أعلنت الشركات النفطية العالمية نتائجها المالية للربع الثالث من العام الحالي، وشملت انخفاضاً في إيراداتها المالية أو خسائر مالية كبيرة.
ومع قرب الإعلان عن النتائج النهائية للعام ككل، لا يبدو أنها ستكون أفضل منها خلال الأشهر الماضية من تقلّص في الأرباح أو تكبّد لخسائر.
وهذه النتائج كانت متوقعة وسط ظروف انخفاض أسعار النفط، التي هبطت أكثر من 50 في المئة منذ حزيران (يونيو) 2014، ويُتوقَّع أن تظل عند مستوياتها الحالية حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل على الأقل.
وتراجعت إيرادات معظم الشركات النفطية العملاقة مثل «بي بي» و «رويال داتش شل» و «توتال» و «كونوكو فيليبس» بنحو 40 في المئة، وكانت النتائج المالية للشركات النفطية الأخرى سيئة بدورها.
وقررت «شل»، مثلاً، بيع نصيبها في استثمارات النفط الرملي في كندا، والتنقيب في ألاسكا بسبب توقّف العمليات هناك في ظلّ عدم القدرة على الإنتاج في الظروف السعرية الحالية.
وبسبب هذا، قررت «شل» تسجيل خسارة في دفاترها الحسابية بمقدار ثمانية بلايين دولار.
لكن، أين المشتري وسعر النفط ما زال يصارع من أجل الوصول إلى معدل 50 دولاراً للبرميل؟
وبدأت الشركات النفطية تواجه تحديات حقيقية، خصوصاً أنها كانت تشتري الأصول بأسعار عالية عندما كانت أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل، وعليها أن «تمسح» من دفاترها الاستحواذات المكلفة مثل الاستثمارات في النفط الصخري أو النفط الرملي الكندي أو الغاز الصخري والتنقيب والحفر في أعماق البحار في البرازيل أو في ألاسكا. هذه المشاريع ذات التكاليف العالية أصبحت غير منتجة.
ولهذا السبب، نرى انخفاضات هائلة في الإيرادات المالية وخسائر حقيقية. ومن هنا، على الشركات النفطية أن تواجه هذه التحديات بإيجاد الحلول والتغلب على الصعوبات المقبلة خلال السنوات العجاف المقبلة.
أول الحلول، طبعاً، إلغاء وظائف بنسب تتراوح بين 10 و15 في المئة من إجمالي القوى العاملة، وقد يفوق العدد 20 ألف وظيفة خلال السنوات المقبلة.
وثم يبدأ التخلّص من الوحدات التي لا تدر عائدات مالية عالية أو تحقق خسائر، ثم تُمسَح قيمة هذه الأصول من الدفاتر. وقد يصل الأمر بشركات الخدمات النفطية إلى تحيّن فرص الاستحواذ الكامل عليها من شركة أخرى، خصوصاً مع انخفاض قيمتها السوقية بسب انخفاض سعر النفط أو فشلها في التعامل مع المعطيات الحالية تحت ضغوط البيوت المالية والمصارف التي تطالبها بتسديد ما عليها. وربما يصل الأمر بشركات إلى الانسحاب من القطاع وترك المجال للآخرين.
وقد تبدأ شركات عملاقة بضمّ شركات أصغر ثم تعمد إلى تجزئتها وبيعها إلى شركات منافسة تستطيع شراء الأجزاء بدلاً عن الإجمالي.
وهذه فرص للشركات المتوسطة الحجم، وأفضل مثل شراء «شركة البترول الكويتية العالمية» كل محطات شركة «شل» في إيطاليا، فتخلصت «شل» من وحدات لا تحقق لها إيراداً مالياً مجدياً، وعمدت الشركة الكويتية إلى التوسّع أملاً بمركز قيادي في قطاع التجزئة.
وما زال الطريق وعراً مع إعلان الإدارة الأميركية عزمها بيع 100 مليون برميل من مخزونها الاستراتيجي ابتداءً من 2018.
وكأن الأسواق النفطية في حاجة إلى مزيد من الأنباء السيئة، خصوصاً مع إصرار الجميع على مواصلة الإنتاج بكل ما يملكون من طاقات إنتاجية، إضافة إلى وصول العراق إلى معدل إنتاج في حدود أربعة ملايين برميل، وقرب عودة إيران إلى الأسواق النفطية بنحو 500 ألف برميل يومياً في البداية، لتزداد بحلول نهاية العام المقبل إلى مليون برميل يومياً.
ومن هنا تأتي الفرصة الوحيدة المتبقية لدى الشركات النفطية لزيادة إنتاجها من النفط والغاز وبتكاليف أقل كثيراً من تكاليف النفط الصخري أو الرملي.
وتتمثل الفرصة بالنفط التقليدي الموجود في إيران، الذي يمكن استخدامه لزيادة احتياطات الشركات وتسجيل الكميات في دفاترها.
ولمعظم الشركات النفطية العملاقة خبرات في الحقول الإيرانية، فهي اكتشفت النفط هناك، ما سيسهّل عليها تقويم الأصول النفطية بتكاليف أقل وأرباح أكبر، ومن دون أي أخطار تذكر، وعند المعدلات الحالية للبرميل. وقد تتغير النتائج السنوية للشركات من سلبية إلى مشجعة.
نقلا عن الحياة