الأسواق المالية وأهمية استباق الحدث

30/08/2015 0
عبدالرحمن الخريف

كثيرا مانطرح نظرية "استباق الحدث واحتراق الخبر" عند مناقشة أي موضوع يتعلق بالاقتصاد والأحداث بالأسواق المالية، تصدر بناء عليها قرارات دول ومنظمات ومستثمرين بالأسواق بينما لاتلقى أهمية لدى معظم المتداولين بالأسواق ومنها سوقنا، لكونهم مع تعدد الشائعات يؤمنون بالنتيجة التي أمامهم بعد وقوع الحدث، مما يتسبب في عدم القدرة على تلافي سلبيات التداول بالأسواق وتكرار احتراق أموالهم، وتجاوزا على أن التعامل بأسواق الأسهم لايناسب ظروف معظم الأفراد بالعالم الذين يعتمدون في حياتهم المعيشية على مايتم إيداعه بها في ظل فقدان الثقة بصناديق الاستثمار، فإنه على الرغم من إثارة أخذ تلك النظرية بالاعتبار للحذر أثناء التعامل بالسوق وخصوصا مع تزايد حالة التفاؤل في أوقات عصيبة تمر بالعالم، إلا أنه مازال الكثير منا يساير الموجه الموجهة في ظل غياب الرقابة على التضليل، فما يبث وينشر ولايتفق مع نسب التملك بالمحافظ وهو مارأيناه مع قرب تطبيق قرار دخول الأجانب لسوقنا.

ومع توالي صدور البيانات الاقتصادية العالمية والبداية لانخفاض أسعار النفط في نهاية عام 2014م وتأزم مشكلة الديون الأوروبية ونسب النمو.. كان واضحا بأن هناك "عكسا للاتجاه بالأسواق" بعد موجة سنوات من الازدهار (صناع سوقنا كان لهم رأي آخر) وهو ماتسبب في إعادة النظر لكثير من كبار المستثمرين أفرادا ومؤسسات في قراراتهم للحفاظ على السيولة كاستباق لأحداث يرون أنها قد تقع كتبعات لذلك، في وقت نتجاهل مايحدث بالعالم من إرهاصات ومؤشرات على الرغم من أن اقتصادنا يعتمد على النفط مع تضاعف حجم الالتزام المالي خارج حسابات الميزانية بسبب أحداث المنطقة، وبدلا من تفهمنا لحقيقة الأوضاع تم توجيه الأنظار لتجاهل تلك الأحداث وبان "أبو عيون خضراء قادم لاقتناص أسهمنا" مع أن مؤسساته وصناديقه كانت تبيع حينها! واستخدام عبارات اقتصادنا قوي وبعيد عما يحدث بأسواق العالم وأن لدينا القدرة على تحمل أسعار نفط منخفضة مع أن هناك فرق كبير بين السيولة العالية وقوة الاقتصاد، والمؤسف انه بعد انهيار الأسواق العالمية وجدنا سوقنا الذي لم يجار تلك الأسواق في ارتفاعاتها السابقة يسارع بتسجيل أعلى نسب الانهيار عبر "فلم تكرر عرضه" بقصف السوق بكميات ضخمة من شركات كبرى (العرض الواحد في بعضها تجاوز ال100 ألف سهم) واتهم صغار المتداولين ببيعها وليكتشف الجميع حقيقة هشاشة السوق وغياب الشفافية والتضليل، وليتم تبرير ذلك بنشرة كاملة للأخبار السلبية العالمية والمحلية، والنتيجة كما سبق نشرها هي إفلاس شريحة منا بفعل التسهيلات ومن ثم الارتداد لننسى ماحدث لأسر عديدة من مجتمعنا ضاعت بسبب شراهة "القلة منا" لتكديس الأموال.

ولكون الأسواق المالية تبالغ في آثار الأحداث والبيانات الاقتصادية وسوقنا يتفوق عليها في تلك المبالغة بسبب عدم شفافية جهاتنا فيما ترغب في اتخاذه من إجراءات -ولو بالتلميح- قد تؤثر على السوق المالي مع أن البعض يعلم بذلك، ويستفيد من المعلومة، ولكن مع ذلك فمعظمنا ليست لدية ثقافة استباق الحدث لكون الجميع يعلم منذ أشهر بانخفاض أسعار النفط وتأثيره على الإنفاق الحكومي والعجز الكبير بالميزانية ونقص السيولة والاحتياطات بأسواق تتأثر بانهيارها، ومع أن أخبار إصدار السندات والاقتراض والسحب من الاحتياطات المتوقعة أتت من الخارج وقبل فترة طويلة من الإعلان وتم التنويه عنها وآثارها صراحة وان هناك التزامات مالية أصبحت معروفة، إلا أن تلك المسببات لم تغير من أفكار المتداولين للحذر ولتجنب آثار ذلك على أموالهم بالسوق تطبيقا ل(فوات الربح ولا الخسارة) مع ملاحظة أنه للأسف انتشرت مبالغات كبيرة في آثار نزول أسعار النفط على الاقتصاد مع أن ما يحدث وضع طبيعي وجميع الدول تواجه تلك الصعوبات وتتغلب عليها وخصوصا إذا ماعولج بحكمة وفهم لنظرية استباق الحدث لتفويت الفرصة لمروجيها.

نقلا عن الرياض