شركات البتروكيماويات وسرعة العمل لمرحلة ما بعد رفع التحفيز

31/01/2016 4
عبدالرحمن الخريف

على الرغم من معرفة إدارة شركاتنا البتروكيماوية وغيرها منذ تأسيسها ان ما يطلق عليه بالدعم الحكومي لها بمختلف المجالات سواء بالسعر الرمزي للقيم والمنتجات البترولية او باستهلاك الكهرباء ومنح القروض والأراضي.. ماهو في حقيقته الا محفزا موقتاً يرتبط بتحقيق توجهات الدولة لتوطين الصناعات والاستثمارات وعبر الاستفادة من قدرات القطاع الخاص الإدارية لرفع كفاءة الانفاق والإنتاج وبما يتفق مع برامج التخصيص، الا ان واقع شركاتنا ومصانعنا يثبت اعتمادها الكلي في اعمالها وخططها على ان تلك المحفزات مستمرة من الدولة، بل انها انشأت شركات بتروكيماوية جديدة بتكاليف عالية وفق دراسات للجدوى اعتمدت على ديمومة التحفيز الحكومي، وهو ماتسبب في تعرض تلك الشركات الجديدة لخسائر كبيرة تهدد استمرارها وافلست بالمستثمرين بها.

مع أهمية دعم الدولة لإنشاء صناعات تستثمر الثروة الوطنية، فان الرقابة على اثر الدعم والتحفيز ومدى استثماره من قبل الشركات وفق اهداف الدولة كانت مغيبة، بل ان الجهة الحكومية المشرفة عليها كانت تعتقد ان واجبها الدعم اللامحدود للشركات باللجان التي تبحث ذلك، في حين ان اكتشاف الخلل في استغلال التحفيز والدعم في وقت مبكر كان من الممكن ان يخفف من اثر رفع التحفيز الذي تعتزم الدولة تحقيقه وخصوصا ان هناك مطالبات قديمة من منظمة التجارة العالمية بذلك، ويتضح من خلال تتبع مستويات الانفاق بشركاتنا ومجالاته منذ انشائها ان هناك الكثير من الهدر المالي في معظمها سواء باستئجار مقار لها بأرقى الاحياء التجارية داخل وخارج المملكة او بصرف رواتب خيالية لقياداتها ومنهم الأجانب وعقود استشارات ومكافآت عالية لإداراتها مع ان أرباحها تحققت فقط بالفرق بين الأسعار العالمية والاسعار المحلية المدعومة! بل وتظهر شركاتنا بفخر مقارنات نسب أرباحها العالية مع شركات عالمية على الرغم من الفارق الكبير في أسعار الشراء والتكلفة بين شركاتنا وتلك الشركات!

أي أظهرت لنا ولسنوات طويلة شركاتنا - ومنها قيادية بسوقنا - انها شركات كبرى تتحمل المنافسة والمصاعب التسويقية، بينما هي مازالت تحتاج لحضن الدولة وان جميع أرباحها طوال تلك السنوات وجزء كبير من النفقات التسويقية والإدارية المبالغ فيها والترفيهية هي من أموال وحقوق الدولة التي منحت لها لمساعدتها على التأسيس ولكنه استمر لعقود من الزمن بلا عائد حقيقي ملموس للهدف الذي من اجله اقر التحفيز!

والمؤسف انه قبل عامين عندما شكلت لجنه حكومية لرفع الدعم تم التهديد من بعض رؤساء شركاتنا بان رفع أسعار اللقيم سيتسبب في عرقلة مسيرة الشركات وانه سيؤثر على أسعار الأسهم بالسوق والمساهمين والسعودة والتوظيف! أي استخدام العاطفة لخسائر المواطنين بالسوق وتوظيف الشباب لاستمرار هبة الدولة لإدارة الشركات التي لم تستثمر الدعم في رفع كفاءة الانفاق للتمكن مستقبلا من المنافسة بدون السعر المحفز.

ومع اعلان الدولة بالبدء في رفع أسعار الطاقة والدعم الحكومي تدريجيا سارعت معظم الشركات بالإعلان عن مدى اثر ذلك وانخفاض الأرباح، ومنها ماسيرفع خسائرها بنسب متفاوتة لكونها أساسا شركات مازالت خاسرة منذ انشائها، والغريب اننا تعاملنا مع إعلانات الشركات بحجم التأثر وقياس اثره على الأرباح باعتباره اثرا نهائيا مع ان بيان وزارة المالية يشير الى ان رفع الدعم سيكون خلال (5) سنوات أي ان شركاتنا امام قرار تاريخي بوقف التحفيز الحكومي عن الشركات وهو ما لم نرَ حتى الان أي إحساس وتوجهات من إدارات شركاتنا للتعامل مع الوضع الجديد سوى بحصر قياس التأثر خلال عام 2016م!

ومن هنا يجب ان يكون للجهات الحكومية المشرفة على قطاعات الشركات والمصانع ان تبادر للتنسيق مع جميع شركاتنا المساهمة أولا لخلق كيانات اكبر عبر الاندماج بدلا من شركات متعددة تتنافس مع بعضها بالخارج، وليتم فحص المصروفات والنفقات المضخمة لتخفيضها ومنها النفقات الثابتة الباهظة كالمصاريف الإدارية والتسويقية لمصلحة استمرار الشركات واموال ملاكها بالسوق.

نقلا عن الرياض