السياسة الاقتصادية ليست تجميع المال

18/04/2016 6
فواز حمد الفواز

يدور جدل مالي ظهر و كأنه نقاش اقتصادي . هيكليا الحالة المالية في المملكة وقعت ضحية ظروف اقتصادية واجتماعية نتيجة ممارسات بدات منذ 1971 و لكن بوتيرة قوية منذ 1998.

تزامن الظرف الموضوعي بالتعويض عن ما فات و تقصير في  الاستثمارات الداخلية وخاصة في البنية التحتية والرغبة الجامحة في استمرار دولة الرفاة.

عبر عنها تزايد المصروفات العامة الجارية مثل التوظيف الحكومي وخفض اسعار الوقود والتوزيعات المختلفة.

ادمن المجتمع وقيادته الاقتصادية ( المالية ) على استمرار دولة الرفاة وغاب اي نقاش اقتصادي حقيقي.

سيطر عليه عقلية : دبر نفسك في ظل منظومة الرفاة - اي حاول ان تحصل على المال في اسرع وقت وبأقل جهد ممكن ولذلك تشكلت منظومة سلوكية تتمحور حول الحصول على المال العام وكانه هدف سهل بحد ذاته.

الذي لا نستطيع تحليله هو ارتفاع درجة النقد و كانه في علاقة ترابط  إيجابية مع دولة الرفاة .

الشي الوحيد الذي يمكن ذكره هنا هو مدى قوة حاجة الناس للمقارنة  المالية بينهم دون علاقة مع طبيعة او كفاءة  الدور الاقتصادي.

إغفال الجانب السلوكي خطأ فادح ولكن لازال هناك إصرار على مركزية النهج المالي.

يهدف تجميع المال لاستمرار دولة الرفاة وليس بناء اقتصادي مختلف.

النتيجة اننا نمارس سياسة غير قابلة للاستمرار لان المال وسيلة وليس غاية.

المال أيضاً غاية للفرد ( على الاقل للاغلبية العظمى ) ولذلك يصبح الجانب السلوكي مركزي و لكننا نعمل على إخفائه لانه يكهرب منظومة العلاقات المجتمعية رأسيا وأفقيا.

الوعي بالاستحقاق الرفاهي شيء و دور القيادات الاقتصادية استباقيا شي اخر.

تجميع المال من خلال التخصيص او الرسوم او الضرائب وتقليل الدعم وخفض النفقات خطوات عملية احيانا ضرورية واحيانا تساعد في السياسة الاقتصادية ولكنها أيضاً قد لا تلتقي مع الاقتصاديات الحصيفة وقد تاتي بنتائج عكسية في نقاط تحول معينة.

فرز هذه الأدوات وتوقيت توظيفها يناقش في الفضاء الاقتصادي وليس توفير المال.

التركيز المالي في الغالب ياتي على حساب التفكير والعمل الاقتصادي وخاصة في عنصرها البشري.

نحن لازلنا في اول السلم الاقتصادي ولكن دور الفريق الاقتصادي ان يفكر استباقيا وان يكون خلاقا وشجاعا.

السعي لتجميع المال من خلال تقشف او تخصيص سطحي ليس عمل خلاق او شجاع.

تجميع المال لاستمرار دولة الرفاة ياتي على حساب التفكير خاصة في مجتمع فقير القدرات البحثية والتحليليه.

جاء هذا الفقر بسبب دولة الرفاة في انحراف بوصلة العنصر البشري على مدى  جيلين.

افضل تعبير عن هذا الانحراف جاء من خلال سياسة العمل على مدى الست سنوات الاخيرة خاصة التي اثبتت قصور واضح و لكننا اخترنا امتداد هذه السياسة الى ادارة الاقتصاد ككل.

المراقب  للتركيز على سياسة تجميع  المال عليه الخيار بين تفسيرين ، فأما أنه اعتراف بعدم الحاجة للتفكير الاقتصادي حيث اننا وصلنا الى الحل اخيرا او انه محاولة للتكيف على امل ان تتغير الظروف مستقبلا خاصة ان اقتصاديات التنمية ليست علم موثق او اننا نحاول من خلال الخطط الخمسية المتعاقبة وما تم إنجازه الى الان الا دليل على صواب السياسات الحاليه و المقترحه.

ليس لدي جواب و لكن ما يمرر الان هو سياسة تجميع أموال وليس سياسة اقتصادية.

احد تفرعات الفوضى الفكرية اننا لا نفرق بين تجميع المال او المحافظة على المال.

تجميع المال كما صور لنا اليوم بديل عن السياسة الاقتصادية ولكن المحافظة على المال لتقليص العجز في الميزانية جزء من سياسة مالية عامة لخدمة التحول الاقتصادي التدريجي.

هذة الفروقات تبدو لغوية و لكنها تحمل مضامين للنوايا الاقتصادية.

تجميع المال تكريس لدولة الرفاة بينما المحافظة على المال تقدير لتوظيف المال لتمرير سياسة اقتصادية مختلفة.

المفاضلة بين تجميع المال وبين سياسة اقتصادية حصيفة تتطلب حلقات نقاش صريحة وموسعة وليس ورش عمل محسومة النتائج لكي تصب في تعزيز قرارات اتخذت سلفا.

القرارات الاقتصادية التي نحن بصددها رسوم على الاراضي بدرجة مقبولة وعامة لكي لا تتضمن ارتفاع تكاليف في تطبيق القرارات وتحديد قبول الجامعات لأعلى 40%  من طلاب الثانوية العامة وحماية المواطن من الهجرة الاقتصادية وحماية رجل الاعمال من المواطن الغير منتج والتوقف عن ارتفاع تكاليف القطاع العام بما في ذلك التوظيف وتشجيع المنافسة و توسيع المشاركين في سوق العمل من المواطنين.

قرارات جزئية ولكنها عميقة لحين ترتقي الحالة الإنتاجية ثم نتجه للتخصيص والاستثمارات النوعية.

الثابت في هذه المنظومة هو رغبة في تفعيل دور المواطن والفرز الإنتاجي.

تجميع المال يكرس إنتاجية ضعيفة وطمس الفروقات بين المنتج وغير المنتج وله تاثير سلبي على المعنويات.

التركيز على جمع المال كبديل للسياسة الاقتصادية كمن يحاول ايجاد تفاصيل موقع على الخارطة من خلال مرآءة عاكسة.