الاحتياطي الفيدرالي في مأزق

01/02/2016 0
محمد عبد الله العريان

أشعر بالأسى على الاحتياطي الفيدرالي. كما بيَّن مرة أخرى، يوم الأربعاء، لا يزال البنك المركزي الأمريكي رهينة للأسواق المالية المتغيرة والأوضاع الاقتصادية العالمية.

وهذا يجعل من الصعب جدا على مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي تقديم مسار واضح ومتسق في مجال السياسة النقدية، بحيث يمكن اتباعه والعمل به لأي فترة كبيرة من الوقت.

اعترف بيان الاحتياطي الفيدرالي بوجود تباطؤ في النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة يشمل إنفاق المخزون والصادرات. كما كان البنك أيضا يبدو أقل ثقة حيال التوقعات بالنسبة لارتفاع التضخم ووصوله إلى المستوى المستهدف.

علاوة على ذلك، وعلى نحو يوحي بأنه اعتراف بأن هذا التباطؤ المحلي، غير المرحب به، مدفوع أساسا بفعل التطورات الاقتصادية في الخارج، والأسواق المالية العالمية المتقلبة، تهرب مسؤولو المصرف الفيدرالي من بيان تقييمهم التقليدي لما يسمى "توازن المخاطر".

أكد البنك المركزي الأمريكي على ما كانت قد توقعته الأسواق واحتسبته من قبل في المقاطع قصيرة الأجل من أسواق الدخل الثابت: ليس فقط أنه لن يكون هنالك أي تكرار فوري لقرار رفع أسعار الفائدة الذي اتخذه البنك في شهر ديسمبر 2015، بل سيكون من الصعب على الاحتياطي الفيدرالي أن يفي بالتوقعات بحدوث أربعة ارتفاعات في أسعار الفائدة، وهي توقعات سبق أن أعطى إشارات بأنها ستحدث في عام 2016.

نتيجة لذلك، يجد المسؤولون أنفسهم - مرة أخرى- في وضع يضطرهم إلى تعديل طريقة تواصلهم مع الأسواق، وسيكون هناك الكثير من الشكوى حيال مدى اقتناعهم بمسار السياسة النقدية ومصداقيتهم بهذا الخصوص.

كل هذا يعتبر علامة على وضع مؤسف وأكثر عمقا.

فشل الاقتصاد الأمريكي مرارا وتكرارا في تحقيق الانطلاق الاقتصادي الذي يستطيع تحقيقه والذي يحتاجه، وهذا بدوره جعل الاحتياطي الفيدرالي عرضة بشكل كبير للتطورات في الخارج وعرضة للأسواق المالية العالمية المتقلبة.

أصبح البنك المركزي رهينة لاستجابات غير مناسبة في مجال السياسة النقدية (وسياسة المالية العامة) حول العالم، وإنما أصبح أيضا رهينة لنهج متحيز بشكل مفرط نحو الولايات المتحدة، وهو نهج كان يعتمد بشكل كبير فوق اللازم على السياسة النقدية التجريبية لفترة طويلة أكثر مما يجب.

بيَّنْتُ هذا الموضوع بالتفصيل في كتابي بعنوان "اللعبة الوحيدة في المدينة، وعدم الاستقرار، وتجنُّب الانهيار التالي"، الذي صدر، الأسبوع الماضي، عن دار بنجوين راندوم هاوس. (نشرت صحيفة «اليوم» فصلاً من هذا الكتاب بعنوان "عقلية جديدة للاقتصاد العالمي المتغير" بتاريخ 28 و 31 يناير 2016).

وقد قلتُ إن الأمر يتوقف على صناع السياسة الآخرين، مثل وجود كونجرس يمارس عمله على الوجه السليم ويتعاون مع السلطة التنفيذية، بهدف تخليص الاحتياطي الفيدرالي من وضع صعب بصورة متزايدة.

كلما طال انتظارهم، ازداد الخطر المتمثل في أن يصبح المصرف الفيدرالي وبشكل متكرر غير قادر على التوصل إلى موقف ثابت في السياسة النقدية والحفاظ عليه.

وكلما ازداد عجزه عن القيام بذلك، ازداد الخطر في أن الاحتياطي الفيدرالي سيتحول من كونه جزءاً من الحل ليصبح جزءاً من المشكلة.

نقلا عن اليوم