تحسن أداء الشركات البتروكيماوية العالمية مع هبوط أسعار النفط

16/02/2016 5
د. سليمان الخطاف

أعلنت الشركات البتروكيماوية نتائجها للعام 2015م وكانت المفاجأة ان هبوط اسعار النفط فى العام 2015م كان عاملاً ايجابياً لهذه الصناعة العالمية.

فلقد أعلنت شركة داو كميكال مؤخراً عن نتائج عام 2015م وكانت احد اكبر الارباح فى تاريخها اذ ربحت الشركة حوالى 7.5 مليار دولار فى عام 2015م مقابل 3.7 مليار دولار للعام 2014م رغم انخفاض متوسط سعر النفط فى عام 2015م الى حوالى 50 دولارا للبرميل مقابل 68 دولارا للبرميل فى عام 2014م.

ولقد ارجعت شركة داو كميكال لملاك اسهمها 12 مليار دولار منذ 2013م، إما عن طريق شرائها لأسهمها او عن طريق توزيعاتها النقدية لكل سهم.

صحيح ان داو قد استلمت حوالى 1.5 مليار دولار لقاء بيع حصتها فى «ME global» والتى يقع مركزها فى دبى وتقوم بإنتاج مشتقات الايثيلين وقد باعت داو حصتها فى هذه الشركة الى شركة ايكويت الكويتية والتى تمتلك داو فيها حوالى 42.5%.

ويبدو أيضاً ان نتائج داو كميكال ازدهرت كثيرا بسبب رخص اللقيم الذى رافق طفرة انتاج الغاز وسوائل الغاز الطبيعى من المصادر الصخرية فى امريكا.

وتريد داو بيع حصتها او بعضها فى ايكويت لان لقيم الايثان الموجود والمتوفر حالياً فى امريكا ارخص من الايثان فى الكويت.

ودخلت داو الى الكويت حينما كان الايثان فى امريكا غير متوفر وباهظ الثمن، والآن ومع الطفرة الكبيرة فى انتاج الايثان فى أمريكا أعلنت داو عن رغبتها فى تقليص حصتها فى ايكويت.

ويبلغ ثمن الايثان فى امريكا حالياً حوالى 2 دولار للمليون وحدة حرارية وفى الكويت قد يصل الى اعلى من 3 دولارات للمليون وحدة حرارية، وهنا يمكننا معرفة احد اهم اسباب نجاح شركة داوكميكال فى عالم البتروكيماويات فهى تعرف وقت الدخول فى المشاريع المشتركة وتعرف عندما يحين وقت الرحيل.

يبدو ان القدرة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية الصحيحة فى الشركات البتروكيماوية اهم من توفر اللقيم وأهم من التقنيات ويمكن ان يتسبب قرار خاطئ بتدهور اداء الشركة كما يحدث حالياً فى بعض الشركات البتروكيماوية فى المملكة.

تنتج داو كميكال حالياً حوالى 9 ملايين طن من الايثيلين سنوياً منها حوالى 6 ملايين طن تنتج بأمريكا والباقى فى اوروبا وتايلند والكويت.

وتقوم الشركة حالياً ببناء وحدة كبيرة لإنتاج 1.5 مليون طن من الايثيلين فى تكساس بعد 3 سنوات وتعمل ايضاً على تشييد وحدة اخرى لإنتاج البروبيلين وبذلك تريد داو ان تتخلص من معظم أنشطتها خارج امريكا لتتفرغ الى نهضة البتروكيماويات التى تشهدها امريكا الشمالية.

وأما شركة ويست ليك الامريكية فلقد اعلنت عن ارباح الاشهر التسعة الاولى من عام 2015م، ولقد وصلت هذه الارباح الى 0.535 مليار دولار بزيادة 8% عن ارباح 2014م.

وهذا يعنى ان شركات البتروكيماويات والتى تنشط فى انتاج الايثيلين والبروبيلين ومشتقاتهما كانت نتائجها اكثر من رائعة فى عام 2015م مقابل عام 2014م. وتنتج ويست ليك حوالى 2.9 مليون طن سنوياً من الايثيلين.

وتعد ليونديل باسل احد اكبر منتجى الايثيلين فى العالم وثانى اكبر شركة بتروكيماوية فى امريكا بعد داو، فهى تنتج حالياً حوالى 7 ملايين طن سنوياً منها 5 ملايين طن من داخل امريكا الشمالية.

ولقد اعلنت عن ارتفاع تاريخى فى ارباح عام 2015م بحوالى 300 مليون دولار عن ارباح عام 2014م لتصل الى حوالى 4.5 مليار دولار.

