قمة الـ20 هذه تهمنا أكثر

16/11/2015 0
د. عبدالله بن ربيعان

 على رغم أن قمة دول مجموعة الـ20 أنشئت قبل حلول الألفية الجديدة، إلا أنها لم تكتسب أهميتها إلا في 2008 و 2009، بعد أن ضربت الأزمة المالية العالمية أميركا ودول الغرب.

وتعتبر قمة لندن في بدايات 2009 هي الأهم في مسيرة اجتماعات القمة، حيث أطرت الكثير من القوانين المالية والمصرفية التي كان غيابها سبباً للأزمة، وتم فيها دعم صندوق النقد الدولي ليضطلع بدور أكبر في حفظ الاستقرار المالي للدول. وتم فيها إعلان الهجوم ومنع بعض الدول من أن تكون ملاجئ ضريبية للأموال الضخمة.

في قمة أنطاليا هذا العام تشارك السعودية بوفد كبير يترأسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهذه القمة تحديداً تهم المملكة بشكل أكبر من سابقاتها، سواء من حيث توقيتها أو من حيث المواضيع التي تناقشها في اجتماعها هذا العام. ويعود ذلك إلى أسباب عدة منها:

أولاً: أن قمة الـ20 وبدءاً من أميركا ثم قمة لندن وحتى قمة برزبن في أستراليا العام الماضي كانت تعقد لمناقشة أزمات العالم المالية، وكانت السعودية، وعلى العكس من وضع دول العالم تحقق وفورات وفوائض مالية ضخمة، بمعنى أنها ربما البلد الوحيد الذي لم يتأثر بشكل مباشر ولا سلبي من الأزمة المالية الكبيرة التي تأثرت بها كثير من دول العالم الصغير منها والكبير.

ثانياً: أن هذه القمة، ومن ناحية التوقيت هي الأولى التي تعقد وأسعار النفط في أضعف حالاتها، وموازنة المملكة ينتظر أن تعلن عجزاً يقدره الخبراء بين 400 و 500 بليون ريال، وهو ما يعني ضرورة التوجه لتنويع المصادر وتنمية الصادرات غير النفطية، وعدم الانتظار طويلاً لتحسن أسعار النفط التي تحددها السوق العالمية من دون أي تأثير أو تدخل من الدول المنتجة.

ثالثاً: من المواضيع المهمة التي ستناقشها وتتفق عليها دول القمة هذا العام هو رفع معدل النمو العالمي بـ2 في المئة فوق المتوسط العالمي اليوم بحلول 2018. ولا شك أن النمو العالمي يعني شيئاً مهماً للمملكة، وفرصة لتنويع وزيادة صادراتها النفطية وغير النفطية.

رابعاً: أنه، وللمرة الأولى، سيضاف لقاء وزاري على مستوى وزراء الطاقة ضمن جولات ولقاءات مجموعة الـ20. وهذا اللقاء يعني للمملكة الشيء الكثير؛ بصفتها المنتج الأول للنفط في العالم، والبلد الضامن لتعويض أي عجز في إمداد السوق العالمية بالنفط، كما أن ما يثار من فرض ضرائب بيئية إضافية على النفط سيكون أمراً ليس جيداً للمنتجين الكبار، وعلى رأسهم السعودية وروسيا وبقية دول «أوبك».

فجاء ضم الطاقة لأجندة مجموعة الـ20 أمراً جيداً ليناقش المنتجون والمستهلكون أوضاع النفط وإنتاجه وأسعاره، ضمن لقاءات المجموعة، وبحضور رؤساء وقادة الدول الأهم اقتصادياً في العالم.

خامساً: أن أحد أجندات هذه القمة تحديداً هي مناقشة التوظيف وخلق فرص العمل، وكذلك تحسين ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهذان الموضوعان لهما الأولويات الكبرى حالياً في المملكة التي أنشأت أخيراً هيأتين لتوليد الوظائف ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

ولاشك أن نقاش هذين الأمرين على مستوى القمة، وبحضور ومباركة كبار القيادات السياسية أمر تجب الاستفادة منه في تفعيل عمل هاتين الهيأتين، وكذلك في الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذه الأمور من دول العالم المتقدمة التي تضمها مجموعة الـ20.

ختاماً، قمة الـ20 تضم أهم الدول الكبيرة والمؤثرة اقتصادياً، وإن كان موضوعها الرئيس هو النمو العالمي، إلا أن نقاشاتها تتطرق إلى كل أنحاء الاقتصاد وشؤونه، ولأن السعودية تمر بمرحلة تحول اقتصادي حالياً بدأت بوادره وسيتسارع مع عجز تحققه موازنتها، فإن هذه القمة وهذا التجمع في عامه هذا هو الأهم بلا شك للمملكة؛ للاستفادة من تجارب الآخرين في المجموعة في تنويع مصادر الدخل، وعلاج البطالة، ورفع معدلات النمو الاقتصادي للبلد.

نقلا عن الحياة