المرحلة تتطلب دعم الأمان الوظيفي بالقطاع الخاص

17/01/2016 2
عبدالرحمن الخريف

إذا كان لدينا نجاح نسبي خلال السنوات الأخيرة لتحفيز المواطنين على العمل بالقطاع الخاص وخصوصا للخريجين وأصحاب الخبرات بعد تحديث نظام التأمينات وماتقدمه شركاته من مميزات بالرواتب والتأمين الصحي وبدل السكن لرفع نسب السعودة بأنشطة القطاع، فإن الأهم خلال المرحلة القادمة التي تشهد متغيرات كبيرة في مستوى الدخل العام وسياسة الصرف الحكومي والمشاريع أن تكون هناك أولوية في تثبيت الثقة بالقطاع الخاص لدى المواطنين والخريجين كجهة توظيف آمنة ودائمة لمن هو منتظم بعمله ولعدم اضطرار شركاته لإعادة النظر في الوظائف التي يشغلها مواطنون بالإلغاء أو التخفيض للرواتب تحديداً.

وبعيداً عن الوظائف الوهمية للسعودة للتحايل على ألوان نطاقات وماقد تتخذه الشركات بشأنها لإيقاف تحويل قيمة استغلال السجل المدني للمواطن والمواطنة التي رفعت نسب التوظيف، فإن الوضع الجديد الذي تشهده مؤسسات وشركات القطاع منذ عدة أشهر بعد انخفاض أسعار النفط والسيولة والقوة الشرائية أجبرها على إجراء دراسة لإعادة هيكلة إداراتها ومستوى الالتزامات النقدية الشهرية لديها للرواتب وغيرها، والتي بدأت تتراكم عليها وبدون عائد واضح مع تشدد البنوك بالإقراض، وأصبحت لديها خيارات بدأت في بعضها عبر التخلص من عدد كبير من العمالة الأجنبية -كل حسب نشاطه- وهو إجراء إيجابي للتكيف مع الوضع، ولكن المشكلة التي تهمنا أنه مع بداية العام الجديد واتضاح مستوى الإنفاق وتدفق السيولة المتوقع لتحصيل المستحقات السابقة والقادمة وصعوبات تدبير الأموال بالقروض أو ما سببه الركود العقاري وانهيار الأسهم من خسائر فادحة باستثماراتها بدأت بعض الشركات بإيقاف التوظيف ووضع خطط تنفيذية لتقليص وظائفها وموظفيها السعوديين بهدف تخفيض حجم الرواتب والبدلات وخصوصا ذوي الرواتب الجيدة والاكتفاء بموظفين أجانب برواتب أقل بذريعة انخفاض دخل الشركة والضائقة المالية، بل بدأت في تخفيض حجم التغطية التأمينية الطبية والتغيير لشركات أقل مستوى وقيمة، أي أن هناك إعادة نظر سريعة لدى جميع الشركات والبنوك لتخفيض التكاليف الإدارية لتعويض انخفاض الأرباح أو التقليل من حجم الخسائر.

فالإحصاءات كانت تشير إلى تسرب كفاءات وطنية حكومية للقطاع الخاص ومنهم عدد كبير من حديثي التخرج ممن تم تعيينه من وزارة الخدمة المدنية وقدم استقالته مفضلا الالتحاق بإحدى وظائف الشركات لما تتمتع به من مميزات للموظف العملي، وهو ما يتفق مع أهداف التحول الاقتصادي ومنها خصخصة الكثير من الأنشطة والخدمات الحكومية لتخفيض حجم الرواتب ورفع كفاءة الإنفاق العام، إلا أن تبعات إعادة النظر بالمشاريع وإلغاء العديد منها وانخفاض حجم التدفق النقدي المتوقع وفق ما أعلن لسداد المستحقات خلال العام الجديد سيترتب عليه نتائج كبيرة ومفصلية لدى بعض الشركات والتي تواجه صعوبات حالية في تدبير السيولة، ولذلك أصبحت هناك أهمية لرؤية عليا استباقية تحافظ على استمرار ثقة الشباب السعودي بالقطاع الخاص لتقليل نسب البطالة وعدم حدوث انعكاس في التوجه مستقبلا بالرغبة بالعمل الحكومي كأمان وظيفي حتى بدون مميزات، وهو ماسيساهم في تراخي الأداء ووجود بطالة مقنعة، ولذلك من المهم أن تكون هناك أولوية في الصرف لكافة المستحقات القديمة واللاحقة مادام أنها أنجزت -حتى ولو برفع الاقتراض والسندات- للمحافظة على كيانات وطنية سواء شركات أو مصانع تحتضن موظفين سعوديين لديهم أسر وشعروا بأمان وظيفي لسنوات طويلة واستجابوا لخطط وطنية تشجع على العمل بالقطاع الخاص ومازالت عليهم التزامات مالية وإيجار سكن وقروض.. تستلزم أن يكون هناك استقرار وظيفي لاستمرار أنشطة مترابطة تعتمد على تدفق السيولة النقدية المحلية، ولتلافي مشاكل وقضايا قد تظهر بسبب تجاهل ذلك.

نقلا عن الرياض