المصارف على مشارف «بازل 4»

13/04/2016 0
عدنان أحمد يوسف

بينما لا تزال لوائح «بازل 3» قيد التنفيذ من قبل الكثير من الدول في العالم، إذ لن يفرض التنفيذ الكامل للاتفاق إلا بعد ثلاث سنوات أخرى، فقد أصدرت «لجنة بازل» للرقابة المصرفية في 14 كانون الثاني (يناير) 2016 تقريرها الخاص بحاجات رأس المال المنقحة لأخطار السوق.

ويعرف المعيار أيضاً بالمراجعة الجوهرية لمَحافظ المتاجرة. وهنا شبه اتفاق في اللقاءات على أن هذه المراجعات قد تؤدي إلى ما بات يعرف بـ «بازل 4».

وأخطار السوق (Market Risk) هي تلك التي تنشأ من الاتجاهات الصعودية والنزولية التي تطرأ على سوق رأس المال نتيجة الكثير من الأسباب التي تؤثر في التدفقات النقدية المتوقعة ومعدل العائد المطلوب على الاستثمار، سواء كانت الأسباب المؤثرة في الدولة ذاتها أو في دول أخرى تربطها بالدولة المعنية علاقات وثيقة.

وتنشأ أخطار السوق من الخسائر الناجمة عن المواقع الواردة داخل الموازنة أو خارجها، والناشئة عن التحركات في سعر السوق الخاص بالأصول.

وبالتالي فإن أخطار السوق هي تلك المتعلقة بالتغيرات في قيمة السندات أو المعاملات نتيجة لإدراج عمليات الانكشاف على الأسواق في السجلات التجارية والمصرفية للبنك.

كما تنشأ أيضاً من التحركات في أسعار الفائدة، أو الصرف الأجنبي، أو الأسهم، أو أسواق البضائع. وقد تتعرض معاملة واحدة، أو منتج مالي واحد للكثير من الأخطار مثل أخطار أسعار الفائدة، والصرف الأجنبي، والأسهم وأخطار البضائع، وغيرها.

وتعتمد فلسفة إدارتها في البنك على تحديد مختلف مستوياتها ومتابعتها وإدارتها بهدف حماية قيم الأصول وتدفقات الدخل، بما يحمي مصالح مودعي البنك والمساهمين، مع العمل على توسيع عائدات المساهمين. ويحرص البنك على تعزيز عائدات المساهمين مع توفير الحماية من التعرض للأخطار في إطار معايير يضعها البنك.

وبالنسبة لمتطلبات رأس المال التنظيمي لهذه المخاوف في السوق، تستخدم البنوك عادة أسلوب النموذج الداخلي على أساس نموذج القيمة المعرضة للخطر، المعتمد من قبل البنوك المركزية.

ومن الواضح إن الهدف من هذه المراجعة الجديدة هو ضبط معاملة المخاوف في السوق وتوحيدها في مختلف البلدان والولايات القضائية في العالم، من خلال جعل نموذج احتسابها أكثر حساسية للأخطار الفعلية المتضمنة في محافظ المتاجرة.

كما تهدف التعديلات إلى الفصل في شكل أكبر بين أعمال التمويل وأعمال المتاجرة في الأوراق المالية والعقارات وغيرها.

وبالتالي عدم تشجيع بنوك الاستثمار على المخاطرة بإفراط في دفاترها الخاصة والتي تتعلق بمحافظ تجارية لحسابها الخاص.

ويرى خبراء إن التعديلات الجديدة تستهدف إجبار البنوك وبالذات الاستثمارية منها على وضع حاجات كافية من رأس المال في مقابل هذه التهديدات في السوق.

ووفقاً لتقديرات «لجنة بازل» للرقابة المصرفية، سينجم عن هذه التعديلات فرض زيادات كبيرة في حاجات رأس المال.

وفي المتوسط، تعتقد اللجنة أنه ستكون هناك حاجة لزيادة التمويل بنسبة 22 في المئة. ودعت اللجنة البنوك للعمل على التقليل من هذه الحاجات من خلال إعادة النظر في محافظ المتاجرة لديها.

وقد تجبر هذه المراجعات على زيادة رأس المال الموجه لتهديدات السوق بنسبة 41 في المئة ولكن بالنسبة لبعض المصارف فإن الزيادة قد تصل إلى 800 في المئة.

ومن دون الدخول في الجوانب التقنية للمقترحات الجديدة، فأنها في شكل عام تركز على ثلاث قضايا رئيسية. القضية الأولى هي زيادة رأس المال لمقابلة محافظ المتاجرة في سجلات البنك. وهذا سيجعل قيام البنوك بالمتاجرة لحسابها الخاص في الأوراق المالية والسلع والعقارات وغيرها أكثر كلفة.

والقضية الثانية هي توحيد كيفية احتساب الأصول المرجحة بالأخطار (RWA-s) والقضاء على الخلافات القائمة. وهناك الكثير من الذين يعتقدون أن هذا التوحيد سيكون له أثر سلبي على إدارة الأخطار، حيث إن هناك أسباباً مشروعة للاختلافات في احتساب الأصول المرجحة بها في مختلف البلدان.

أما القضية الثالثة فهي إدخال تنقيحات في احتساب المخاوف التشغيلية ورأس المال المخصص لذلك.

إن هذه المقترحات لا تزال في وقت مبكر من المناقشة، وهناك الكثير من الشكوك بين البنوك الدولية الرئيسية في شأن تبني المزيد من اللوائح والتي تتطلب مزيداً من رأس المال فوق الزيادات الهائلة فيه والتي تم تنفيذها بموجب لوائح «بازل 3» على مدى السنوات الماضية. لكن نعتقد في الوقت ذاته إن مثل هذه التعديلات ضروري على المدى البعيد، وعلى البنوك العربية الاستعداد لمزيد من التشريعات الرقابية العالمية التي تحاول حماية النظام المالي العالمي.

والثقة كبيرة بأن أكثر البنوك العربية لن يتأثر بهذه السياسات، حيث أن عمل هذه المصارف في مجال محافظ المتاجرة قليل جداً.

نقلا عن الحياة