القيصر ... بين السياسه والاقتصاد

02/03/2016 3
محمد مهدى عبدالنبي

ادق توصيف لحالة روسيا الان هى مقولة اديبها الشهير ليو تولستوى " إذا وجد المضمون انصاع الشكل " .. فمنذ عام 2000 والرئيس الروسى فلاديمير بوتين هو مضمون مؤثر فى بلاده والعالم …بوتين ادرك حقيقة اجتماعيه سياسيه وهى ان الامم القديمه لا يمكنها العمل بدون زعامه ابويه وإن الجماهير تحتاج من تهتف له وتتلهف عليه، فأتقن دوره لتتغير مدخلات المعادله السياسيه والاقتصاديه وتظهر نواتج جديده ابرزها اعادة التواجد العسكرى الروسى فى الشرق الاوسط واوروبا وكذلك ازمة اقتصاديه روسيه مكتومه بفعل الاستعراض السياسى.

ورغم القوه الجغرافيه الهائله لروسيا الاتحاديه التى تعد ثمن مساحة العالم و لها حدود بحريه مع امريكا واليابان، كما تشترك فى حدود بريه مع 14 دوله اهمها الصين، رغم هذا كله فإن لدى بوتين قناعه سياسيه بأن روسيا اليوم وحدها لا يمكنها ان تكون ندا يكافئ وزن الولايات المتحده الامريكيه لا على مستوى الهيمنه السياسه ولا حتى التفوق الاقتصادى .. اذن لابد من قوة الصين الاقتصاديه والعسكريه ليتنفس القيصر الصعداء .. ولكن تأتى عاصفة النفط بما لا يشتهى الدب الروسى.

الاقتصاد والنفط الروسى 

لا يعلم الكثيرين ان اقتصاد روسيا 75% منه اقتصادا ريعيا رغم اشتهارها بأنها دولة صناعيه ، فاجمالى صادرات روسيا منها 55% نفط و 11% غاز و9% مواد طبيعيه و الباقى يتوزع بين القطاع الصناعى والتجارى .... و هنا تكمن ازمة الاقتصاد الروسى الذى تتوجه عوائد صادراته الى محرقة الصناديق السياديه بدلا من استثمارها فى قطاع الصناعه الذى تدهور بشده ليصل الى 17 % فقط من اجمالى الصادرات .... والاخطر ان النفط الروسى بأحتياطياته المؤكده وهى نحو 80 مليار برميل معرض للنفاذ خلال 20 عاما من الان ،

فقد رفعت روسيا انتاجها من 10.5مليون برميل يوميا الى 18 مليون برميل يوميا لتعوض فروق هبوط الاسعار بضخ كميات اكبر وتصبح اكبر مصدر للنفط فى العالم ... وهنا نقطة التحول التى يجب ان تتنبه لها روسيا لتحافظ على بقائها بعد ان فقد الروبل الروسى 73% من قيمته امام الدولار الامريكى ( 1 روبل = 0.013 دولار ) ...وتصطدم روسيا بتصنيف وكالة موديز الذى وضعها فى تصنيف المضاربه نتيجه ازمه النفط واوكرانيا وسوريا ، هذا ما دفع المركزى الروسى للمطالبه برد القروض الممنوحه بالروبل الروسى حفاظا على العمله ووضع قيود على تحويل ما يزيد عن 15000 روبل لعملات اجنبيه اخرى.

روسيا والصين 

راهن بوتين على وصول حجم التجاره بين بلاده واكبر شريك تجارى لها و هى الصين الى 100مليار دولار واعتبر ذلك امرا واقعيا بعد ان بلغت 95 مليار دولار فى 2014 ، الا ان ضربات النفط المؤلمه اوصلتها الى 68 مليار دولار فقط بحلول 2016 ورغم ذلك حلت روسيا محل السعوديه كأكبر مصدر للنفط للصين بـ 1.13 مليون برميل يوميا ، وهذا تصرف عصبى اكثر منه سياسى واقتصادى لأن احتياطيات المملكه العربيه السعوديه من النفط تنفذ بعد 70 عاما من الان ... اى اكثر من ثلاثة اضعاف مدة نفاذ النفط الروسى الذى تكلفته تقارب 15 $ للبرميل ... وعلى جانب الصفقات العسكريه بين الصين وروسيا فيمكن اعتبارها الميزه الرئسيه للعلاقات بينهما فالصين تشترى اسلحه روسيه بنحو 5 مليار دولار .... وسياحيا تستفيد روسيا بدخل يقدر بمليار دولار من السياح الصينيين.

وليس غريبا الضجه الاعلاميه الامريكيه عن تباطؤ النمو الصينى فهو سلاح متعدد الضربات ...للضرر بالاقتصاد الصينى وبعده الاقتصاد الروسى ولصــــالح تضخم عضلات الـــدولار الامريكى الذى يحــــاول بوتين التصدى له بتكوين تحالفات اكبـــر من الصين كمجموعة البريكس ( البرازيل والهند و الصين وروسيا و جنوب افريقيا ) لخلق قوه اقتصاديه فى وجه صندوق النقد الدولى الذى تتحكم به الولايات المتحده.

يصارع القيصر من اجل بقاء قوى فى سوريا وبعدها العراق لضمان موارد لخمسين سنه قادمه تنتشل روسيا من ازماتها الافتصاديه فأحتياطيات نفط البصره العراقى وحده يوازى نفط روسيا كله حسب المعلومات الاستخباراتيه ... و كذلك لضمان امن الغاز الروسى.

مرارة الصراع التاريخى بين القوى الكبرى تفرض متغيرات جديده و عنيفه تعصف بالدول الصغيره لتتجنب الدول الكبيره حروبا لا تبقى ولا تذر ... ونترك سؤال صعبا للقارئ وللتاريخ وهو ...هل تستطيع روسيا بوتين رغم كل ماسبق ان تعود قوى عالميه حقيقيه تنافس امريكا ؟!