بدءاً من بداية شهر أغسطس القادم (2015) ستُحرر أسعار المحروقات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وستراجع لجنة حكومية الأسعار شهرياً لتعدلها هبوطاً أو صعوداً وفقاً للأسعار العالمية. حالياً، يُباع هناك لتر البنزين الممتاز (98 أوكتين) 50 سنتا أمريكيا (1.83 درهم)، مقارنة بحوالي 16 سنتاً هنا في المملكة.
لماذا أقدمت دولة الإمارات على هذه الخطوة؟ الإجابة الرسمية من وزير الطاقة الإماراتي تقول: "التغير هو جزء من خطة الحكومة لتنويع مصادر الدخل ولزيادة التنافسية ولبناء اقتصاد قوي ليس معتمداً على الدعم الحكومي."
يقدر صندوق النقد الدولي ما أنفقته دولة الامارات على دعم المحروقات بنحو 29 مليار دولار، مقارنة بنحو 107 مليارات دولار للسعودية. فهل تنتقل عدوى تحرير سعر المحروقات لبقية دول مجلس التعاون، حيث تنطبق الأسباب التي برر بها وزير الطاقة الإماراتي خطوة رفع الدعم؟ كما أن الدول النفطية ستعاني إيراداتها من ضغط نتيجة لتراجع أسعار النفط بنحو 50 بالمائة مقارنة بعام مضى.
وهذا يبرر طرح السؤال: هل سيرفع الدعم عن سعر البنزين في المملكة؟ حالياً، يباع البنزين في المملكة بسعر من بين الأدنى في العالم، حتى مقارنة بدول مجلس التعاون الأخرى، الأكثر ثراءً والأقل سكاناً والأصغر بقعة جغرافية، كما يتضح مما سبقت الإشارة له آنفاً مقارنة مع الإمارات العربية المتحدة.
ولا جدل في وجود هدر في استخدام البنزين، بل وحتى حالات تهريبه إلى خارج الحدود بغية الاستفادة من فارق السعر.
والنقطة هنا، أن علينا أولاً أن نتعامل مع الهدر وسوء الاستخدام، ففي المحصلة سيؤدي ذلك إلى رمي "عصفورين" بحجر؛ أن تقلل الكميات المستهلكة بما يؤدي إلى تحسين الكفاءة من جهة، والحد من تكلفة الدعم على الخزانة العامة للدولة من جهة أخرى.
ومحلياً، يبدو أن الأولوية هي لرفع الكفاءة وليس لرفع سعر البنزين مباشرة؛ فرفع الكفاءة أمر مطلوب لن يجادل فيه أحد، أما رفع السعر فسيكون محل جدل واسع لاعتبارات أهمها أن الجزء الأهم من البنزين المستخدم هو للنقل، وأن الوسيلة الأساس لتنقل الأشخاص هي السيارة الخاصة، التي تعتمد على استهلاك البنزين والكثير منه، باعتبار أن جل السيارات المستوردة ليست كفؤة في استخدام الطاقة، كما أن مدننا شاسعة المساحة (نتيجة لتمددها الأفقي)، كما أن المسافات طويلة نتيجة لاتساع رقعة البلاد.
ولا يفوت التذكير أن معدل نمو السكان في المملكة مرتفع نتيجة للنمو الطبيعي الناتج عن التكاثر، وكذلك نتيجة للنمو في استقدام العمالة الوافدة.
كل هذه تجعل السعي لرفع الكفاءة في استخدام الوقود، وتحديداً وقود السيارات، أمراً جوهرياً ومتطلباً يسبق الحديث عن رفع أسعار البنزين.
وعلى صلة بتحقيق هذا المتطلب، يقوم البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة، والذي كان من ثمار جهوده التوقيع في ديسمبر 2014 مذكرات تفاهم بين معظم مصنعي السيارات في العالم والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، وإصدار الهيئة للمعيار السعودي لكفاءة استهلاك الوقود في يناير (2015) ليُصبح نافذاً وملزماً في يناير 2016. وتجدر الإشارة الى أننا بدأنا نقرأ تصريحات لشركات مصنعة للسيارات عن إيقاف تصدير سياراتها للمملكة نتيجة – فيما يبدو - لعدم قدرتها أو اهتمامها للتقيد بالمعيار.
ولا يقتصر رفع الكفاءة على ما تستهلكه السيارات الشخصية من وقود، بل يسعى لإلزام الشركات العاملة في مجال صناعة الحديد والإسمنت والبتروكيماويات بمعايير ومتطلبات كفاءة الطاقة المقرة من قبل اللجنة الإدارية للمركز السعودي لكفاءة الطاقة بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وبالفعل فقد تم الاتفاق على آلية عمل بين أحد عشر جهة حكومية لضمان تطبيق وتفعيل هذه المعايير والمتطلبات لتكفل التزام جميع المصانع القائمة بمتطلبات كفاءة الطاقة، التي تهدف للوصول إلى مستويات المؤشرات العالمية لكفاءة استهلاك الطاقة مستفيدةً من آلية المرونة التي أعدها البرنامج، وتسهيلات الإقراض التي تم الاتفاق عليها مع صندوق التنمية الصناعية السعودي.
