هل يمكن تجنب الدورية في أسواق البتروكيماويات؟؟؟ ... الجواب هو لا... لايمكن تجنب هذه الدورات الصاعدة والهابطة وبالخصوص في العرض أو الأسعار، والسبب يكمن في الطبيعة الخاصة للمنتجات والاستثمارات في هذا القطاع..
بطبيعة النفس البشرية يؤدي حماس مدراء الشركات والمستثمرين والممولين للاستثمار بكثافة في بناء مصانع في الفترات التي تشهد صعود الدورة وبالنظر لأن بناء المصانع يستغرق مابين 4 الى 7 سنوات (منذ بداية الفكرة ثم التخطيط والتمويل والتصميم والانشاء حتى بداية التشغيل) فإن ذلك ينعكس لاحقا بوفرة في الانتاج مع دخول هذه المصانع والطاقات الجديدة للإنتاج في أوقات متقاربة ما يضغط على الاسعار ويتسبب في فوائض...
وعلى العكس من ذلك فإن الشركات والمستثمرين حول العالم يحجمون بشكل جماعي عن الاستثمار وبناء طاقات جديدة اثناء الركود مما يتسبب بعد عدة سنوات في شح في الطاقات الانتاجية وهكذا...
فضلا عن ذلك فإن طبيعة الصناعة لا تسمح بالتوسع المتدرج وساضرب مثالا بسيطا هنا .. لنفترض أنك تمتلك مصنعا لانتاج الملابس الجاهزة بطاقة انتاجية قدرها 400 الف قطعة ولاحظت أن الطلب قوي على منتجك فإنه بامكانك أن تزيد طاقتك إلى 500 الف قطعة مثلا وفي فترة قصيرة لا تتعدى سنة عبر توسيع خط الانتاج الموجود لديك باضافة معدات جديدة وزيادة عدد العمال، وعلى حسب استقبال السوق لهذه الزيادة بامكانك القيام بعمل زيادة مماثلة العام القادم وهكذا بشكل تدريجي...
وفي المقابل لو كنت تملك مصنعا للبتروكيماويات بطاقة 400 ألف طن سنويا وكان الطلب قويا على منتجك ورغبت في التوسع فإنه لا يوجد لديك خيار التدرج كما في حالة مصنع الملابس أعلاه، والخيار الوحيد المتاح أمامك هو بناء مصنع مماثل بطاقة 400 الف طن سنويا وعمل الدراسات اللازمة والتراخيص للحصول على اللقيم والتصاميم وتوفير التمويلات والبدء في الانشاءات ... الخ ... وستنهي هذا المشروع بعد 5 أو 6 سنوات في وقت تكون الأمور قد تغيرت بالكامل لأن عشرات المصانع قد فعلت نفس ما فعلته أنت أثناء فترة قوة الطلب وأتخذت قرارات مماثلة وبدأت انتاجها في فترة مقاربة للفترة التي ستبدا فيها انتاجك...
وبعيدا عن الطاقات الانتاجية وتوازن العرض والطلب فإن الدورات الاقتصادية بدورها والانتعاش والركود و طولهما وقصرهما يساعدان في تسريع أو تبطئة فترات الدورات لصناعة البتروكيماويات....
ولا يوجد نسق معين لدورات البتروكيماويات فقد تكون دورة الصعود قصيرة وخاطفة كما حدث في عام 2000 (بضعة اشهر) و قد تكون طويلة ومعمرة كما حدث في الفترة بين 2003 و 2008 (أكثر قليلا من 5 سنوات)... وكذلك الحال بالنسبة لدورة الركود فمثلا شهدت الصناعة واحدة من أطول فترات الركود في الفترة من نهاية عام 1997 وحتى منتصف عام 2003 (5 سنوات ونصف) وتخللها فترة بسيطة من الانتعاش في عام 2000..
في المقال القادم ساتعرض بإذن الله لبعض المصطلحات الهامة في الصناعة ...
لأول مره, في حياتي,(( مع استثناء جنون 2005)) اشوف اسهم بتروكيماويات عمل اكثر من تدبيله(( للسعره)) ودورة الاسعار لم تتضح بعد, ان كانت ستستمر في الهبوط او ستستقر على اسعار محدده, مثلما صار لمعظم اسعار شركات البتروكيميكل في السوق السعودي, خلال التسعة اشهر الاولى من عام 2009, سابك من اقل من 40 الى اكثر من 80, ينساب من 13 الى 28, بترورابغ من 13 الى اكثر من 35, والصحراء من 11 الى اكثر من 24(( قبل الاكتتاب)) وغيرهم وهذا الذي يعطي المتعامل الايحاء ان شركات البتروكيماويات ممكن ان تتضاعف ارباحها أكثر من مره في حدود سنوات قليله, مثلما تضاعفت ارباح سابك اكثر من عشر مرات , خلال الفتره 2004 و2007
يادكتور تراك تأخرت علينا بالحلقة الخامسة ننتظرك