اقتصـــــاد البندول

23/02/2016 8
محمد مهدى عبدالنبي

جوهر الخداع هو تشتيت الانتباه ... و هذا هو عمل بندول الساعه الذى رغم حركته المنتظمه الا انه غامضا يتدلى من قوه محوريه تحركه يمينا ويسارا ، متأثرا بالجاذبيه ليستقر فى نقطة توازن و يتأرجح من جديد.

فبعد اعصار النفط القادم من فوق المئة دولار للبرميل الى محيط الثلاثين دولار يعيش اقتصاد العالم الان اجواء البندول .... وقد بردت مؤشرات التحليلات والتوقعات وتشابهت الى حد كبير ، فمن اقصى اليمين 25$ للبرميل الى اقصى اليسار 35$ للبرميل ... لا جديد غير مناورات التصريحات السياسيه والاقتصاديه ليهتز بندول النفط بين تأكيد ونفى مطالب تخفيض المعروض ومساعى تجميد الانتاج ....

والمثير ان الولايات المتحده الامريكيه الان هى اقل دول العالم تصريحا عن النفط ، فلم يسجل لها مسعى واحدا للتخفيض او التجميد ... بل وترفض رسميا فى احيان كثيره المشاركه والتعقيب على اجتماعات دول من اوبك مع دول من خارج اوبك ...الولايات المتحده تكتفى فقط بأصدار بيانات اسبوعيه عن مخزونات قياسيه جديده لديها.

اذن القوه المحوريه التى تمسك ببندول الاقتصاد العالمى مطمئنه الآن الى حركته بعد ان زرعت فى الجاذبيه بذورا لتباطؤ النمو فى الصين الذى يقلق اقتصاد العالم وكذلك تثاقل بنوك اوروبا بالديون والضربات القاضيه للروبل الروسى والعملات الاخرى ، حتى ان البنوك المركزيه فى العالم باتت تتجمل فى تصريحاتها اكثر مما تظهر الحقائق  ... وذلك هو المشهد الاقتصادى المعلن فقط ... بالتزامن مع مسرح السياسه الذى يبدو اكثر تعقيدا على الارض .... وهكذا فإذا تحرك بندول الاقتصاد العالمى يمينا تجذبه مؤشرات رفع الفائده الامريكيه فيعكس اتجاهه لنقطة توازن وهميه نظرا لعوامل الجاذبيه المذكوره ... وإذا تحرك البندول ناحيه اليسار تطل اشباح سياسيه واقتصاديه مخيفه ليترضى بنقطة توازن جديده يتارجح حولها برغبة القوه المحوريه.

واوضح مثال على ذلك هو تأثر اغلب مؤشرات بورصات العالم بالحركه فى نطاقات سعريه اقل حده من ذى قبل ، حتى أن معامل الارتباط بين النفط والبورصات العربيه قد خفف من قبضته فلم يعد مؤلما الخام اسفل الثلاثين او اعلاها .... فالبورصات الناشئه تفتح على ارتفاعات وانخفاضات ظاهريه بفروق اغلاقات الامس ولا يهم كثيرا ما يحدث بعد ذلك ... كل يوم بلون مختلف... ، فالمنافسة على الهبوط او الصعود هى منافسه سعريه وليست كميه وضعف تدفق السيوله يؤكد هذا المعنى ... وتستمر حركة البندول.

والسؤال هنا .... الــــى متى ؟!

الاجابه هى ان اقتصاد البندول قائما بالفعل منذ زمن طويل فى العالم الثالث والاخطر هو انتقاله الى دول بعينها فى العالم الاول تبعا لمستجدات المتغيرات السياسيه والتوازنات الاقتصاديه... غير ان اقل المتأثرين بالبندول هو اقتصاد المعرفه الذى تمتلك الولايات المتحده منه الثلثين ... الكل يتحرك حسب حجمه لكن بوحى من القوه المحوريه التى تجيب على سؤال الى متى ؟ فى الشهور الخمسه من يونيو الى نوفمبر 2016 وقت سباق الانتخابات الامريكيه ... بعدها يطيح البندول بقوه ليكسر زجاج الساعه لتبدأ معادله اخرى جديده ....حينها ينشط دور الولايات المتحده ويتبلور كل مسعى وتبدو التحركات اكثر فاعليه ... وقتها تكون قد اكتملت اقنعة الخداع الجديده.

قد يبدو طرح اقتصاد البندول فلسفيا الى حد ما، لكنه منظور خارج بحر الارقام التى دهستها التحليلات وأختصرت صورتها بين احمر الخسائر واخضر المكاسب.

ان التامل بعين الوعى فى مسائل الاقتصاد افيد من الاشتغال بالاقتصاد نفسه فى وقت كهذا ، فالأهم من الفعل على المسرح هو طريقة الفعل نفسها.