المُلاك سواء أكانوا من الأثرياء أو التجار هم من يضع الأنظمة والقوانين في مجتمعاتهم، مباشرة (كاللجان والمجالس) أو بطريق الإيحاء والتأثير الاجتماعي (بعقد الصداقات والمصاهرات مع السياسيين).
والإنسان ظالم لنفسه فطرة، فهو لغيره أظلم.
ولهذا فالأصل في الأنظمة والقوانين هو تلبسها بلباس الاستغلالية المقصودة من القلة الثرية للكثرة.
فإن سلمت من ذلك، فلن تنجو من سيطرة الروح الأنانية الفردية، اللاشعورية.
وفي هذا قال المتنبي: (الظلم من شيم النفوس فإن تجد... ذا عفة فلعلةٍ لا يظلم)
فبما أن تمركز الثروة في القلة هو حتمية كونية من سنن خلق الله لقيام الاقتصاد والسوق، وبما أن تقارب القلة الثرية مع القلة السياسية هو أمر حتمي اجتماعياً، فلا يمنع الاستغلالية في الأنظمة ويوقظها من غفلة أنانيتها، إلا أن تصطدم بثقافة فكر اجتماعية واعية.. وشواهد ذلك كثيرة.
فمن الشواهد الضرائب في المجتمعات المتقدمة الواعية غالبها من الدخل (أرباح الشركات وأجور الوظائف والأعمال).
بينما في المجتمعات الأقل وعياً تجد الضرائب غالبها يفرض على السلع.
والضريبة على السلع هي ما تسمى بضريبة القيمة المضافة، والتي تنوي دول الخليج فرضها، وهي ضريبة تصاعدية.
أي أن نسبة اقتطاع الضرائب من الدخل تكون أعلى كلما انخفض دخل الشخص. فلو افترضنا 5 % ضريبة على السلع، فذو الدخل المحدود يصرف دخله كله على المشتروات.. وهذا يعني اقتطاع 5 % من دخله.
وكلما زاد دخل الشخص انخفضت نسبة استهلاكه لدخله كله، وبالتالي تنخفض نسبة اقتطاع الضريبة من دخله حتى تصل نسبة الضريبة للدخل، إلى قريب الصفر للأثرياء.
ومن الشواهد، الإعانات فهي معكوس الضرائب.. فالمساواة فيها تعني أنها تنازلية. كلما ارتفع دخل الشخص ارتفع مستوى استفادته من الإعانة.
ومن الشواهد، صرامة الدولة أو تهاونها في تحصيل حق الملاك لإيجارات عقاراتهم. ففي أمريكا مثلاً تجد القضاء هناك يميل لصالح المماطل والمتعثر عن سداد إيجار سكنه، مما يرفع مخاطرة التأجير.
وبارتفاع مخاطرة التأجير، ينكمش الطلب على العقارات التأجيرية، نظراً لقلة المؤهل ائتمانياً، والراغب في استئجار سكنه بدلاً من تملكه. وبالتالي تنخفض الإيجارات.
وبارتفاع مخاطرة التأجير، يتحقق توجيه السوق العقارية للاستثمار في عقارات التمليك، لا التأجير.
وفي جانب التمليك، فترى أن خلق القضاء الأمريكي قد وضع عوائق كثيرة تجعل من المستحيل للبنك أن يتعدى المنزل المرهون في حالة التعثر، وسن قوانين تجرم استيلاء البنك على آموال المقترض عندها، فضلاً من أن تمكنها من حقه في المواطنة، كمنع سفر وعمل وغيره.
بينما في المجتمعات الأقل وعياً، تجد مفهوم القلة الثرية هو الغالب.. ففي هذه المجتمعات تطبق قوانين إخلاء المستأجر بصرامة عند التعثر في السداد. وبدعوى التشجيع على الاستثمار في العقارات السكنية التأجيرية.
وبوجود بديل عن التملك، يقل الحافز لتملك الفرد لمنزله، وبالتالي تزداد قوة القبضة الاستغلالية الثرية على الكثرة فيسهل تسخيرها.
وتجد كذلك تسليط البنوك على أموال المقترض كراتبه ووديعته وادخاراته الحكومية والخاصة.. بل وتسليطها حتى على حياته، فتمنعه السفر والعمل، وعلى كل ما يتعلق بحقوق مواطنته.
ومن الشواهد العقوبات المالية.. فمخالفة النظام أو الإضرار بالغير، تجد عقوبته ثابتة القيمة، في المجتمعات الأقل وعياً.
