بعد اكتمال صدور نتائج الربع الرابع بدأت تصدر تباعا تقارير مجالس الإدارات وهي في نظري إحدى أهم وثائق الإفصاح على الإطلاق والذي يحتوي على أكثر المعلومات المتعلقة بالشركات. وتقرير مجلس الإدارة - للأسف الشديد - لم يلق حقه من الاهتمام الكافي سواء من قبل الشركات من حيث تضمينه المعلومات كافة التي يبنى عليها الاستثمار، أو حتى من قبل المشرع (وزارة التجارة وهيئة السوق المالية) من حيث وضع معايير واضحة ودقيقة للحد الأدنى من المعلومات الواجب تضمينها وطريقة عرضها.
عموما موضوع تقرير مجلس الإدارة مهم جدا ولكن ما يهمني هنا هو جزئية واحدة فيه وهي الفقرة المتصلة بلائحة حوكمة الشركات. وحوكمة الشركات ليست الإلزامية ولكنها استرشادية. وتقرأ في تقرير مجلس الإدارة بيانا بالبنود التي تلتزم بها الشركة والبنود التي لا تلتزم بها من لائحة حوكمة الشركات. هذا الإفصاح - على فكرة - ليس اختياريا ولكنها إحدى الفقرات القليلة الإلزامية في لائحة حوكمة الشركات.
ويبدأ دائما هذا الموضوع بديباجة تتحدث فيها الشركة بأنها ومن مبدأ الإفصاح والشفافية والحرص على مساهميها قامت بتطبيق كل مبادئ حوكمة الشركات باستثناءات محددة.
- كثير من تلك المواد إما أن يكون من أبسط حقوق المساهم كأحقيته في الحصول على نصيبه من الأرباح التي يتقرر توزيعها أو أن يكون عاما ومن الصعب الجزم بتطبيقه من عدمه كالحديث عن توفير معلومات كافية للمساهمين أو أن تكون جزءا من لوائح أخرى ملزمة للشركات.
- الاستثناء الوحيد الذي تكاد تلتزم الشركات بعدم الالتزام به هو التصويت التراكمي. والتصويت التراكمي هو الذي يمنع أي مالك أن يستخدم الصوت نفسه لتعيين أكثر من عضو مجلس إدارة واحد. وهو في نظري أهم مبادئ حوكمة الشركات. وتطبيق مبادئ الحوكمة باستثناء هذا البند ينطبق عليه قول الشاعر:
أتاك دينار صدق ينقص تسعين فلسا من أشرف الناس إلا أصلا وفرعا ونفسا
والسبب ببساطة أن تطبيق هذا المبدأ وبعكس المبادئ الأخرى يتعامل مع الأسباب وليس النتائج ولذا فهو قادر أن يغير تغييرا جذريا في هياكل مجالس الإدارات القائمة ويمنع الكثير من اللوبيات والتحالفات التي تبدأ من أجل الحصول على مقاعد في مجالس الإدارات ولكنها في أحيان كثيرة تنتهي بكثير من المجاملات وتمرير بعض القرارات بنظام "شد لي واقطع لك". وأيضا سوف يخلق آلية جديدة لتغيير قائمة مجلس الإدارة والذي أصبح في كثير من الأحيان مثل جدول أيام الأسبوع معروفة الأيام والترتيب. كذلك سوف يعطي المجال لمزيد من الوجوه الجديدة لتساهم في نمو تلك الشركات وبالنتيجة مزيد من النمو للوطن والمواطن. ننتظر من هيئة السوق المالية التي قامت بالكثير من أجل تطوير صناعة الاستثمار في البلد أن تلزم الشركات بلائحة حوكمة الشركات.