الشركات المساهمة بين النظامين القديم والحديث

09/12/2015 0
د. سلمان الظفيري

لقد شهدت المملكة مطلع هذا العام صدور نظام الشركات الجديد لعام (1437هـ) وهو حدث طال انتظاره ويحتاج إليه قطاع الأعمال بالمملكة ليعالج القصور الذي شاب النظام القديم، ويسد الثغرات التي صاحبته، ويعالج معضلة كثرة تعدد الأوامر السامية والقرارات الوزارية الهادفة لمعالجة القصور في النظام القديم، وجاء النظام الجديد كرافعة لدفع عجلة التنمية في المملكة التي تعتبر ولا شك الثقل الاقتصادي الأكبر في الإقليم وأحد أهم الاقتصاديات العالمية، ولقد جاء النظام الجديد للشركات بفروقات وزيادات على ما سبقه أود أن أسلط الضوء على بعضها مساهمةً في ترسيخ الوعي القانوني في فقه الشركات، ولعل من نافلة القول بأن الشركات المساهمة بشقيها العام والخاص (المقفلة) تعتبر هي الركن الأكثر أهمية للباحثين في نظام الشركات ولأنها تستوعب النصيب الأكبر والمهم من قطاع الأعمال والشركات التجارية، لذا أردت أن أركز على بعض الفروقات التي جاء بها النظام الجديد عما سبقه من نظام فيما يتعلق بالشركة المساهمة:

1- في النظام القديم: كان يجب ألا يقل رأس مال الشركة المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام عن (10 ملايين ريال)، وفيما عدا هذه الحالة لا يقل رأس مال الشركة عن (2 مليون ريال)، ولا يقل المدفوع من رأس المال عند التأسيس عن نصف الحد الأدنى، أما في النظام الجديد:

فيجب أن يكون رأس المال عند التأسيس كافياً لتحقيق غرضها، وفى جميع الأحوال لا يجوز أن يقل عن ( 500 ألف ريال) وألا يقل المدفوع من رأس المال عند التأسيس عن الربع وفى تقديري:

أن المنظم قد أحسن في هذا حيث إنه ربط بين كفاية رأس مال الشركة وبين الغرض المراد تحقيقه من إنشائها، كما أن النزول بالحد الأدنى لرأس المال إلى (500 ألف ريال) يهدف إلى الرغبة في احتواء أكبر قدر ممكن من رؤوس الأموال وتشجيع صغار المستثمرين لتنظيم أعمالهم التجارية عبر بوابة الشركات المساهمة.

2- فى النظام القديم كان يجب ألا يقل عدد الشركاء في الشركة المساهمة عن خمسة شركاء سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين، أما في النظام الجديد فقد أجاز النظام للدولة والأشخاص ذوي الصفة الاعتبارية العامة والشركات المملوكة للدولة بالكامل والشركات التي لا يقل رأس مالها عن خمسة ملايين ريال تأسيس شركة مساهمة من شخص واحد ويكون لهذا الشخص صلاحيات جمعيات المساهمين بما فيها الجمعية التأسيسية وسلطاتها، ومما جاء به النظام الجديد جواز تأسيس الشركة المساهمة من شريكين فقط استناداً إلى عموم المادة الثانية من النظام الجديد.

3- في النظام القديم: كان يشترط صدور مرسوم ملكي بناءً على موافقة مجلس الوزراء وعرض وزير التجارة للترخيص بإنشاء الشركات ذات الامتياز أو التي تدير مرفقاً عاماً أو الشركات التي تقدم لها الدولة إعانة أو التي تشترك الدولة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة في تأسيسها، بينما في النظام الجديد:

أجيز الترخيص بتأسيسها بقرار من وزارة التجارة والصناعة استناداً إلى الفقرة (1) من المادة (60) من النظام الجديد، واستثناءً على ذلك فإذا كان طلب تأسيس شركة المساهمة التي تؤسسها أو تشترك في تأسيسها الدولة أو غيرها من الأشخاص ذوي الصفة الاعتبارية العامة يتضمن استثناءً من بعض أحكام هذا النظام فيرفع بطلب الترخيص بالتأسيس والاستثناء إلى مجلس الوزراء للنظر في الموافقة عليه، وفى تقديري:

أن المنظم قد أحسن في هذا حيث يهدف ذلك إلى تبسيط إجراءات تأسيس مثل هذه الشركات والخروج بها من دائرة سلسلة الإجراءات المعقدة وتخويل وزارة التجارة والصناعة بالترخيص بإنشاء مثل هذه الشركات باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل في التنظيم والإشراف ومتابعة تنفيذ سير الأعمال التجارية.

4- وضع النظام الجديد: حداً أقصى لعدد أعضاء مجلس الإدارة وهو ألا يزيد عن (11 عضواً) ولا يقل عن (3) أعضاء، أما في النظام القديم :

فقد اكتفى النظام بذكر الحد الأدنى لعدد الأعضاء وهو (3 أعضاء) ولم ينص على حد أقصى لعدد أعضاء مجلس الإدارة، وفى تقديري:

أن المنظم قد أحسن في هذا التقييد حيث يهدف ذلك إلى ربح الوقت والجهد بدءاً من المناقشة والتصويت واتخاذ القرارات الضرورية التي لا تحتمل التأخير، ويقلص كثيراً من النفقات التي قد تثقل كاهل الشركات المساهمة وتسهل من سرعة انعقاد مجالس إدارة تلك الشركات.

