عندما اعتمد مجلس الوزراء أمس ميزانية عام 2016، شكّل التوازن في الإنفاق والكفاءة في الأداء العنوان الرئيسي والهدف الأساسي لمواصلة المملكة لمنجزاتها والتصدي لتحدياتها في خضم انخفاض أسعار النفط العالمية ومواجهة القضايا الإقليمية.
وما كان لهذه المنجزات أن تتحقق دون الإدارة الحكيمة المخلصة، وما كان لهذه التحديات أن تنحسر بدون الخطوات التنموية المتسارعة.
وعندما نتحدث عن ميزانية المملكة اليوم علينا إنصافها في سعيها الهادف إلى تحقيق توازن الإنفاق في دولة يحتل اقتصادها المرتبة الأولى في العالم العربي، والمركز الـ18 بين دول مجموعة العشرين، والمرتبة الـ28 عالميا ضمن قائمة أغنى دول العالم، بمتوسط دخل للفرد الواحد يعادل 122 ألف ريال، وذلك وفقا لتقرير مؤسسة "جلوبال فاينانس" الأميركية الصادر منتصف العام الحالي.
وعندما نتحدث عن ميزانية المملكة اليوم علينا إنصافها في قرارها الرامي لتعزيز كفاءة الأداء في دولة تحتل خدماتها الإلكترونية المركز الـ5 عالميا بين أكبر 10 دول رائدة في استخدام الخدمات الحكومية الرقمية، متقدمة بذلك على أميركا وبريطانيا والهند وألمانيا والبرازيل، وذلك وفقا لدراسة شركة "إكسنتشر" العالمية المتخصصة في الاستشارات الإدارية والخدمات التقنية التي أجرتها خلال العام الحالي.
واعتمدت هذه الشركة في دراستها على 3 معايير، أولها يهتم بقياس تجربة تقديم الخدمات للمواطنين، وثانيها يعتمد على شعور المواطن بالرضا نتيجة تلبية احتياجاته وتوفير وقته، وثالثها يختص بمستوى تطوير الحكومة لحضورها الرقمي وتفاعلها الإلكتروني وتجاوبها الزمني، لتسهم هذه الخدمات في زيادة إنتاجية قطاع الأعمال وتحسين كفاءته وتسهيل خدماته وزيادة مردود استثماراته.
بفضل الميزانية ارتفع عدد الخدمات الإلكترونية السعودية إلى أكثر من 2000 خدمة، تقدمها 160 جهة حكومية من خلال البوابة الوطنية للتعاملات الإلكترونية "سعودي"، التي أسهمت جميعها في تقدم المملكة إلى المرتبة الـ36 عالميا من بين 193 دولة في تقرير قياس الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية عام 2014.
وبفضل الميزانية اعتمدت وزارة الداخلية أسرع وسائل الاتصال وتقنيات المعلومات، وقامت بتنفيذ حوسبتها السحابية الموحدة، وتوحيد تطبيقاتها المؤمنة في بوابة خدمية واحدة، لتتجاوز عدد خدماتها الإلكترونية التي تقدمها للمواطنين والمقيمين أكثر من 80 خدمة، ويرتفع عدد الموثقين المعتمدين لديها إلى 4 ملايين نسمة، أتموا خلال بوابتها "أبشر" أكثر من 826 مليون عملية، تهدف جميعها لرفاهية المجتمع، وتسهيل أعمال المواطن والمقيم، على حد سواء.
وبفضل الميزانية حققت الخدمات الإلكترونية في وزارة التجارة والصناعة المركز الأول عالميا في مدة إصدار السجل التجاري بوقت قياسي لا يتجاوز 180 ثانية، وتخطت بخدماتها كافة الحواجز والمعوقات البيروقراطية لتفي بمتطلبات قطاع الأعمال بطريقة احترافية، وتنهي إجراءات المراجعين في كافة مناطق المملكة دون الحاجة لأي معاملات ورقية.
