العلاقة بين سوق الأسهم السعودي وأسعار النفط: نظرة تاريخية

05/01/2016 4
محمد القويز

خلال عام 2015م انخفض مؤشر سوق الأسهم السعودي (تداول) بحوالي 17%، كما أنهى المؤشر عام 2015م منخفضاً حوالي 30% عن أعلى نقطة وصل لها خلال العام.

ولعل أحد أهم الأسباب لانخفاض المؤشر هو تخوف المتداولين من الانخفاض في أسعار النفط من 56 دولار في بداية عام 2015م إلى 37 دولار (أي بحوالي 34% خلال العام)، وتأثيراتها المحتملة على موازنة الدولة وعلى الاقتصاد السعودي ككل، وقد تطرقنا لبعض هذه المخاوف في مقال سابق بعنوان: “ نظرة على الاقتصاد السعودي: هل الحديث عن انتهاء عصر الطفرة سابق لأوانه؟ وماذا يعني ذلك للدولة ولعموم المستثمرين؟” ولكن نظراً لأهمية هذا الموضوع في أذهان المتداولين فقد رأينا التطرق لهذا الموضوع من منظور آخر، وذلك من وجهة النظر التاريخية.

فلو نظرنا للماضي لوجدنا أن الاقتصاد السعودي مرّ بفترة مطولة من انخفاض أسعار النفط، وذلك بين عامي 1986-2003م (أي لمدة 18 سنة تقريباً والتي سنسميها “فترة انخفاض أسعار النفط”)، حيث كان متوسط سعر برميل النفط خلال تلك الفترة حوالي 21 دولار أمريكي، تبع تلك الفترة ارتفاع في أسعار النفط لعقد من الزمان بين عامي 2004-2014م (والتي سنسميها

 فترة ارتفاع أسعار النفط”)، حيث بلغ متوسط سعر النفط خلال تلك الفترة 74 دولار أمريكي للبرميل (كما في المرفق – 1).

الفترات المختلفة لأسعار النفط :[1]

وفي هذا الصدد، لو وجدنا أن فترة انخفاض أسعار النفط تزامنت مع تباطؤ كبير أو انخفاض في أداء سوق الأسهم، لكان ذلك يبرر التخوف من انخفاض أسعار النفط الحالي. لكن عندما ننظر للأداء الفعلي لسوق الأسهم السعودي خلال فترة انخفاض أسعار النفط نرى صورة مختلفة، إذ كان متوسط الأداء السنوي لمؤشر سوق الأسهم السعودي خلال فترة انخفاض أسعار النفط حوالي 14%، هذا الأداء كان أقل قليلاً من الأداء السنوي للسوق خلال فترة ارتفاع أسعار النفط والذي بلغ في متوسطه 16.4%، ولكن الأهم هو أن السوق ظل يحقق معدلات نمو جيدة خلال فترة انخفاض أسعار النفط، بل أن الفرق بين متوسط أداء السوق خلال فترة انخفاض أسعار النفط وفترة ارتفاع أسعار النفط لا يمكن معه التنبؤ بالشؤم لمجرد انخفاض أسعار النفط. ويمكن مراجعة المقارنة بين أداء سوق الأسهم في خلال الحقبتين من خلال المرفق – 2 أدناه.

مقارنة أداء سوق الأسهم في فترة انخفاض أسعار النفط مع فترة ارتفاع أسعار النفط :[2]



ولو أخذنا هذا الكلام من منظور آخر، وباستخدام لغة العلوم والمالية والإحصاء، لأمكننا القول أن معامل الارتباط بين حركة سوق الأسهم السعودي السنوية منذ بدايته في عام 1985م وحتى نهاية عام 2014م، وبين حركة أسعار النفط خلال الفترة ذاتها هو 0.43 (المرفق – 2 أدناه)، وقد جرت العادة على وصف معامل الارتباط البالغ 0.30 بالضعيف، والبالغ 0.50 بالمتوسط، هذا يعني أن معامل الارتباط بين أسعار النفط وبين سوق الأسهم السعودي خلال الأعوام الثلاثين الماضية يعتبر ما دون المتوسط. أي بمعنى آخر أن التحرك في أحد العاملين لا يقود بالضرورة التحرك في العامل الآخر.

التغير السنوي في مؤشر (تداول) للأسهم السعودية وفي أسعار النفط ومعامل الارتباط بينهما :[3]



وكذلك لو أخذنا نظرة أكثر تعمقاً لحقبتي انخفاض وارتفاع أسعار النفط، سواءً من حيث معدلات نمو المبيعات أو معدلات نمو إجمالي الربح في السوق (والتي قسناها بمعيار الربح قبل العمولات البنكية والضرائب EBIT)، أو بمستويات التقييم في السوق (والتي قسناها بمعيار مكرر الأرباح PE)، وذلك كما هو موضح في المرفق – 4 أدناه، فإننا كذلك نجد أن فترة انخفاض أسعار النفط تقل بشكل طفيف في مستويات تقييمها عن فترة ارتفاع أسعار النفط، ولكن ليس بالقدر الذي يبرر اختلاف كلي في النظرة الاستثمارية.

بل أن وتيرة نمو المبيعات والأرباح كانت أسرع في فترة انخفاض أسعار النفط عما كانت عليه خلال فترة ارتفاع أسعار النفط.

قد يكون هذا التباطؤ بسبب زيادة في نضج السوق بالتالي استقرار معدلات نموه، ولكن هذا يشير أيضاً إلى أن أسعار النفط هي أحد أهم المؤثرات على أداء السوق ولكن ليست المؤثر الوحيد أو الأساسي.

لذا فلا يمكن ولا ينبغي التعجل ورسم علاقة كاملة بين أسعار النفط من ناحية وبين أداء السوق من ناحية أخرى.

مقارنة معايير تقييم سوق الأسهم في فترة انخفاض أسعار النفط مع فترة ارتفاع أسعارالنفط : 



لا شك أن انخفاض أسعار النفط له انعكاسات سلبية على موازنة الدولة في المقام الرئيسي وعلى وتيرة النمو الاقتصادي في المملكة ككل، ولكن استعراضنا السابق يشير إلى أن انعكاسات انخفاض أسعار النفط ليست بالضرورة سلبية على سوق المال السعودي، أو على الأقل إذا نظرنا إلى حركته في الماضي بالمقارنة مع أسعار النفط.

[1] المصدر: بلومبيرج.

[2]  المصدر: بلومبيرج وقواعد بيانات دراية.

[3]  المصدر: بلومبيرج. تم احتساب نمو المبيعات وإجمالي الأرباح بداية من عام 1996م، وتم احتساب مكررات الأرباح بداية من عام 2000م، وذلك نظراً لعدم توفر البيانات للفترات السابقة.