بدأ مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي سحب دعمه الطارئ للنظام المالي من خلال رفع سعر الخصم.ورغم أن هذا التحرك لم ينظر إليه باعتباره خطوة تقود إلى تغيير وشيك في سعر فائدة الأموال الاتحادية، فقد انخفضت أسواق الأسهم وارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي على خلفية هذا الإعلان. وقد أكد مجلس الاحتياطي الفدرالي أن هذه التغييرات ليست دليلا على أي تغيير في التوقعات الاقتصادية، وبالرغم من ذلك فقد أحدث هذا تغييراً في سيكولوجية السوق.
شهد الذهب أسبوعاً مثيراً للاهتمام بشدّة في ظل إعلان صندوق النقد الدولي أن كمية الذهب المتبقية والبالغة 190 طناً من أصل 400 طن سوف يتم بيعها في السوق المفتوحة بدلاً من بيعها بشكل مباشر إلى البنوك المركزية. وكان صندوق النقد الدولي أعلن في سبتمبر الماضي عن عملية البيع، التي ستذهب حصيلتها لتمويل مشروعات تقام في الدول الأكثر فقراً. وقد اشترت الهند 200 طن بسعر يقارب 1050 دولاراً أمريكياً للأوقية، تلتها سريلانكا وموريشيوس بكميات أقل. وحقيقة أن كمية 190 طناً المتبقية لم تجذب مشتريا، رغم الشائعات المستمرة حول اهتمام روسيا أو الصين بالشراء، تسببت في إطلاق الكثير من التكهنات على مدى الشهور القليلة الماضية.
وقد أسفرت الأنباء حول عملية البيع في البداية عن بيع مكثف أدى إلى انخفاض الأسعار بنسبة 2.5 في المائة، ولكن مستوى 1100 دولار أمريكي للأوقية أثبت أنه مدعومٌ جيداً، ثم أعقب ذلك قفزة في الأسعار. وإذا أخذنا في اعتبارنا الدرجة العالية من الدعاية التي أحاطت بصفقة بيع من هذا النوع، والتي كانت تفاصيلها علنية فيما يتعلق بكل من الكمية والسعر، فمن المحتمل أن هذا قد أدى إلى إبعاد بعض من لديهم اهتمام بالشراء. وقد أشارت الصين من قبل أنها تريد مزيداً من التنويع في احتياطياتها، وأن شراء الذهب سيكون جزءاً من هذه العملية، التي اشتملت على مضاعفة تلك الدولة احتياطياتها في السنوات الست الماضية لتزيد على 1054 طناً من الذهب، كما شهدت الفترة الأخيرة شراء الصين أسهماً في صندوق الذهب المتداول في البورصة (SPDR).
وقد يتبين أن بيع الكمية المتبقية من الذهب في السوق المفتوحة مهمة أسهل، بحيث نجد البنوك المركزية التي كانت تتفرج من بعيد، تشارك الآن في هذه العملية في صمت. وقد وعد صندوق النقد الدولي بألا يوقع الفوضى في السوق، قائلاً إن هذه المبيعات سوف تتم تدريجيا.
وعلى الرغم من ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مؤخراً على خلفية مشكلات الديون السيادية في أوروبا، وفي ظل تعثر مسيرة التعافي الاقتصادي في أوروبا بفعل عجز الموازنة الآخذ في الاتساع في كل من اليونان وأسبانيا والبرتغال، فإن أسعار الذهب تماسكت. وإذا حسبنا أسعار الذهب باليورو، نجد أنها تسارعت محققة ارتفاعاً غير مسبوق خلال الأسبوع المنصرم ببلوغها مستوى 828 يورو للأوقية، وهذا يدل على فك ارتباط محتمل، وذلك مع قدرة الذهب والدولار الأمريكي على الارتفاع معاً.