وبفضل الميزانية نجحت منظومة "جدارة" الإلكترونية المتكاملة في توظيف الكفاءات الوطنية، وأسهمت خدمات (ساعد) و(توطين) الإلكترونية في سعودة الوظائف الحكومية، وأبدعت بوابات "سفير" الإلكترونية للابتعاث والتوثيق في متابعة شؤون الطلبة بالملحقيات الثقافية، وحققت منصتا "إسكان" و"إيجار" الإلكترونيتان في وزارة الإسكان أهدافهما التنموية.
وعندما نتحدث عن ميزانية المملكة اليوم علينا إنصافها لإسهامها في تحقيق مركزنا التنافسي العالمي، الذي استجاب بخطوات حازمة ومتسارعة للمتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، لتحقق المملكة خلال فترة قصيرة قفزات متتالية على مقاييس التصنيفات العالمية.
فاليوم تحتل المملكة المركز الأول في منطقة الشرق الأوسط كأكبر الدول الجاذبة والمحفزة للاستثمار المباشر، والمرتبة الـ3 عالميا في الحرية المالية والنظام الضريبي، والمركز الـ4 دوليا في قوة وصرامة الأنظمة المصرفية، والمرتبة الـ24 في مؤشر التنافسية العالمي، والمركز الـ49 في التصنيف الدولي لسهولة ممارسة الأعمال.
وبفضل الميزانية ارتفع عدد مصانعنا الوطنية المنتجة إلى 6789 مصنعا، بإجمالي تمويل تجاوز تريليون ريال، فيما وصل عدد عمالتها إلى 931 ألف عامل، إضافة إلى دخول 1123 مصنعا مرخصا في الإنتاج خلال السنوات المقبلة، بتمويل تجاوز 38 مليار ريال.
وبفضل الميزانية حققت شركة سابك عالميا المركز الأول كأكبر منتج للبولي أوليفينات، والمرتبة الأولى كأكبر منتج ومصدر لليوريا الحبيبية، والمركز الثالث في إنتاج البولي إيثلين، والسادس في إنتاج البروبلين بين دول المعمورة.
وبفضل الميزانية أرست صناعتنا الوطنية استراتيجيتها التنموية الطموحة، لترتفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20 % خلال السنوات الخمسة المقبلة، وتزيد قيمتها المضافة المحلية بنسبة 300 %، وتتضاعف حصة صادراتها غير النفطية من مستواها الحالي 18 % إلى حوالى 35 %، مع مضاعفة الصادرات التقنية بنسبة 100 %، لكي تتبوأ المملكة مرتبتها بين أفضل 30 دولة من الدول الصناعية بحلول عام 2020.
وعندما نتحدث عن ميزانية المملكة اليوم علينا إنصافها في سعيها إلى دعم كافة أطياف المجتمع وتحقيق طموحات سيدات الأعمال في القطاع الخاص، ليرتفع عدد السجلات التجارية المسجلة بأسمائهن إلى 127757 سجلا، تشكل 20 % من استثمارات القطاع الخاص، وبقيمة تفوق 60 مليار ريال.
بفضل الميزانية ارتفع عدد الشركات النسائية إلى أكثر من 5 % من إجمالي عدد شركات القطاع الخاص السعودي، وبلغ عدد منتسباتها في الغرف التجارية الصناعية بمختلف أنحاء المملكة نحو 42000 منتسبة، وفاقت أرصدتها النسائية لدى البنوك السعودية 400 مليار ريال، وارتفع عدد وظائفها في القطاع الخاص إلى 425 ألف وظيفة نسائية في العام الحالي.
عندما نتحدث اليوم عن ميزانية المملكة لعام 2016 فإننا نتحدث عن ميزانية الإنصاف، التي أنصفت بالأرقام أهم منجزاتنا وحددت بالحقائق واقع تحدياتنا وكيفية تحقيق أهدافنا.
نقلا عن الوطن