وعلى الرغم من الأهمية البالغة للترشيد إلا أنه غير كافٍ، فالمتطلب الضروري للحد من استهلاك الوقود هو توفير نظام متكامل للنقل العام داخل المدن وفيما بينها، بما يجعله يحل محل السيارة الخاصة، أو أن ينافسها منافسة جادة.
ففي ظل عدم توفر نظام للنقل داخل مدننا سيكون من الصعب التفكير عملياً برفع سعر البنزين، باعتبار أن تخفيض السعر كان في الأساس للتخفيف من تكاليف التنقل ذهاباً للعمل أو لنقل التلاميذ للمدارس أو ذهاب الشاب للجامعة أو لأغراض التواصل الاجتماعي والعمل على تنوعها.
وهكذا نجد أن الحديث عن رفع سعر البنزين المستخدم في السيارات مبكر بالفعل، نظراً لافتقارنا لمنظومة متكاملة للنقل العام، وأهمية ترشيد الاستهلاك عبر رفع الكفاءة.
وبذلك يتحقق الهدف من رفع سعر البنزين، وهو كبح النمو الكبير في الاستهلاك المحلي للمحروقات، ولكن دون رفع السعر.
وبعد توفر منظومة النقل العام، وبعد تطبيق معايير رفع كفاءة الاستهلاك، يمكن النظر جدياً في رفع الدعم عن أسعار المحروقات.
نقلا عن اليوم
مقال رائع ونضيف بأن المواطنين في الامارات يملكون مساكنهم بينما لدينا ثمانين بالمائة يسكنون بالاجرة ورفع المحرقات سيزيد الاعباء والاسعار عليهم
قرأت المقال إلى أن وصلت إلى هذه العبارة " حتى مقارنة بدول مجلس التعاون الأخرى، الأكثر ثراءً والأقل سكاناً والأصغر بقعة جغرافية " فتوقفت ! حيث علمت أن الكاتب غير موضوعي أو يدلس على القراء .. ذلك أنه أخذ مايريد وترك ماهو موضوعي ، أخذ " أكثر ثراء - أقل سكاناً-أصغر بقعة " .. وتجاهل الأهم وهو " الأكثر انتاجاً والأوفر احتياطاً من النفط "
أخاف يروح الدعم إلى جيوب المتنفذين وبناء قصورهم في أوروبا
على فرض الاتفاق في هذا الرأي فيما يتعلق بدعم الوقود، ألا تعتقد أن دعم المياه والكهرباء يجب أن يتوقفا حالاً لعدم وجود مبررات مشابهة لدعم الوقود؟
أمريكا قارة ومسافات شاسعة ومع ذلك سعر لتر البنزين 2 دولار وكم سنت والسيارة عندهم شي أساسي في التنقل ... هذا المقال يدافع عن التجار و من لهم مصلحة كبيرة في عدم رفع سعر البنزين
مع قرار الغاء الدعم عن كافة المنتجات و تحسين الحد الأدنى للدخل ، الاستمرار في الوضع الحالي يقود الى الاسراف بشكل مقلق ويتطلب حل عاجل
عزيزي دكتور احسان، تقول انةعلينا مراجعة استراتيجيتنا التنموية . امل التكرم علينا بإيضاح ماهي الإستراتيجية التي نعمل وفقها حالياً. انت اقرب للمعلومة ولكني اكاد اقول انه ليس هناك اي استراتيجية، وارجوا ان اكون مخطئاً.
البشرية مقبلة على ثورة في التجارة الالكترونية ووصول متطلباتك لحد باب بيتك واثر ارتفاع او انخفاض سعر البنزين سيكون محدوداً في المستقبل.
بداية المقال لاتتفق مع نهايته المفترض تقليل الدعم تدريجيا للكثير من السلع والخدمات ومنها المحروقات لترشيد الاستهلاك شريطة ان يتزامن ذلك مع برنامج شامل لدعم المواطنين الاقل دخلا للحد من تاثير ارتفاع الاسعار .
حدد بطاقات مخفضه يكون لكل شخص سعودي 600 لتر في الشهر على الهويه الوطنيه من السعر المخفض وما زاد يتم شراؤه على التسعيره بدون دعم اما الأجانب يتم رفع الدعم عنهم
اقترح إنشاء صندوق خاص اسمه صندوق النقل مهمته هو دعم انشاء شبكة النقل العام من قطارات داخل المدن وفيما بينها في المدن الرئيسية ال13 بالمملكة ويكون دخل هذا الصندوق من ضريبة تضاف لقيمة سعر لتر الوقود ...
شكرا على هذا المقال الجيد ... ولكن سميتها عدوى ( أعتب عليك ) وهى ليست كذلك انما هى رياح الحكمة والاقتصاد المستدام .. أتفق معاك لصعوبة البدء فى التغيير فى المملكة وهذا ناتج من التقوقع والخوف الغير مبرر ... ويمكن البدء بتقديم عون مباشر للمواطن لتسهيل تحرير السوق وجعله يعيش على رجليه بدلا من الارتكاء على الدعم الحكومى والذى ادى الى الهدر فى الاستهلاك... وان لست مع الانتظار الى تشغيل القطارات داخل المدن ويكفى ايجاد شبكة من الحافلات المنظمة المقبولة مع الدعم الراشد للوقود للمواطن.
ولماذا لا يرفع الدعم عن الطبقة البرجوازية هذه المرة خلونا نجرب حلول اخرى
مقال مدفوع الثمن لكاتب أجير