وهذا يعني إعفاء القلة الثرية من الالتزام بالأنظمة.
فالعقوبة المالية الثابتة القيمة لا تعني شيئاً لهذه الفئة فهو لا يكترث بها، بينما تقصم ظهر الفرد من الكثرة ذوي الدخل المحدود. فيلتزم الضعيف بالنظام دون القوي.
وأما في المجتمعات الواعية فالعقوبة المالية ليست ثابتة القيمة. فهي تزيد بقدر زيادة ثراء المخالف للنظام أو المحدث ضرراً بالغير.
وذلك لتحقيق العدالة في المساواة في الردع عن المخالفة، وعدم الاكتراث بالإضرار بالآخرين.
والشواهد أكثر من أن يحصيها كتاب، وما سبق يكفي لإثبات أهمية الفكر في ثقافة المجتمعات.
ودلالات حديث الفكر الذي تحدث به وزير الإسكان تشهد؛ والله أعلم على قصد نبيل.
وزير سبق للجلوس مع الشارع والحديث معهم، قبل جلوسه على كرسيه في الوزارة، ودراسته لمفات وزارته.
فما عساه أن يقول؟.. فبث هموم فكر مجمتعه الذي خلق مشكلة الإسكان، في عقود سابقة.
وهل مشكلة الإسكان إلا نتيجة أنظمة سابقة؟.. وهل تحكي الأنظمة إلا فكر ثقافة المجتمع.
فهاهي ضرائب الأراضي، وهاهي إعانات الاستثمار والقروض العقارية وها هو نظام التنفيذ صمم لزيادة الاستثمار في العقار التأجيري، بينما تباطأ عن أنظمة التمليك.
وها هي البنوك والشركات، على ترتكب المخالفات، فإن انكشفت دفعت غرامة لا تساوي عندها قيمة فنجال الشاهي عند من أضرت به.
فتضيع حقوق المساهمين الضعفاء، بينما تسلطت بالنظام على الضعيف في ماله ومعاشه ومواطنته.
فسارع الوزير لمشاركة الشارع همومه وهمومهم واستدعى آرائهم وناشدهم أن يعينوه على التغلب على عوائق الفكر القديم المتأصل عندنا.
ففي مسارعة الوزير لمخالطة الشارع دلالة صريحة على حمل همومهم. فمن هموم الشارع استعلاء المسؤولين عنه، وعدم حديثهم مع العامة.
ودلالة أخرى على نبل مقصد الوزير ظاهر بوضوح، في احترام الوزير لعقول الشارع بأنه حدثهم بهموم الخاصة، هموم عوائق الإنجاز.
فالإسكان ملف موغل في مصالح الأثرياء والتجار، فالعقار لعقود طويلة، سيطر بمفرده على التجارة في بلادنا.
فغالب الوزراء لا نعرف وجوههم، ومن نعرف شكله فمن خلال أحاديث رسمية عامة.
أحاديث عامة، حقيقة معانيها، الاستعلاء على الشارع واعتقاده أن أي حديث جدي لن تفقهه عقول الشارع.
وعموماً فلا بد أن أشير إلى أن ردة الشارع السلبية ضد الوزير على ما فيها من تضحية على حساب الحقيل، إلا أنها خطوة إيجابية لتغيير ثقافة تصريحات الوزراء والمسؤولين.
وأخشى ما أخشاه أن تكون نكسة، فيتخذها الوزراء المحتجبون عن الشارع ذريعة لزيادة الحجب والتبرير لها.
نقلا عن الجزيرة
مقالة رائعه تستحق ان نفكر في ماطرح فيها وان تطبق واقعيا .
التوقيت غير مناسب لطرح مثل هذاالقول ، كان يجب على الوزير البدأ بانشاء مشاريع شكنية وتسليمها للمواطنين ومن ثم دراسة الواقع وتصحيح الفكر - عندما تكون جائع وخياراتك محدودة جدا لايمكنك تغير فكرة الجوع وتحويلها الى ان هذا الطعام معد باسلوب غير صحي وبه ملح وكلسترول عالي
الفوزان وحمزه السالم يحللان مفردة "فكر" بطريقة مختلفة وكل يغني على ليلاه. سواء قصد الوزير فكر تنظيمي أو مجتمعي أو ديني أو سياسي ....... ما تفرق. الوزير كما فمت يصرخ معتذرا بلباقة: "الحل ليس في يدي". ذكرني الوزير بقول المتنبي ......
