المستثمر ، والمدير ، والجهات الرقابية ، هما أجنحة الاستثمار في صناعة الصناديق الاستثمارية ، إذ يسعى مدير الصندوق الاستفادة من الرسوم والاتعاب التي يجنيها من وراء إدارة أموال الآخرين ، والمستثمر يفترض بقدرة المدير على إدارة المخاطر وتحقيق العوائد لمن أوكل له إدارة أمواله ، لهذا كان لا بد من وجود منظم لهذا النشاط الهادف لتحقيق الربح.
ثمة ملاحظات طرأت خلال عام 2014 لصناعة صناديق الأسهم في سوق الأسهم السعودية ، يأتي في طليعة ذلك عدد الصناديق التي خرجت للنور والتي بلغت 12 صندوقا ، ليصبح مجموع عدد الصناديق المحلية 72 صندوق كما جاء ضمن افصاحات هيئة السوق المالية، وبحسب تصنيف صناديق الأسهم التي تستثمر في سوق الأسهم السعودية فأنها تصنف إلى صناديق ( تنمية رأس المال ) والثانية إلى ( نمو ودخل ) ، في التصنيف الأول ليس من أولوية مدير الصندوق توزيع أرباح نقدية لحملة الوحدات حيث أن هدفها هو الاستفادة من تغير أسعار الأسهم في السوق وبالتالي الاستفادة من ارتفاع قيم الأسهم السوقية ، بينما في تصنيف الصناديق الهادفة للنمو والدخل ، في الغالب تجمع ذات الهدف للتصنيف الأول بالإضافة إلى توزيع أرباح نقدية ، ولأن صناديق الإصدارات الأولية تندرج ضمن التصنيف الأول والتي لا تستهدف إلى توزيع أرباح نقدية بل الاستفادة من التغير السعري لتكلفة مكونات المحفظة الاستثمارية للصندوق ، فقد كان لهذا النوع السبق والصدارة من قبل الشركات المرخص لها.
لماذا تصدرت صناديق الإصدارات الأولية عام 2014 ؟ مقارنة مع صناديق تصنف إلى ( نمو ودخل ) ؟ هل لطبيعة أهداف حملة الوحدات الاستثمارية ، أعني أهداف المستثمرين التي تبحث عن المنتجات الأقل مخاطرة ؟ هل لعامل الزمن علاقة في ذلك ، حيث يعتقد جمهور واسع من المستثمرين أن الاستثمار في صناديق الإصدارات الأولية يعطيهم شيء من الضمان ( غير مباشر ) ؟ هل لنسب التخصيص للأفراد التي دائما تأتي أقل من المؤسسات والشركات علاقة في ذلك ؟ ، هل لفقدان الثقة من جمهور الأفراد في صناعة الصناديق بشكل عـام ، والأداء الذي يعتقد أنه دائما أقل من الأداء الذي يحققه أولئك فيما لو كانوا هم من قاموا بإتخاذ القرار الاستثماري علاقة في تلك الملاحظة ؟ ، تساؤلات عديدة أضعها على طاولة المراقب ليبحث معنا عن سبب قيام الشركات المرخصة بالاهتمام في إنشاء صناديق الاصدارات الأولية ، جاءت في طليعة الموافقات من قبل هيئة السوق المالية للعام الماضي لاسيما مطلع هذا العام.
من الملاحظات التي ظهرت لصناعة الصناديق الاستثمارية العاملة في سوق الأسهم السعودية ، ارتفاع عـدد المساهمين في صناديق الأسهم الخاصة ( الطرح الخاص ) ، حيث بلغ في عام 2013 عدد حملة الوحدات لتلك الصناديق 1439 مستثمر ، في مقابل 1660 مستثمر لعام 2014، بإرتفاع قدره 15 % ، هذه الصناديق تأخذ طابع قانوني من حيث الموافقات من قبل الجهات الإشرافية ، لكنها أشبه بالمحفظة الاستثمارية من ناحية القيود التي هي أقل من صناديق الطرح العام ، وبرغم إرتفاع عدد المستثمرين هنا ، فقد انخفض عدد المشتركين في الصناديق العامة ( الطرح العام ) المستثمرة في سوق الأسهم السعودية بواقع 5.55 % في عام 2014 عن 2013 ، حيث كان مجموع المشتركين في عام 2013 هو 363731 مستثمر ، في مقابل 343578 مستثمر في عام 2014.
أضف إلى ما سبق ، فأنه لم يتم إنشاء وإدراج صناديق مؤشرات ETF في الأعوام الثلاث الماضية ، كان آخرها عام 2011.
