حقائق و مغالطات عن الإستثمار في السوق السعودية

28/07/2015 11
صالح على الصبي

كان لي تجربة سابقة في العيد الماضي في كتابة مقال مختلف نسبياُ عن الدارج, ولعلي في هذا المقال أراجع معكم بعض الحقائق والمغالطات الشائعة و المنتشرة بخصوص الإستثمار.

من الجيد أن نتذكر جميعاً أن السوق المالية السعودية تعد سوق ناشئة من نواحٍ متعددة وبالتالي فهي سريعة التغير والتطور تماشياً مع متطلبات المراحل المختلفة.

بيد أن هذه الحقيقة عن السوق المالية قلما تجدها منعكسة على سلوك الأفراد والمؤسسات المالية من ناحية الوعي بمبادئ وطرق الإستثمار أو حتى طرح المنتجات الإستثمارية المختلفة المناسبة لشرائح المجتمع المتعددة.

ولعل للتجارب السلبية التي عاشها المجتمع في السنوات الأخيرة مع أحلام الثراء السريعة, عن طريق المساهمات المتعددة سواء كانت عقارية أو غيرها, أو عن طريق الجمعيات الأهلية أو صناديق الإدخار التي أنشأتها بعض البنوك أثراً كبيراً في إحجام الكثير عن البحث عن البدائل الإستثمارية المتاحة والمتجددة أو حتى في الثقة في السوق المالية السعودية من أصلها.

وكما ذكرنا في بداية هذا المقال لعلنا نحاول طرح بعض الأفكار الشائعة و مناقشتها من كونها حقيقة أو مغالطة.

يجب أن يكون لديك خطة مالية و أهداف إستثمارية:

يسيء البعض فهم معنى الخطة المالية و الأهداف الإستثمارية, إلى أن يتصور ميزانية إحترافية بكل هللة يتم صرفها و كل هللة يتم إكتسابها.

لا شك أن مثل هذا النوع من الخطط رائع جداً و يعطي صاحبه قدرة أكبر على توقع المصاريف, و الوفورات المحتملة و التخطيط لها.

لكن في الجهة الأخرى تكلفة القيام به, تعد مرتفعة من ناحية الإجهاد النفسي المتكرر.

غير أن المفهوم المبسط الذي ينبغي لكل من يريد الإستثمار الإحاطة به هو كم يملك؟

و كم ينتج؟ و كم يستهلك من المال؟

بحسب التفاصيل المريحة له ليتعرف على قدرته على الحصول على وفر مالي زائد عن الحاجة, ومن ثم ليفكر باستثماره و تنويعها لتستخدم كمصدر دخل إضافي.

ربما السؤال الصحيح هو لماذا أستثمر؟ لن أجيب على هذا السؤال, لكن الإجابة جزئيا في هذا الرابط.

تذكر أن استثماراتك قد تخسر, فليس استثماراً و لا من المنطقي أن تستخدم أمولاً معدة لإلتزمات مالية مسبقة كالإيجارات أو حالات طارئة؛ هذه أقرب للمقامرة منها للمغامرة لكن على حسابك. كما أنه بحسب أهدافك الإستثمارية, ربما لا تكون سوق الأسهم مثلاً خياراً أمثل لك.

الإستثمار للأغنياء فقط:

الحقيقة المرة هي "أن الأغنياء ربما هم أقل الناس حاجة للإستثمار اليوم".

لكن يتوهم الكثير أن الإستثمار يحتاج لرأس مال مرتفع ربما لا يتوفر إلا للأغنياء, بينما الحقيقة أن الإستثمار ممكن للجميع, ولو بأقل القليل حيث تتماشى نسبة العوائد على الإستثمار مع نسبة المبلغ المخصص للإستثمار.

فالربح المحقق من الإستثمار في أحد صناديق المؤشرات المتداولة والمنخفضة المخاطر مثلاً خلال النصف الأول من 2015 يقارب 10%, بمعنى أن من استثمر 1000 ريال لشراء عدد من الوحدات يفترض أن يحقق ربح يقدر ب 100 ريال, بينما من استثمر 100,000 ريال سيحقق 1,000 ريال.

إذن العملية قائمة على التناسب دون النظر للوضع المالي للمستثمر. صناديق المؤشرات المتداولة خير أكثر من رائع لمن يريد الإستثمار بمبالغ صغيرة نظراً لتنوع محتويات سلتها الإستثمارية و سهولة تداولها, ويمكن الرجوع للصفحة التالية من موقع تداول لمزيد من المعلومات حول صناديق المؤشرات المتداولة.

السوق المالية السعودية هي سوق الأسهم:

هذه من أكبر المغالطات التي تجدها متكررة في كثير من الحوارات بشأن الإستثمار في السعودية, حيث أن السوق المالية كانت مركزة فقط على قطاعات الأسهم, غير أنها خلال العقد الأخير بدأت في تنويع منتجاتها ما بين صكوك و سندات و صناديق متنوعة منها ما يستثمر في المنتجات العقارية ومنها ما يستثمر في المنتجات البنكية و السندات ومنها ما يستثمر في الأسهم المحلية أو الدولية, طبعاً هذا بخلاف سوق الصكوك والسندات المحلي.

ولعل الدليل التعليمي المنشور في موقع تداول يوضح الكثير من المعلومات عن الإستثمار من وجهة نظر هيئة سوق المال.

