوك بالاشتراك في إنشاء بعض الشركات الصناعية أو التجارية وتساعد على تدعيم هذه الشركات وذلك عن طريق تمويلها أحيانًا وعن طريق إصدار سنداتها أحيانًا أخرى. وهناك بنوك استثمار تقوم بشراء شركات خاصة أو عامة وإعادة هيكلة أسهمها وبيعها للمستثمرين.

ومن أنواع البنوك البنوك الصناعية (Industrial Banks) وهو مختص بتمويل المنشآت الصناعية من إنشاء للمصانع الجديدة وتوسعة للمنشآت القائمة أو الحصول على رأس المال العامل لها.

ومن أنواع البنوك البنوك العقارية (Real Estate Banks)  ومهمتها تمويل القطاع العقاري بضمان الأراضي والمباني.

ومن أنواع البنوك البنوك الزراعية (Agricultural Banks) وهي  مختصة بتمويل القطاع الزراعي من مستلزمات إنتاج (أسمدة – آلات ومعدات.. الخ).

ومن أنواع البنوك التي تحتاجها المملكة بنوك المقاولين (Contractors Banks)، ومهمتها تقديم خدمات التمويل للمقاولين وشراء المستخلصات وإصدار خطابات الضمان التي يحتاجها كل مقاول.

وهناك أنواع أخرى من البنوك المتخصصة مثل: 

1-بنوك التجارة الخارجية Foreign Trade Banks 

2-أو بنوك الاستيراد والتصدير Export/Import Banks، 

3-وبنوك الادخار Savings Banks، 

4-وبنوك المحليات Municipal Banks.

وبالجملة، بلدنا بلد كبير وتطوره ملحوظ، ومتسارع، ونتمنى أن تواكب أنظمتنا المصرفية هذا التطور بتعديل الأنظمة. وأنا واثق أن ربان سفينة السياسة المصرفية في جعبته الكثير والكثير، فانتظروا إنا منتظرون.

خاص الفابيتا _ أرقام