لا توحي الاتجاهات الحالية لأسعار النفط بارتفاعات كبيرة قريبة، تعوض بعض الخسائر الضخمة التي تكبدتها الأسعار منذ حزيران (يونيو) 2014، فالإمدادات لا تزال متواصلة ومتوافرة، والكل ينتج على رغم أنه قد يبيع ما ينتجه وقد لا يبيعه وقد يخزن بعضاً مما ينتجه في خزانات أرضية أو عائمة أو حتى في ناقلات نفطية راسية.
ووصل معدل الفائض إلى ما يفوق 2.5 مليون برميل يومياً تشمل ما يعادل مليون برميل يومياً من النفط الإيراني العائم على ناقلات نفطية عملاقة راسية لا تجد منافذ بيع.
ولا يوجد أي مؤشر حتى الآن في الأسواق النفطية يدل على خفض أو تقليص للإنتاج. ولا يزال الإنتاج المرتفع الكلفة للنفط الصخري متواصلاً وبحرية على رغم انخفاض الأسعار العالمية أكثر من 50 في المئة، ليصل معدل إنتاج النفط الصخري إلى ما يزيد عن ثلاثة ملايين برميل يومياً، وإن انخفض هذا الإنتاج فالانخفاض لا يزيد عن 50 ألف برميل يومياً.
ولا تزال الشركات المنتجة للنفط الصخري تبيع أسهمها وتحصل على تدفقات نقدية وتمضي في توسيع أعمالها ونشاطاتها.
ولهذا نرى أسعار النفط عالقة ما دون 60 دولاراً للبرميل وقد تظل عند هذا المعدل حتى نهاية العام. والمعطيات الحالية غير مشجعة، خصوصاً في حال التوصل إلى اتفاق أميركي - إيراني نهائي على البرنامج النووي لطهران في حزيران المقبل، فالاتفاق سيؤدي إلى هبوط حاد في أسعار النفط مع استعادة إيران قدرتها على ضح كميات إضافية منه، وقد تعادل الزيادة فور توقيع الاتفاق النهائي 500 ألف برميل يومياً، وقد تتجاوز سريعاً 900 ألف برميل يومياً.
وهذا سيؤدي حتماً إلى زيادة الحسوم على أسعار النفط وبأساليب جديدة ما سيؤدي حتماً إلى انخفاض أسعار النفط، خصوصاً في الأسواق الآسيوية التي تُعتبَر الملاذ الوحيد والأخير لتفريغ ناقلات النفط بأفضل الأسعار مقارنة بالمناطق الجغرافية الأخرى.
ويستمر تزايد الإنتاج النفطي العراقي الذي قد يصل إلى أربعة ملايين برميل بحلول نهاية 2016، وفي غياب منافذ وأسواق جديدة تستوعب الإنتاج الجديد، سيضيف العراق كميات أخرى إلى الفائض النفطي المعروض في الأسواق ما سيؤدي إلى زيادة التخمة الحالية من النفط.
ومن المتوقع ألا تخفض منظمة «أوبك» سقف إنتاجها في اجتماعها المقبل في حزيران 2015 وأن تحافظ على المعدل الحالي البالغ 30 مليون برميل يومياً.
ولن يتحقق أي تغيير في معادلات الأسواق العالمية للنفط طالما أن الدول النفطية خارج «أوبك» لن تشارك المنظمة في خفض الإنتاج.
وتعلمت المنظمة درساً قاسياً حين خفضت إنتاجها سابقاً لدعم الأسعار فحافظت الدول المنتجة خارجها على إنتاجها أو زادته واستولت على أجزاء من حصص دول المنظمة في الأسواق العالمية.
واليوم ليس على «أوبك» سوى أن تنتظر وتصبر لكن على دولها أن تخفض نفقاتها تعزيزاً لتنافسية نفطها وضماناً لأن تكون لديها القدرة على المنافسة مستقبلاً، فالدول النفطية خارج «أوبك» ومنتجو النفط الصخري تعاملوا مع تراجع أسعار النفط بكل جدية فخفضوا نفقاتهم لئلا يتأثروا بالتراجع، ولا يزالون مستمرين في الإنتاج وبمعدلات كافية.
ويبقى أن التخمة والفائض النفطيين في الولايات المتحدة هما المسبب الأكبر للمشكلة، ما يجعل الفارق السعري بين نفط «برنت» والنفط الأميركي الخفيف يفوق 10 دولارات للبرميل.
الأسواق النفطية في حاجة إلى معجزة وأزمة عالمية حادة قبل أن تتحسن أسعار النفط إلى الأفضل والأعلى.
والمعطيات الحالية غير إيجابية لأسعار النفط، وقد يكون انخفاض أسعار النفط هو المؤشر الإيجابي الصحيح في يومنا هذا، فتعمد الدول النفطية العربية إلى وقف الهدر المستمر وترشيد النفقات وتقليص الدعم، خصوصاً في فصل الصيف الذي بات قريباً والذي يزيد فيه الاستهلاك النفطي المحلي في البلدان المنتجة بسبب زيادة الطلب على الكهرباء والتكييف والتبريد.
نقلا عن الحياة