الإستثمار في السوق المالية خطير جداً وهو نوع من المقامرة:

كعادة الأسواق الناشئة تبداء دورتها المالية بالتمدد مع توسع السوق, لكن يترسخ في أذهان الكثير الخسائر الماضية و الإنطباعات السلبية عن السوق.

مما لا شك فيه أنه لا يوجد استثمار بدون مخاطر, بل إن العلاقة شبه طردية بين نسبة المخاطر و الأرباح.

لكن يوجد كثير من الأساليب للتحكم في درجة المخاطر و تخفيضها لحدود مقبولة للفرد, خصوصاً إذا كانت الأموال معدة للإستثمار أساساً ضمن الخطة المالية للفرد.

تنويع المحفظة الإستثمارية من ناحية مكونتها سواء كونها مدرة للدخل أو محتملة للنمو أو كونها أسهم من قطاعات مختلفة, أو كونها منتجات إستثمارية متعددة أو كونها وحدات في صناديق مدارة و غيرها من المنتجات المالية المتاحة في السوق السعودية.

إذا افترضنا أن معدل العائد على الإستثمار (كما تعرفه الهيئة) لكثير من الأسهم مثلاً يفوق 4% سنوياً دون النظر لتغير القيمة السوقية, فهذا بحد ذاته عامل جيد للتحكم بنسب المخاطرة عن طريق الإختيار الجيد.

ولعل هذا المقال يعطي تفصيلاً أكبر عن العائد المعقول للإستثمار في الأسهم السعودية ونسب المخاطرة, مع ملاحظة كونها محددة بالأسهم فقط.

بقي أن نعرف أنه لا يمكن تجنب المخاطر في الإستثمار, فالأسواق لا يمكن التحكم بها و لا بالمؤثرات عليها, لكن طالما أنك تستثمر (أي تتملك جزء من شركة أو أصول محددة) عن قناعة, فهبوط قيمتها السوقية غالباً يعقبه ارتفاع فالأسواق متقلبة بين القمم والقيعان والمستقرئ لتاريخ الأسواق عموماً والسوق السعودي خصوصاً يجد أن الأسهم الجيدة عاودت لتحقيق قممها وتجاوزتها مع عوائد مجزية لمستثمريها على الأغلب. 

المضاربة أفضل من الإستثمار في الأسهم:

يندر أن تجد أحداً يتعامل في سوق الأسهم ولا يحدثك عن هذا الجدل التاريخي, بيد أن طبيعة السوق الناشئة وأحلام الثروة تجعل البعض يسرف في صياغة بعض الأساطير و القصص الممكنة لكن غير المتكررة عن ثروات تم جمعها وتحقيقها عن طريق المضاربة دون ذكر لظروفها و قانونيتها والأسلوب المستخدم في تحقيقها.

من وجهة نظر شخصية, فالسوق يستحمل كلا السلوكين, بل يمكن للفرد أن يستخدم الإستثمار و المضاربة كنوع من أساليب التحكم في المخاطر بحسب قدرته على إجادة التقنيات و الأدوات اللازمة.

لكن بحثاً نشر مؤخراً من قبل Vanguard Research إقترح بشكل قاطع تفوق الإستثمار (أو ما يُعَرَّف بـ الشراء والتملك) على المضاربة (أو ما يُعَرَّف بـ ملاحقة الأداء) خلال مجموعة متنوعة من الإستثمارات و المستثمرين تمت دراستهم خلال الفترة من 2004-2013.

و طبعاً يحتوي البحث على تعريف لكل سلوك و لكل منتج و لطريقة قياس الأداء للمهتمين.

الإستثمار يحتاج إلى خبرة:

لعل هذه تكون آخر المغالطات في هذا المقال.

الإستثمار لا يحتاج إلى خبرة, بقدر حاجته إلى جهد و وقت.

يحتاج المستثمر أن يبقي نفسه على إطلاع قدر المستطاع بكل ما يخص الأسواق التي يريد الإستثمار فيها. يحتاج المستثمر أن يستوعب قوانين وأنظمة الأسوق, ومفاهيم الإستثمار العامة.

يحتاج المستثمر أن يقتنع أن قدرته على حماية أملاكه من الخسائر بإذن الله هي بشكل كبير سبب لتحقيقه الأرباح.

للأسف يغلب على المحتوى العربي في هذه المجالات ضعف شديد, لكن موقع أرقام حافل بالعديد من المقالات الجيدة.

بالنسبة لي استمتع دائما بمتابعة مدونة الأخ ماجد المزعل إستثمر بذكاء فهي تطرح تجربة شخصية للتعامل مع الإستثمارات بأدوات فردية مع تبسيط لكثير من المفاهيم.

وقبل هذا كله يحتاج المستثمر إلى الإستعانة بالله و الإستثمار فيما ينفع و لا يضر.

حاولت في هذا المقال التنويع بين أراء شخصية وقراءات متعددة و وضعت روابط لمقالات أو مواقع تلقي مزيداً من الضوء على بعض الأفكار.

ربما يكون هذا الموضوع بداية ناجحة لأحدهم ليكون قصة نجاح خاصة به. دعواتي له بالتوفيق, و دعواتي للجميع بعيد سعيد و أعمال متقبلة.