اخي الفاضل ..( Saudi CFO ).. اتفق معك تماما .. في ان من ذكرتهم وغيرهم للاسف يبررون الخطأ بخطأ اكبر منه ، والاستخفاف بعقول الناس ، وبالتالي انكشافهم واستخفاف الناس بهم ، اليس من الاولى للوزير ومن يبرر له ، ان يشمل ما يسميه الـ«فكر المستدام» سبب الكارثة: من نَهَبَ واهدر الاراضي ..؟!! . "هم" كمن يقف عند قوله تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ] ، وقوله صلى الله عليه وسلم:{انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْمَظْلُومًا} . *اما اذا كان الوزير ليس بيده الحل ، ليقدم استقالته المسببة ، اشرف واكرم له . *نقول للجميع .. لن يرتقي الوطن لمصاف العالم المتحضر بحق الا بالصدق في الكلمة الواضحة والعمل الجاد ، هي امانة يحاسبون عليها ، إذا لم يستطع قول الحقّ واضحا فلا يبرر للمخطئ ، وإياه ان يشجّعه على التمادي في الخطأ ، وإلا فهو منهم وسينال عاقبة الظالمين عاجلا في الدنيا ، والاخرة اشد وابقى . *المسؤولين في الوطن يناشدون بطلب النصيحة الصادقة ، مستشهدين بمقولة عمر : لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم . نسأل الله السلامة للوطن والمواطن ، والهداية للجميع . شكرا لك ، واعذرني على الإطالة . >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> http://gulf.argaam.com/article/articledetail/556291
مقالة مفيدة اتمنى من الكاتب الكريم التوسع بالتفاصيل في ما يتعلق بالحقوق في مقالات اخرى.
شكراً دكتور على المقال المميز
مع احترامي للكاتب و فكره ، اعتقد انه قرأ المسألة بطريقة معكوسة. فان الاغلبية رأت في حديث الوزير ترف زائد و بالعربي "فلسفة" و كان من الاحرى التركيز على الانجاز او على الاقل طرح برنامج الوزارة ليطمئن المواطن ان هناك ضوء في نهاية النفق.
في تأريخ علم الاجتماع تم حل مشكلة الاحتكار بحلول قاسية منها المصادرة والتأميم لان الاحتكار يعطل التنمية ويزيد عدد المحرومين ويرفع الاسعار ويكثر التبرم والسخط ويضاعف التضخم ويقلل قيمة العملة بينما تنتفع منه قلة اقطاعية تمتص دماء المسحوقين
طبل يامطبل مقال مليان أخطاء وكلام كثير الهدف منه التبرير للوزير
أسهل ملف من ملفات المتراكمة هو ملف اﻷسكان وله حلول كثيرة جدا بس من يعلق الجرس . أذا كان مصلحة الزكاة والدخل في عام 2014 وصلت إريرداتها إلى 18مليار .
المدخل الوحيد في رأيي على وزير الإسكان هو التركيز والتكرار لمصطلح الفكر وكأن الفكر شيء طراء في السعودية وسبب مشكلة الإسكان. قبل عام 2006 لم يكن هناك مشكلة إسكان هل كان السبب وجود الفكر وثقافة السكن في ذلك الوقت واختفت الان؟!!! الحقيقة هناك مشاكل تنظيمة من أهمها وجود نظام ويتم تطبيقة بكل قوة ولا رحمة وهو دفع الاجار لان هناك عالم لا تدفع قيمة الاجار ومنهم أجانب ولا يستطيع صاحب الملك إخراجه ولا يحصل على ايجارة هذا فقط مثال لعدم اقدام الكثير على انشاء العماثر السكنية. مثال اخر يجب وضع نظام لتملك الشقق يحتوي على حقوق الطرفين بشكل واضح ومستديم حت قوة النظام.
الست تقول ان الملكية المطلقة الوراثية هي من روح الاسلام؟ هذا نظامك الملكي تسانده بالخطاب الشرعي وتلمزه في خطابك الاقتصادي. تناقض
متى قال ؟ نورنا ونحن لك من الشاكرين ...
متكلف جدا صاحب هذا المقال وفي دفاع مستميت ومطبلا ناجحا اراه ,, كيف عرفت ان ماجد الحقيل هذه نيته بمفردة (فكر ) هل شرح لك في جلسه مغلقه ماذا كان يقصد بها ام انك تعلم بالنوايا ؟؟ ام انك تعاكس اتجاه الشارع والراي العام ؟؟ عموما الراي العام ااخذ المساله مجرد (طقطقه ) وتنكيت ودعابه لايحتاج ان تتكلم بهذه الصيغه وبهذا الاسلوب