بيانات الميزانية العامة للمملكة، للعام المالي 1437/1438ه، المقدرة بعجز متوقع بين الإيرادات والنفقات العامة، قد يصل إلى حدود 327 مليار ريال، نتيجة الأخذ في الاعتبار الانخفاض الحاد في أسعار النفط، الناجم عن التراجع في النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة، وتمويل هذا العجز وفق خطة من خيارات الاقتراض الداخلي والخارجي، وما تم تأكيده من أن الأولوية في الإنفاق بتلك الميزانية، ستوجه نحو استكمال تنفيذ المشاريع المقرة في الميزانيات السابقة، التي دخل كثير منها حيز التنفيذ، هي عوامل سيكون لها أثرها الواضح بلا شك في حجم السيولة بالنظام المصرفي المحلي، التي ظلت على مدى السنوات الماضية تبلغ ذروتها لتتجاوز الترليون ريال، لتستقطب السوق العقارية المحلية بمفردها نحو نصف إجمالي تلك السيولة الأمر الذي يعزز بالتأكيد المخاوف من أن الطلب على العقارات كان في الواقع غير حقيقي وإنما ناتج عن عمليات مضاربة تهدف إلى جني أرباح سريعة، ويفضي في ذات الوقت إلى الاعتقاد بأن الميزانية الحالية ربما يكون لها إسهامها الإيجابي في أداء السوق العقارية على نحو أفضل وبالذات في خفض أسعار العقارات.
ما يدعم ذلك الاعتقاد هي مؤشرات السوق العقارية المحلية التي أقفلت في نهاية العام الماضي 2015 على انخفاض في قيمة صفقاتها، حيث وصل إجمالي ما فقدته من سيولة منذ مطلع العام الحالي إلى أعلى من 100 مليار ريال مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، أي بانخفاض في قيمة الصفقات العقارية للسوق وصلت نسبته إلى نحو 23%، وهو معدل محتمل أن يستمر، لا سيما في ظل تنبؤات بعض الشركات المالية من أن حجم السيولة المتوفرة للإقراض في البنوك المحلية العام الحالي سينخفض ليكون في حدود 350 مليار ريال، يضاف إلى ذلك ما يؤكده بعض العاملين في النشاط العقاري من تراجع عمليات البيع والشراء في الأحياء السكنية والأراضي البيضاء بنسبة 30% في الآونة الأخيرة، وذلك لأسباب متعددة من أبرزها ضعف السيولة.
إن مما يحبذ من وجه نظر اقتصادية على الأقل هو ألا يكون هناك انخفاض حاد وسريع في السوق العقارية وإنما تدريجي وبنسب مقبولة، كي لا يتضرر الذين سبق حصولهم على قروض لشراء عقارات، وبالذات في مشروعات البيع على الخارطة، ويجدون صعوبة في الاستمرار بسداد قيمة العقار الذي اشتروه عندما تنخفض الأسعار على هذا النحو، فحينها لا يصبح الهبوط في الأسعار خطراً على السوق وإنما على الاقتصاد بوجه عام.
نقلا عن الرياض