التحول من الريعية إلى الإنتاجية، أو من دولة مستهلكة إلى دولة منتجة، أصبح أمرا ضروريا ولكنه يتطلب تفعيل دور الابتكارات والاختراعات وتفعيل مراكز البحوث والتطوير.
التحول هو تحول من الاتكالية والاعتماد على الدولة إلى الإنتاج.
قطاعات كثيرة وشركات تعتمد على الدولة، وليست لديها عوامل تنافس أكثر من الدعم الذي يتخطى 70 % في اللقيم والخدمات والسلع، ولكن هل تستطيع تلك القطاعات الصمود عند رفع الدعم؟
وهل لدينا آلية لمراقبة أسعار منتجاتها؟
الأعمال النفطية والبتروكيماوية إنتاجية ولكن متعرضة لتذبذب عال جدا في إيراداتها ولم تعد مصدر أمان وثقة ولا نريد أن نعتمد عليها، وأيضا هذه الأعمال ليست خلاقة للفرص الوظيفية، فمجموع العاملين بهذا القطاع لا يتعدون 2 % من عدد القوى العاملة السعودية بجميع القطاعات.
سبق أن ذكرت في برنامج "الثامنة" مع الأستاذ داود الشريان قبل عامين (في أبريل 2014) عن ضرورة تحول البلد من مستهلك إلى منتج، فكل الأجور التي تعتمد على ميزانية الدولة النفطية تعتبر عبئاً على الدولة ولا يظهر عبئها حتى تنخفض أسعار النفط وتتكبد الميزانية عجزا ماليا، طبعا ليس المقصود جميع موظفي الدولة ولكن هناك مفاهيم ومعايير لا يجوز تجاوزها.
حسب التقارير الرسمية -والتي لا أتفق معها بكل التفاصيل- فإن 75 % من الموظفين السعوديين بالمملكة يعملون بوظائف حكومية وتعتمد رواتبهم على دخل النفط، وهذه الوظائف تعتبر مجملا خدمية.
وبقية الـ25 % يعملون في القطاع الخاص وعددهم 1.7 مليون، منهم مليون رواتبهم دون 3500 ريال، ومجمل مخرجات جميع القطاع الخاص أعمال خدمية فيما عدا تقريبا 5 %.
الأعمال الإنتاجية هي صناعية وخدمات متقدمة وزراعية وسياحية وغيرها، وتتميز بالمساهمة في إيرادات خزينة الدولة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أيضا، الإنتاجية هي التحول من الاستيراد إلى المساهمة في توفير الطلبات المحلية ومن ثم التصدير.
المملكة لديها توجه للتحول ولكن لا نعلم هوية التوجه ولا حتى النموذج الذي ستتبناه، أهو الكوري أو الياباني، الألماني أو الأميركي، هذه ليست فانتازيا ولكن مدخلات + معالجات تعطينا مخرجات.
ألمانيا لديها نموذج ممتاز، فهي تخصصت في إنتاج وتصدير الصناعات المتقدمة وهذا يخلق فرصا وظيفية لمواطنيها برواتب عالية، فالنموذج الألماني يعمل على جميع القطاعات، ففي قطاع صناعة السيارات يعمل بها 756 ألف شخص لإنتاج 5 ملايين ونصف المليون سيارة، وعوائد هذه السيارات 360 مليار يورو (أي ما يعادل تريليون ونصف التريليون ريال) ويصدر منها ما قيمته 560 مليار ريال للخارج، وتعتمد السيارات الألمانية على أعلى التقنيات، حيث تصرف الشركات الألمانية على البحوث والتطوير في قطاع صناعة السيارات 27 مليار يورو (109 مليارات ريال) سنوياً ويعمل على تلك البحوث موظفون عددهم 93 ألفا ويتقدمون للحصول على 10 براءات اختراع يومياً.
النموذج الألماني متقدم في الخدمات الصحية والطبية وصناعاتها، فيعمل 5.2 ملايين شخص في ألمانيا في الخدمات الطبية والصحية والتي مجموع إيراداتها سنوياً 300 يورو (تريليون و200 مليار ريال).
من هؤلاء 357 ألف طبيب أي (طبيب لكل 230 نسمة)، وهو رقم عال جداً لو قارناه بالمملكة العربية السعودية، التي بها (طبيب لكل 432 نسمة)، فتكون النسبة في ألمانيا الضعف تقريباً، فيقدمون السياحة الطبية ليأتيهم مرضى من خارج البلاد بشكل كبير.
أما في الصناعات الطبية المتقدمة مثل أشعة أكس وألترا ساوند وغيرها من الأشعة المتقدمة، فتبلغ إيرادات الشركات الألمانية بهذا القطاع 23 مليار يورو سنوياً (93 مليار ريال)، ويصدر إلى خارج ألمانيا 68 % من تلك الصناعات.
أما صناعة الأدوية فتبلغ إيراداتها 167 مليار يورو (677 مليار ريال)، والصادرات لخارج البلاد 85 % من ذلك، ويعمل عليها 434 ألف شخص. هذا النموذج يخلق الفرص الوظيفية. وفي قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات تبلغ إيرادات الشركات الألمانية 228 مليار يورو سنويا (923 مليار ريال)، و13 % منها من الصادرات إلى خارج ألمانيا، أي ما قيمته 120 مليار ريال.
هكذا تبنى الوظائف والفرص الوظيفية وتطوير الاقتصاد، فأي دولة في العالم إما أن تعتمد على مواردها كالنفط والمعادن، أو أن تكون منتجة ومتعددة الأعمال بالإضافة إلى مواردها. والدولة المنتجة إما أن تكون دولة عمالتها رخيصة فتجذب الدول المتقدمة لتنتج أفكارها، أو أن تكون دولة تعتمد على ابتكاراتها وأعمالها المتقدمة، وهذا يستوجب استثمارات عالية في البحوث والتطوير.
لا نحتاج أن يكون جميع مواطني المملكة باحثين ولا أطباء ولا مخترعين، نأخذ على سبيل المثال شركة فولكس واجن VW الألمانية، إذ يعمل على تصميم السيارات أقل من 20 ألف مختص، ويوفرون فرصا وظيفية لبقية الـ560 ألف موظف الذين يعملون في بقية صناعة تلك السيارات، هؤلاء "نصف المليون موظف" أجر كل منهم 60 دولارا بالساعة، وللمقارنة أجر الموظف بقطاع الصناعة بالمملكة أقل من 4 دولارات بالساعة.
برنامج التحول الوطني هو الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح، ويستهدف "صنع في السعودية"، وفي نفس الوقت يتوجب تفعيل مراكز البحوث والتطوير لنصل مستقبلا إلى "صنع في السعودية بأيدٍ سعودية وعقول سعودية".
نقلا عن الوطن
لا يمكن أن ننافس دول مثل المانيا وفي صناعات عالية التنافسية مثل السيارات فهذه هي الفنتازيا بعينها . سيارات انسى حواسيب وجولات انسى لانها صناعات شديدة التنافسية اذا لم تجاري خصومك فيها انتهيت وتكبدت خساير وعندك مثال نوكيا واريكسون . تقدر تقول صناعة الأثاث والبناء والخشب ومواد العزل والصاناعات التي تعتمد على الطاقة والادوات المنزلية .....الخ . التجارة والخدمات . صعود الدرج يكون درجة درجة ولكن متى نضع أقدامنا على الدرجة الأولى.
علينا السرعة في حل المشكلات العالقة ومحاربة الفساد والمحسوبية ونهب الاراضي والمناقصات وعقد ورش عمل مستقبلية الو قت لايرحم