5- في النظام الجديد: يجوز لمجلس الإدارة عقد القروض أياً كانت مدتها أو بيع أصول الشركة أو رهنها أو بيع المحل التجاري أو إبراء ذمة مديني الشركة ما لم يتضمن نظام الشركة الأساسي أو يصدر من الجمعية العامة العادية ما يقيد صلاحيات المجلس في ذلك، بينما في النظام القديم:

كان لا يجوز لمجلس الإدارة عقد القروض التي تتجاوز آجالها 3 سنوات أو بيع عقارات الشركة أو رهنها أو بيع المحل التجاري أو إبراء ذمة المدينين إلا إذا كان مصرحا بذلك في نظام الشركة أو مؤذناً به من الجمعية العامة العادية وبين هذا وذاك فلا بد من التنبيه إلى الخطورة من ذلك:

وذلك لأن عقد القروض أو بيع أصول الشركة أو بيع المحل التجاري أو رهنه أو إبراء ذمة المدينين لهو من الأمور شديدة الخطورة، حيث يلزم على مجلس الإدارة في كل مرة يريد الإقدام على عقد قرض أو بيع أصل من أصول الشركة أو بيع محل تجاري أو رهنه أو إبراء ذمة مدين أن يحصل على موافقة من الجمعية العامة العادية باعتبارها صاحب الصلاحية الذي يراقب على صفة الدوام والاستمرارية أعمال مجلس إدارة الشركة، وبالمقابل فان الموضوع من الخطورة التي لا تتناسب معها فكرة الثقة أو حسن النية في مجلس الإدارة، كما انه من اشد الخطورة أن يسمح بذلك لمجرد نص ابرم في نظام الشركة الأساسي أو قرار واحد فقط صدر من الجمعية العامة العادية للشركة.

6- وضع النظام الجديد حدا أقصى لمجموع ما يحصل عليه عضو مجلس الإدارة من مكافآت ومزايا مالية وعينية وهو مبلغ 500 ألف ريال سنوياً، ولم يكن ذلك مدرجا فى النظام القديم، وفي تقديري أن ذلك يحد من فكرة التربح أو الكسب المبالغ فيه إلا انه أيضا قد يقلل من حماسة الراغبين في المشاركة بأعمال مجلس الإدارة.

7- في النظام الجديد: تلتزم الشركة بجميع الأعمال والتصرفات التي يجريها مجلس الإدارة ولو كانت خارج اختصاصاته ما لم يكن صاحب المصلحة سيئ النية أو يعلم أن تلك الأعمال خارج اختصاصات المجلس، بينما في النظام القديم:

تلتزم الشركة بالأعمال التي يجريها مجلس الإدارة في حدود اختصاصه فقط، وفي تقديري:

أن المنظم السعودي قد أحسن صنعاً في هذه المسألة، حيث إن حماية غير حسن النية أمر متفق عليه لا جدال، كما أن المعاملات التجارية تقوم على فكرة الثقة والائتمان والاستقرار ومن يدعي فكرة صعوبة إثبات حسن أو سوء النية مردود عليه بان المجلس معين من الجمعية العامة للمساهمين المنوط بها الرقابة والإشراف على مجلس الإدارة وليس للغير ذنب في مسألة التقصير والرقابة.

8- في النظام الجديد: لا يجوز الجمع بين منصب رئيس مجلس الإدارة وأي منصب تنفيذي كما نص صراحة على أن رئيس مجلس الإدارة هو من يمثلها أمام القضاء وهيئات التحكيم والغير، أما في النظام القديم: فكان يمكن الجمع بين منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب وكان تمثيل الشركة يجري وفقا للاتفاق.

وفي تقديري: أن هذا حسن لأن ذلك يدفع أعضاء مجلس الإدارة للتركيز على الأعمال الأساسية المنوط بهم من وضع الإستراتيجية العامة للشركة والمراقبة والإشراف على أعمال الشركة دون الدخول في التفاصيل التنفيذية التي قد تضعف من الهدف والدور الواجب لعضو المجلس.

9- أتاح نظام الشركات الجديد: انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للمساهمين واشتراك المساهم في مداولتها والتصويت على قراراتها بواسطة وسائل التقنية الحديثة، بينما في النظام القديم: لم يسمح بذلك وفي تقديري:

إن هذا كان ضرورياً وملحاً لمواكبة الثورة العلمية الهائلة في مجال تكنولوجيا المعلومات وتوفير الجهد والوقت والمساعدة على التيسير في انعقاد الجمعيات لإصدار القرارات اللازمة لمصلحة الشركة.

10- في النظام الجديد: يجب أن لا يقل المدفوع من قيمة الأسهم التي تصدر مقابل حصص نقدية عن ربع قيمتها الاسمية شريطة أن تدفع باقي القيمة خلال خمس سنوات من تاريخ إصدارها، بينما في النظام القديم: لم يحدد الموعد الذي يجب فيه دفع المتبقي من قيمة السهم وفي تقديري:

أن تحديد المدة فيه ضبط ومنع للتلاعب والتهرب من الالتزامات القائمة على حملة الأسهم بما يدعم الموقف المالي للشركات.

تلك كانت بعض الفروقات ولنا حديث آخر إن شاء الله حول بعض المسائل التى جاء بها النظام الجديد للشركات.

نقلا عن اليوم