كيف ستواجه أوبك وروسيا الانخفاض الكبير بالأسعار؟

19/01/2016 4
د. سليمان الخطاف

تراجع خام برنت إلى أقل مستوى له في 12 عاماً واقترن هذا الانخفاض مع ترقب وصول معروض إضافي من النفط الإيراني بعد التوقعات برفع العقوبات عن ايران.

وتسببت المخاوف من تخمة عالمية أكبر من التخمة الحالية وبواعث قلق بشأن الاقتصاد الصيني على وجه الخصوص والعالمي بشكل عام الى انهيار كبير باسعار النفط. ولقد انخفض سعر الخام العالمي الى اقل من 30 دولارا للبرميل وهو ادنى مستوى له منذ 2003م.

والجدير بالذكر ان معظم المؤسسات الاستشارية وبعض البنوك العالمية ابدت تشاؤماً بشأن الاقتصاد العالمي والتحديات الكبيرة. وهذا بالطبع سينعكس على اكبر سلعة تباع بالاسواق العالمية «النفط».

تتدهور اسعار النفط بطريقة تصيب بالحيرة ونتساءل لماذا هذا التذبذب الكبير في اسعار هذه السلعة الاستراتيجية الاولى بالعالم؟ ان تفقد حوالي 80 دولارا من سعر البرميل فى 18 شهرا فعلاً شيء محير وخطير على الجميع.

ومع الهبوط الحاد للاسعار يتساءل الجميع عن القاع او ما هو اقل سعر يمكن ان يصل له سعر برميل النفط فى عام 2016م؟ تتوقع ادارة معلومات الطاقة الامريكية في تقريرها الاخير ان تسجل اسعار النفط معدل 40 دولارا للبرميل في هذا العام وحوالي 50 دولارا للبرميل فى العام القادم.

وتعد توقعات الادارة الامريكية عقلانية نوعاً ما ولكنها تشير وبصراحة ان الاسعار السابقة لن تعود على الاقل في المستقبل القريب.

ولكن وعلى الجهة المقابلة توقع بنك مورغان ستانلي ان الدولار القوي قد يخفض سعر النفط الى 20 دولارا للبرميل واما بنك رويال اسكتلندا فقد توقع ان تصل الاسعار الى 16 دولارا للبرميل.

واما ستاندرد تشارترد فقد توقع الاسوأ 10 دولارات للبرميل وهو الاقل منذ 16 عاما. الحقيقة ان الامر مخيف ومقلق جداً ما يحدث للنفط قد يحدث كارثة عالمية فى مجال الطاقة.

لان انخفاض الاسعار لهذه المستويات لن يساعد الدول والشركات العالمية على الاستثمار فى صناعة النفط الباهظة الثمن والكلفة، وهذا يعنى نقصا فى الامدادات العالمية للطاقة او بالاحرى كارثة اقتصادية جديدة.

لا يمكن ان تخرج اسباب انخفاض النفط عن التالي: تنامي انتاج اوبك وروسيا رغم الانخفاض الكبير بالاسعار وحالة الاقتصاد الصيني وزيادة الانتاج الامريكي للنفط والسماح بتصديره واخيراً قوة الدولار ولاسيما ان الدولار هو العملة الرئيسية التي يتعامل بها بأسواق النفط العالمية.

ولكن من هم اكبر الخاسرين والمتضررين جراء هذا الانخفاض؟ وما الحلول لهذا الانخفاض الكبير؟ الاكيد ان جميع الدول المصدرة وخاصة دول اوبك وروسيا وكازاخستان وكندا والنرويج وعمان اهم الخاسرين من هذا الانخفاض.

يباع بالاسواق يومياً حوالى 50 مليون برميل حصة اوبك منها حوالي 25 مليون برميل باليوم وتصدر روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة حوالى 10 ملايين برميل باليوم.

وكندا والمكسيك وكولومبيا والاكوادور حوالي 4 ملايين برميل باليوم والنرويج وعمان حوالي 2.5 مليون برميل باليوم هذه هي الدول المؤثرة بتصدير النفط وبالتالي تقع عليها المسئولية الكاملة بتدهور الاسعار لهذه المستويات.