وأتمت فى نفس الوقت توسعات كبيرة وسريعة بإنتاج الايثيلين والبروبيلين مستفيدة من فائض اللقيم الموجود فى الاسواق الامريكية.

والجدير بالذكر ان ارباح شركة ليونديل باسل كانت فى العام 2010م (قبل طفرة ما يعرف بالغاز الصخرى) حوالى 100 مليون دولار وكانت ليونديل باسل قد شارفت على اعلان افلاسها ولكن توفر اللقيم الرخيص بالاضافة الى القرارات الحكيمة انقذ الشركة من الانهيار بل وجعلتها إحدى اكبر شركات البلاستيك بالعالم.

والجدير بالذكر ان ليونديل باسل كانت قد ربحت فى عام 2011م حوالى 2 مليار دولار، وهى الآن بعد حوالى 3 سنوات تضاعف ارباحها وتصل الى الارقام التاريخية وهذا ما انعكس على سعر اسهمها كما يعرض الشكل.

تأسست ليونيديل باسل فى اواخر عام 2007م وبعد الازمة الاقتصادية التى هزت العالم فى عام 2008م تقدمت الى الادارة المختصة فى امريكا لطلب اعلان الافلاس فى بداية 2009م.

تشبه شركة ليونيديل باسل الى حد بعيد شركة بترورابغ من ناحية الاعمال ونوعية الانتاج.

فكلتا الشركتين يقومان باعمال التكرير والبتروكيماويات حيث تمتلك ليونيديل باسل مصفاة فى هيوستن طاقتها حوالى 270 الف برميل باليوم وتبلغ طاقة مصفاة بترورابغ حوالى 400 الف برميل باليوم.

وكلتا الشركتين منتج كبير للايثيلين والبروبيلين والايثلين جلايكول واكسيدالبروبيلين.

ولقد واجهت شركة ليونيديل باسل فى الفترة 2009-2010 ظروفا اقتصادية صعبة كادت ان تنهى الشركة.

ويرجع احد اهم الاسباب الى ارتفاع تكاليف التشغيل والانتاج. فى تلك الفترة كان حوالى ثلثى اللقيم المستخدم للشركة يأتى من السوائل واهمها النافثا ولذلك واجهت الشركة مصاعب اقتصادية لارتفاع اسعار النفط وبالتالى لقيم النافثا.

واما الآن فحوالى 70% من اللقيم المسخدم لانتاج حوالى 5 مليون طن ايثيلين فى امريكا هو من الايثان المستخرج من المصادر الصخرية.

ولقد انخفضت اسعار لقيم الايثان فى امريكا فى اخر اربع سنوات الى حوالى 2-4 دولارات للمليون وحدة حرارية وهو ما ساعد ليونيديل باسل على الانطلاق واستغلال اللقيم المتوفر على احسن شكل.

فبدل من ان تنشئ مصانع جديدة لتكسير الايثان (يستغرق انشاء المصنع حوالى 4 سنوات) قامت بتوسعة 4 وحدات قائمة وبفترات زمنية قياسية، واستطاعت ان تزيد طاقتها من انتاج الايثيلين بحوالى مليون طن سنوياً فى وقت قياسى.

وفى نفس الوقت لا تزال كل الشركات العاملة فى امريكا مثل داو كميكال واكسون وشل وفرموزا وساسول تبنى مصانعها الجديدة لاستغلال الايثان المتوفر بأسعار زهيدة.

ولن تستطيع هذه الشركات استغلال هذا الايثان قبل عام 2018م عندما تنتهى من تشييد مصانعها الجديدة.

ولقد اعلنت ليونيديل باسل ايضاً عن نيتها بناء مصانع جديدة لانتاج 1.5 مليون طن اضافى من الايثيلين للاستفادة القصوى من توفر لقيم الايثان المفضل لانتاج الايثيلين.

وهذا يجعلنا نتساءل لماذا نجحت هذه الشركات رغم تعثرها ووصلت الى اعلى المراتب؟.

وتعتبر هذه الشركات الثلاث التى ذكرت كلها منتجا رئيسا للايثيلين والبروبيلين وها هى تعلن عن ارباح تاريخية للعام 2015م رغم انخفاض اسعار البولى ايثيلين والبولى بروبيلين ورغم ان لقيم الايثان كان يباع فى عام 2015م بامريكا بحوالى 2-3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.

وهو اعلى من السعر فى المملكة لعام 2015م بأكثر من دولار لكل مليون وحدة حرارية.

نقلا عن اليوم