الاندماج قوة

11/01/2016 0
د. عبد العزيز بن سعد الدغيثر

يشكو الكثير من رجال الأعمال من الخسائر التي قد تلحقهم جراء موجة الركود الاقتصادي في المنطقة، مع ارتفاع المواد الأولية وضغط الجهات المعنية بتوطين الوظائف، فقلت لأحدهم: ألا تفكر بالاندماج مع غيرك، فطلب مني الكتابة في هذا الموضوع.

فقد عرف الاندماج بأنه عقد تضم بمقتضاه منشأة (Enterprise) أو أكثر إلى منشأة أخرى فتزول الشخصية المعنوية للمنشأة المنضمة، وتنقل أصولها وخصومها إلى المنشأة الضامة، أو تمتزج بمقتضاه منشأتان أو أكثر فتزول الشخصية المعنوية لكل منهما، وتنقل أصولها وخصومها (ديونها) إلى منشأة جديدة (i).

والذي أراه أن يعرف الاندماج بأنه انضمام منشأة تجارية أو أكثر إلى منشأة أخرى بموجب عقد بحيث تزول الشخصية المعنوية للمنشأة المنضمة، وتنقل حقوقها والتزاماتها إلى المنشأة الضامة، أو امتزاج منشأتين تجاريتين أو أكثر بعقد بحيث تزول الشخصية المعنوية لكل منهما، وتنتقل حقوقها والتزاماتها إلى منشأة جديدة.

وعليه؛ فالمنشأة المندمجة هي المنشأة التي تزول من الوجود وفقاً للإجراءات القانونية، وفي هذه الحال تضم جميع موجوداتها وحقوقها ومطلوباتها والتزاماتها إلى موجودات وحقوق ومطلوبات والتزامات منشأة أخرى تسمى المنشأة الدامجة (ii).

وتشمل المنشأة كل مؤسسة أو شركة أو مجموعة من الشركاء الطبيعيين أو الاعتباريين والتي يكون نشاطها الرئيس مباشرة الأعمال التجارية (iii).

ويتبين من تعريف الاندماج:

1-أنه عقد رضائي في الأصل.

2-أن الذمة المالية للشركة المنحلة تنتقل إلى شركة أخرى.

3-أنه يؤدي إلى انتهاء منشأة أو أكثر دون تصفية أصولها (iv).

فإن كانت المنشآت المندمجة تأخذ شكل الشركة قانوناً، فقد حدد القانون عددا من الشركات التي يجوز لها أن تندمج وهي شركات المساهمة، وشركات التوصية بالأسهم، والشركات ذات المسؤولية المحدودة، وشركات التضامن (v).

ويتبين مما سبق أن للاندماج مفهوماً محدداً، فلا يصح إدخال بعض التصرفات القانونية تحت مظلة الاندماج، إذ قد تلتبس بعض الصور بالاندماج وليست داخلة فيه، ومن تلك الصور:

1-تنازل شركة عن جزء من أصولها لشركة أخرى، مع بقائها دون انحلال.

2-شراء شركة أسهماً في شركة أخرى.

3-بيع المصفي موجودات شركة بعد حلها إلى شركة أخرى تسهيلاً لعملية التصفية (vi).

4-الشركات التابعة التي تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة (vii).

وللاندماج صور، فقد يكون بطريق الضم وقد يكون بطريق المزج، كما يمكن أن يكون الاندماج أفقيا ويمكن أن يكون رأسياًّ أو مختلطاً، كما يمكن أن يكون الاندماج طوعياًّ أو بالإكراه من سلطات الدولة.

والاندماج قوة، وخصوصاً في فترة كثرة التحديات والأزمات الاقتصادية، ويشمل ذلك الاستحواذ، لأن الاندماج والاستحواذ بينهما تقارب في المعنى من جهة أنه يحصل عند توصل المنشآت إلى اتفاق ودي وإرادي على عملية الاندماج أو الاستحواذ (viii)، وإن كان بينهما اختلاف في الحقيقة والطريقة.

وإن مما يلحظ في مدينة الرياض – على سبيل المثال - كثرة المطاعم التي تنافس البقالات كثرة وانتشاراً وتوزع محلات الكماليات التي كانت تسمى محلات كل شيء بريالين، والتي ملأت الشوارع الرئيسية، ولا يحصلون على عوائد توازي خسائرهم، إضافة إلى أصحاب المصانع الصغيرة والورش وغيرها، ولا حل لهؤلاء إلا التفكير الجاد في وضعهم والبحث عن استراتيجية عملية للخروج من التحديات التي هم فيها.

وفي المقال القادم بيان أهمية الاندماج، وكيف يكون حلاًّ للضوائق المالية والإدارية والتسويقية.

(i) اندماج الشركات وانقسامها، للدكتور حسني المصري ص 35- 36، الاندماج المصرفي، تأليف الدكتور محسن أحمد الخضيري ص 35، الجوانب القانونية لدمج البنوك الكويتية دراسة قانونية مقارنة، للدكتور طعمة الشمري، مجلة الحقوق الصادرة عن جامعة الكويت، العدد الأول سنة 15، في شعبان من سنة 1411هـ الموافق مارس سنة 1991م، صفحة 169.

(ii) المادة الأولى من قانون تسهيل اندماج المصارف اللبناني، رقم 193 بتاريخ 4/1/1993م ومدته خمس سنوات، وأعيد العمل به في 14/2/2005م. لمدة خمس سنوات من سنة 1993ف إلى 1998ف، وكما تم تمديد العمل به لمدة خمس سنوات إضافية تنتهي في 2003م، وأعيد العمل به في 14/2/2005م.

(iii) النظام القانوني لعمليات التركز الاقتصادي في قانون المنافسة - أسامة فتحي عبادة يوسف ص 23.

(iv) الاندماج المصرفي دراسة قانونية – عبدالستار الخويلدي – حولية البركة 4/138.

(v) اللائحة التنفيذية لقانون الشركات المصري - م 288.

(vi) الموسوعة التجارية الشاملة 3/404.

(vii)الموسوعة التجارية الشاملة 3/408.

 

(viii)العولمة واقتصاديات البنوك، عبد المطلب عبد الحميد ص154.