الجميع خاسر ولا يوجد رابح على الاطلاق. وبدأت الدول المنتجة والشركات العالمية بالاحساس بخطورة الوضع واستشعار التحديات وخاصة في صعوبة تحقيق خططها المستقبلية التي كانت تهدف الى الاستثمار في رفع الانتاج بل على العكس وجدت نفسها أمام الاستغناء عن عدد كبير من الموظفين، وفي هذا السياق اعلنت شركة بريتش بتروليوم وشل واكسون وشل عن تسريح الالاف من الموظفين لديها بسبب العائدات الضعيفة جراء انخفاض الاسعار.

واما روسيا فان تضررها كبير ولاسيما ان نصف ميزانيتها تأتي من بيع النفط والغاز. ومعلوم ان اسعار الغاز الطبيعي مرتبطة مباشرة باسعار النفط فاذا انخفضت اسعار النفط فهذا يعني انخفاض اسعار الغاز وبالتالي فان روسيا اكبر دولة متضررة من انخفاض اسعار النفط حتى ولو كابرت.

كانت روسيا تبيع يومياً قبل عامين حوالي 7 ملايين برميل بحوالي 700 مليون دولار والان هي تبيع نفس الكمية بحوالي 190 مليون دولار اي انها تفقد اكثر من نصف مليار يومياً أو 180 مليار دولار سنوياً جراء هذا الانخفاض.

واما بالنسبة للغاز الطبيعي فان روسيا اكبر مصدر لهذه السلعة العالمية وباعت في عام 2013م حوالي 200 بليون متر مكعب بحوالي 70 مليار دولار. وهذا يعني ان روسيا حصلت في عام 2013م على حوالي 350 مليار دولار كعوائد جراء بيع النفط والغاز الطبيعي.

وهذه العوائد قد تنخفض في عام 2016م الى 100 مليار دولار اي انها فقدت حوالي 70% من دخل النفط والغاز الطبيعي.

وفي المقابل تصدر اوبك حوالي 9.1 مليار برميل سنوياً وهذا يشير الى ان دول اوبك ستفقد هذا العام لو استمرت اسعار سلة اوبك بحدود 28 دولارا للبرميل بحدود 680 مليار دولار من دخل هذه الدول فى عام 2013م.

وهذا يعطينا فكرة واضحة وجلية ان الجميع خاسر ولا يوجد رابح في هذا الاحداث الدرامية.

تجتمع اوبك مرتين بالسنة وكان اخر اجتماع لها في شهر ديسمبر الماضي ذلك الاجتماع الذي لم يسفر عنه اي شيء رغم تواصل انهيار الاسعار وهو ما يدعونا للتساؤل: ما فائدة اجتماع اوبك هذا؟.

ان لم يتم التفاهم بين دول اوبك والدول المصدرة الاخرى والتي اهمها روسيا.

المال والعملة الصعبة. ويتم معالجة مشكلة انخفاض الاسعار بالمزيد من الانتاج وهذا يقود الى مزيد من انخفاض الاسعار ومزيد من الخسائر لها.

ان الأوضاع الصعبة تستدعي أن تجتمع الدول الرئيسية المصدرة للنفط في العالم وأن تعلم أن سياسة الانتظار قد انتهت وأن الاوان قد حان لتغيير الاستراتيجيات لتتناسب مع الواقع.

انها مشكلة كبرى ان يكون مستوى الفائض البترولي بالعالم حوالي 4 ملايين برميل باليوم، لا يوجد زبائن وبالتالى تضطر الدول المصدرة الى عمل خصومات حتى تتخلص من هذا النفط.

ان اتفاق اوبك وروسيا على التنسيق في هذا المجال مع جميع الدول المصدرة من داخل وخارج اوبك هو الحل لهذه المعضلة.

لذلك لابد من اجتماع عاجل لجميع الدول المصدرة للنفط للتفاهم على هذا الواقع الاليم. يجب ان يخفف المعروض بالاسواق العالمية بحوالي 2 مليون برميل باليوم كخطوة اولى على اقل تقدير والا فان القادم اسوأ.

نقلا عن اليوم