ومن منظور تقني، كسر الذهب الاتجاه النزولي من أعلى مستوى له بلغه في ديسمبر الماضي عند 1127 دولاراً أمريكياً للأوقية قبل أن تدفعه أنباء صندوق النقد الدولي إلى معاودة الهبوط إلى مستوى الدعم عند 1098 دولاراً أمريكياً للأوقية. وقد تقلص المركز الطويل للمضاربة في قسم كومكس من بورصة نيويورك التجارية ليعود إلى مستويات سبتمبر الماضي، مما ترك السوق في وضع محايد بدرجة أكبر. وحدوث كسر لهذا النطاق ارتفاعاً سوف يستهدف مستوى 1162 دولارا أمريكيا، في حين أن الدعم دون مستوى 1098 دولارا أمريكيا للأوقية يمكن الحصول عليه عند مستوى 1070 دولارا أمريكيا للأوقية قبل مستوى 1045 دولارا أمريكيا للأوقية.
حقق النفط الخام ارتفاعاً قوياً خلال الأسبوع الماضي على خلفية ظهور مزيد من بوادر النمو الاقتصادي، مما أدى إلى تحرك تقنيّ عودةً إلى ما فوق مستوى 72.50 دولاراً أمريكياً للبرميل، حيث بلغ مستوى 79.30 دولاراً أمريكياً للبرميل قبل أن يطلق رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي لسعر الخصم بعض التحركات لجني الأرباح. وقد انخفض المركز الطويل للمضاربة في عقد نفط وسيط غرب تكساس الآجل بنسبة 68 في المائة على مدى الأسابيع القليلة الماضية مما ترك السوق في وضع أفضل للاستجابة للأنباء الطيبة.
والعقد الآجل تسليم الشهر القريب جاهز للإقفال فوق متوسطه المتحرك لمدة 200 يوم عند مستوى 76.20 دولارا أمريكيا للبرميل هذا الأسبوع. وهذه هي المرة الثانية فقط منذ أكتوبر 2008 التي يحدث فيها هذا، ومن الممكن أن نتوقع رد فعل تقني على هذا الاتجاه الصعودي. وحدوث تحرك في الأسعار عبر المقاومة عند مستوى 80 دولارا أمريكيا للبرميل سوف يستهدف مستوى 85 دولاراً أمريكياً للبرميل، في حين يمكن الحصول على الدعم عند مستوى 75 دولاراً أمريكياً للبرميل يعقبه مستوى 69.50 دولاراً أمريكياً للبرميل.
انخفضت أسعار الغاز الطبيعي على خلفية استمرار الفائض في الإمدادات، بعد أن أسفر الانخفاض الموسمي خلال شهر الشتاء عن رفع الإمداد رغم برودة الطقس بنسبة تقارب 3 في المائة أعلى من متوسطها على مدى خمس سنوات. والآن وقد مضى أكثر من نصف الشتاء، فإنه يترك الأسعار معرضةًً لاتجاه انخفاضي مع اقتراب فصل الربيع. والدعم عند مستوى 5.06 دولار أمريكي للمليون وحدة حرارية بريطانية هو المستوى الوحيد حاليا الذي يمنع السوق من أن تشهد حركة تصحيحية أشد عمقا ربما بالانخفاض في اتجاه 4.74 دولار أمريكي للمليون وحدة حرارية بريطانية.
أما النحاس فقد تعافى بشدة من مستوياته المتدنية التي بلغها منذ أسبوعين، وبدأ يقترب من تحدي ذروته التي بلغها في يناير عند مستوى 355 دولارا أمريكيا قبل أن يؤدي إعلان مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي إلى كبح الشعور بالتفاؤل نوعاً ما.
ورغم أن مخزون النحاس في بورصة لندن للمعادن بدأ يرتفع إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2003، فإن سلوك المتعاملين مؤخراً واحتفاظهم بالنحاس في مستودعات خاصة في بورصة لندن للمعادن ربما يدل على أن الطلب على المعدن الفعلي آخذ في الانتعاش. ويمكن أن ندرك هذا من خلال زيادة عدد شهادات التخزين الملغاة في بورصة لندن للمعادن، وهو الشيء الذي يدل على أن الاستعدادات تجري لتسليم المعدن خارج المخازن.
من منظور تقني، نحن نتطلع إلى تراجع نحو مستوى الدعم عند 315 دولاراً أمريكياً للعقد الآجل تسليم شهر مايو، آخذين في اعتبارنا الارتفاع بنسبة 18 في المائة على مدى الأسبوعين الماضيين. ويمكن بلوغ المقاومة عند مستوى 335 دولاراً أمريكياً و347 دولاراً أمريكياً.