اختصاص مجلس المنافسة بالجهات التي لها تنظيم خاص

27/12/2015 1
د. عبد العزيز بن سعد الدغيثر

أثار الحكم الصادر من مجلس المنافسة ضد شركة الاتصالات السعودية جدلا كبيرا بين الإخوة المختصين في القانون التجاري، وطلب مني بعض الإخوة بيان وجه هذا القرار. وفي هذا المقال توضيح لمسألة اختصاص المجلس بمثل هذه الجهات التي لها تنظيم خاص.

ومن المعلوم أن بعض القطاعات في المملكة العربية السعودية وضع لها المنظم جهات إشرافية خاصة بها، تنظر في إعطاء التصاريح والرخص، وتراقب أعمالها، ويشترط إذنها في التصرفات التي تؤدي للهيمنة ومن أمثلة تلك القطاعات:

1.البنوك، والجهة المشرفة عليها مؤسسة النقد

2.شركات التمويل والجهة المشرفة عليها مؤسسة النقد

( 1) تنظر المادة الحادية عشرة من نظام مراقبة البنوك.

3.شركات التأمين، والجهة المشرفة عليها مؤسسة النقد

4.الشركات المالية، والجهة المشرفة عليها هيئة السوق المالية

5.شركات الطيران، والجهة المشرفة عليها هيئة الطيران المدني

6.شركات الاتصالات، والجهة المشرفة عليها هيئة الاتصالات

7.شركات الكهرباء، والجهة المشرفة عليها هيئة تنظيم الكهرباء

وقد أكد نظام المنافسة السعودي على أن أحكام النظام تطبق على جميع المنشآت العاملة في الأسواق السعودية ما عدا المؤسسات العامة والشركات المملوكة بالكامل للدولة، وهذا العموم يدخل جميع القطاعات السابقة.

وبالمقارنة بقوانين المنافسة الأخرى، نجد أن لها توجهين:

الأول: أن قانون المنافسة يسمو على بقية الأنظمة عند التعارض، فيلزم جميع القطاعات أن تمتثل له، ولو كان لها تنظيم خاص.

ومن أمثلة ذلك أننا نجد أن القانون السوداني للمنافسة قطع أي احتمال أو نزاع، فقد نص على أن سيادة أحكام قانون المنافسة في حال تعارضها مع أحكام أي قانون آخر .

وأما القانون الأردني للمنافسة فألزم جميع الجهات التي لها استقلال إشرافي على بعض القطاعات أن تحصل على موافقة خطية من الوزير للنظر في تأثيرها على المنافسة .

إضافة إلى ذلك  فإن مجلس المنافسة التونسي قرر أن ترخيص وزير المالية في اندماج البنوك لا يغني عن ترخيص الجهة المشرفة على المنافسة.

( 2) تنظر المادة الخامسة والعشرون من نظام مراقبة شركات التمويل.

( 3) تنظر المادة الثانية من نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم م/32 والتاريخ 2/6/1424هـ.

( 4) ينظر: نظام هيئة السوق المالية، م5-أ-3.

( 5) ينظر: نظام هيئة الطيران المدني م27.

( 6) ينظر: نظام الاتصالات، م 38 وفي الفصل السادس من النظام حظر لبعض التصرفات المخلة بالمنافسة.

( 7)ينظر: نظام الكهرباء – م10،  13، 14، وتنظيم هيئة تنظيم الخدمات الكهربائية، م15.

(8 ) نظام المنافسة السعودي  م3، وفي القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة  3.

( 9) قانون المنافسة السوداني، م4.

وقرر القضاء المصري (كما في حكم المحكمة الاقتصادية – الدائرة الأولى جنح مستأنف ) باختصاص جهاز حماية المنافسة بالنظر في جرائم الممارسات الاحتكارية داخل قطاع الاتصالات وأيدت الحكم بتغريم إحدى شركات الاتصالات بمبلغ مائة ألف جنيه مصري نظرا لعدم تعاونها في تقديم البيانات المطلوبة من الجهاز وذلك طبقا للمادة 22 مكرر من قانون حماية المنافسة.

مع أن الشركة دفعت بعدم اختصاص جهاز حماية المنافسة بالنظر في قطاع الاتصالات وانعقاد الاختصاص فقط للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وقررت المحكمة أن هذا الدفع يجافي صحيح القانون حيث أن اختصاص الجهاز القومي للاتصالات بالجرائم المتعلقة بالمنافسة هو اختصاص عام لا يقيد الاختصاص الخاص لجهاز حماية المنافسة. هذا وأيد الحكم فصار الحكم نهائياًّ.

الثاني: أن قانون المنافسة لا يسري على القوانين الأخرى، ومن أمثلة ذلك أننا نجد أن القانون الإماراتي الاتحادي للمنافسة  لم يرتض هذا المنهج، فأرفق ملحقا بالقطاعات والأنشطة والأعمال المستثناة من تطبيق أحكام القانون اتحادي رقم (4) لسنة 2012 في شأن تنظيم المنافسة. كما نجد أن قانون المنافسة الكويتي استثنى المشروعات وأوجه النشاط التي ينظمها قانون خاص.

( 10) قانون المنافسة الأردني لسنة 2004 م، م 9.

( 11) التقرير الوطني حول سياسة وقانون المنافسة في تونس  ص 47.

( 12) ينظر الرابط: http://www.eca.org.eg

( 13) قانون المنافسة الكويتي رقم (10) لسنة 2007 في شأن حماية المنافسة الصادر في 6 ربيع الآخر 1428هـ، م 6.

وقد اختلف القانونيون في الجهات التي لها تنظيم خاص، والذي أراه أن جميع هذه القطاعات يشملها نظام المنافسة، ولا بد من موافقة مجلس المنافسة إضافة إلى الجهات المشرفة التي لها تنظيم خاص في أي تصرف يؤدي للهيمنة لما يأتي:

1-وجود تباين في مجال الرقابة، فرقابة الجهة المختصة بالمنافسة تختص بالرقابة على بالتأثير المنافسة في السوق، وأما رقابة الجهات الأخرى فهي رقابة فنية.

2-شروط أي تصرف يؤدي للهيمنة تختلف حسب الجهة المشرفة، بخلاف نظرة مجلس المنافسة.

ولذا، فإن من المناسب أن يضاف في نهاية المادة الثالثة من نظام المنافسة السعودي القطاعات التي لها تنظيم خاص، منعا لتنازع الاختصاص الموجود بين بعض الهيئات المستقلة كهيئة تنظيم الكهرباء وهيئة الاتصالات وبين مجلس المنافسة.