صناعة الصناديق في سوق الأسهم السعودية تحتاج إلى إعادة نظر وإلى غربلة ، وحتى تعاد الثقة لجمهور المستثمرين وأقصد الأفراد تحديدا لتلك المنتجات ، يجب أن يتم غربلة مفاهيم تراكمت بسبب الأحداث التي شهدها أولئك الأفراد والمستثمرين خلال السنوات العشر الماضية ، ماذا لو تم صبغ مادة في لائحة طرح الصناديق الجديدة بإلزام مدير الصندوق الاستثمار بما لا يقل عن 50% من حجم الصندوق الذي تم تجميعه ؟ هذا الإلزام يعطي المستثمر الفرد والمؤسسة شيء من الارتياح ( النفسي ) ، وكذلك الاطمئنان بأن ما سيعود على أموالي كمستثمر سيعود على أموال ملاك الشركة المديرة للصندوق ، ومن منطلق المساواة بين الصناديق التي تساهم في شركات مدرجة عنها من تلك التي لا تساهم بشكل معلن ، من الممكن إلزام الشركات المالكة لشركات مدرجة بالتقيد بنسبة 50% التي اشرنا إليها ، مع تخفيض تلك النسبة للشركات التي لا تملك شركات مدرجة في السوق ، بنسبة 5 % على سبيل الافتراض ، هذا الاقتراح جاء نتيجة مقابلات ومشاهدات مع عدد من المستثمرين الذين دائما يراودهم شعور قد يكون هذا الشعور مبني على أدلة بأن بعض الشركات التي تدير صناديق الاستثمار تستفيد من أموال المستثمرين في رفع أسعار أسهم شركات تملكها الشركة المديرة وبالتالي يعود النفع الأكبر لملاك الشركة وليس لحملة وحدات الصناديق.
ماذا لو قررت الللائحة الجديدة للصناديق بأن يلتزم مدير الصندوق بعدم الاسترداد طيلة عمر الصندوق ؟ هنا سيضطر مدير الصندوق إلى إعادة هيكلة استثماراته واستراتيجياته وأهدافه الاستثمارية ، وعلى ضوء تلك التغير الهيكلي الذي سيطرأ فأن كفة تصنيف الصناديق التي تعمل على النمو والدخل ستزيد أو تتساوى مع تلك التي تصنف على تنمية رأس المال كما أشرنا مطلع هذه السطور.
لبناء واقع جديد في صناعة صناديق الأسهم ، أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة الثقة ، وفي ظل التكنولوجيا الحديثة التي سهلت ويسرت نقل المعلومات ، لاسيما توفر مالدى المؤسسات المديرة للصناديق من معلومات وتحليلات أسوة بما لدى جمهور المتعاملين من أفراد تحديدا في أسواق الأسهم ، فأن البداية أعتقد تبدأ من باب اللوائح والتشريعات ، لست مع إلزام المؤسسات المديرة للصناديق بتحديد شكل وهدف المنتج ، ولست مع تحديد الاستراتيجيات بشكل غير مباشر من مدخل التشريعات والأنظمة ، لكن لإعادة توجيه واقع تسويقي يعاني منه كافة العاملين في الشركات المرخصة ، كان لازما ( مرحليا ) التدخل تشريعيا ، هذا المدخل ليس ضمانه لتغيير سلوك المستثمرين بشكل كلي ، لكنه سيعمل على أحداث تغير ولو بشكل نسبي.
ماسبق من سطور دعـوة ، السؤال : من يعلق الجرس ؟!
أكل أموال الناس بالباطل .......النجش والسحت
نحن في قطاع يركز على تحصيل الرسوم مقابل خدمة إدارة الإستثمار. لسنا في مجال يركز على إستخدام مركزها المالي و خلق مخاطر إضافية. لا يوجد صناديق تتلاعب بالأسعار من بعد فضائح معينة في 2006 تخص أشخاص محددين و معروفين. إلزام شركات الصناديق بوضع رأس مالها بالسوق لن يساهم بشيئ سوى رفع تكلفة رأس المال. إذا تعتقد بأنه يوجد تلاعب، فالحل هو أن تكون الهيئة صارمة في مكافحة التلاعب و ليس رفع تكلفة رأس المال. و أشك بتساهل الهيئة مع أي شركة إستثمارية من حكم تعامل مباشر.
للأسف الهيئة تثق في الصناديق ثقة عمياء، وغيري قد يقول إنها تبادل مصالح، والحقيقة إن الهيئة لا تعرف الشيء الكثير عما يدور في الصناديق ولا يوجد هناك مراقبة ولا متابعة. المشكلة إن معظم المتداولين غير متخصصين ويعتقدون أن الهيئة "فاهمة" شغلها كويس، أما من لهم معرفة داخلية بالسوق وطريقة عمله فهم يعلمون أشياء كثيرة غير سارة.