على الرغم من أن القاعدة بالأسواق المالية هي احتراق أي كرت ايجابي بعد إعلانه ووصوله كخبر الى صغار المتداولين، إلا انه جرت العادة أن تُنشر مع الإعلان التحليلات وبث الآمال بتأثير الخبر الايجابي على السوق واعتباره محفزا مستقبليا متجاهلين المستفيد الحقيقي من ذلك، فبالتأكيد كان هناك من يعلم قبل رمضان 1435ه بقرب الإعلان عن فتح المجال للمؤسسات الاستثمارية لدخول السوق السعودي وهم المستفيدون الحقيقيون من الاستئثار بالخبر حيث شاهدنا بعد الإعلان الارتفاع الكبير لأسهم السوق لاقتناصها قبل قدوم الاجنبي وهو ماحفز لعودة الكثير من صغار المتداولين للسوق ليرتفع مؤشر السوق الى (11.150) نقطة ولكون ذلك تفاعلا مع خبر وصل للجميع وسارعوا بالشراء من انهار سريعا بعد اشهر ليفقد (4000) نقطة بنسبة (36%) الى (7225) وهو الأمر الذي كان متوقعا بسوقنا مع إعلان أي خبر ايجابي، ولكن الانبهار من موجة التفاعل المصطنع كان أقوى فلا احد يسمع للصوت الآخر مقال " المبالغة في آثار دخول الأجانب لسوقنا 7-10-1435ه" لكوننا اعتدنا ذلك من صناع السوق.
ومره أخرى فمع قرب التاريخ الفعلي لدخول الأجانب في نهاية شهر شعبان 1436ه شاهدنا التفاعل الايجابي للتحليلات وكمحفز أصبح وشيكا على الرغم من إعلان سابق للهيئة عن الاشتراطات المشددة لدخول المؤسسات الأجنبية ومعرفتنا بارتفاع مكرر السوق وان التوقيت غير مناسب وخصوصا أن تلك المؤسسات والصناديق الأجنبية متحوطه، وظهرت حقيقة ذلك مع حلول الموعد بأن هناك إحجاماً من المؤسسات الأجنبية في الاستثمار المباشر وأن ماكان يؤمل عليه لم يحدث، لنصنع بمبالغتنا الكبيرة بالتفاؤل للأسف إحباطا شديدا سنرى تبعاته لاحقا لما يُنسينا بان دخول الأجانب كان محفزاً، لكون كبار المستثمرين وصناع السوق على علم بأنه لن يكون هناك دخول كبير لتلك المؤسسات والصناديق الأجنبية وأنها ستكتفي حاليا بالاستثمار عبر اتفاقيات المبادلة، ومع علمي بعدم قناعة من في السوق بذلك فان الدخول المتوقع سيكون قبيل منتصف 2017م وبعد إدراج السوق ضمن مؤشر "مورغان ستانلي" للأسواق الناشئة والاهم في حال أن مكرر السوق مغرٍ للاستثمار وعبر فصل الشركات الاستثمارية في سوق مستقل للبعد عن تأثير الشركات الخاسرة على مكرر السوق وبعد اتضاح الرؤية في شأن تبعات انخفاض مستوى الإنفاق الحكومي للمشاريع عام 2016م وارتفاع الدين العام المتوقع بعد انخفاض أسعار النفط وخطط الدولة في شأن أسعار اللقيم والغاز المبيع للمصانع الوطنية.
فالقرار الاستثماري بالسوق مازال مغيبا لدى معظم المتداولين بان يكون قرار الشراء والبيع يعتمد على السعر الاستثماري للسهم بما يجمع مابين العائد والنمو والبعد عن المضاربات بالشركات المتضخمة والخاسرة، فمع ارتفاع السوق بعد الإعلان عن فتح المجال للمستثمر الأجنبي رأينا ارتفاعا كبيرا ومضاربات بشركات خاسرة لن يفكر بها المستثمر الأجنبي ولكن تورط بها صغار المتداولين والمؤسف هو سرعان انهيارها كحدث يتكرر كل مره وبدون أن نعي الدرس، ولذلك فالأولى أن لا تتأثر قراراتنا بدخول الأجانب من عدمه وان يكون تفاعلنا مع خبر تداول الأجانب استثماريا بحتا باقتناص الفرص التي يصنعها صناع السوق مع الأخبار السلبية والبيع مع التفاعل بإعلان الخبر الايجابي وارتفاع السهم لمستويات غير استثمارية وبالبعد عن التأثيرات الإعلامية والتحليلات التي للأسف أصبحت تصنع الإحباط بالمبالغة بالتأثيرات الايجابية او السلبية وبما يخدم كبار المضاربين والمستثمرين، والغريب أنهم أوهمونا بأننا ننتظر دخول الأجانب ليرفعوا سوقنا مع أن سيولتنا العالية غير المتحفظة كانت ومازالت محفزا كبيرا لأسواق دولية أخرى، كما انه تم إخافتنا من سيولة الأجانب الساخنة مع ان الجميع يعلم بان درجة سخونة سيولة "ربعنا" لم تسجل في أي سوق مالي آخر.
نقلا عن الرياض