نشرت وزارة التخطيط التنموي والإحصاء في الأسبوع الماضي النتائج النهائية للمسح الميداني الذي قامت به إدارة الإحصاء بالوزارة لقياس الظروف المعيشية للقطريين، وهو المسح الذي أُجري على مدى عام كامل لعينة من 1826 من القطريين في الفترة ما بين سبتمبر 2012 و سبتمبر 2013.
وكما قال سعادة الوزير النابت في تقديمه للنتائج، إنه يهدف إلى قياس تقييم القطريين لأنفسهم عن كل ما يحيط بهم من ظروف معيشية وعن الخدمات المقدمة لهم من تعليم وصحة وضمان اجتماعي وغيرها.
وأود في هذا المقال تسليط الضوء على هذه النتائج لكي يعرف الناس مدى رضى أهل قطر عن معيشتهم في الوقت الذي تعاني فيه معظم شعوب المنطقة من حولنا من ظروف معيشية قاسية تضطرهم إما للهجرة بحثاً عن ملاذ آمن، ولقمة عيش هنية، أو الثورة على حكامهم الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.
ولكل من يغالطون أنفسهم ويضللون الناس على الفضائيات عن الوضع في قطر، يسرني أن أقدم للقراء بشكل موجز خلاصة نتائج هذا البحث القيم المنشور على موقع ادارة الإحصاء الإلكتروني.
وقد لا تشكل نتائج المسح مفاجأة للكثيرين؛ بالنظر إلى عدة عوامل معروفة سلفاً منها أن متوسط دخل الفرد في قطر في السنوات الماضية كان من أعلى المتوسطات في العالم، ولأن الحكومة تؤمن لشعبها كافة الخدمات بالمجان من تعليم وصحة وكهرباء وماء إضافة إلى المسكن وفرص العمل والرواتب التقاعدية، مع انخفاض نسبة البطالة أو انعدامها.
ومع ذلك فإن النتائج مهمة للحكومة لمعرفة مدى رضى الناس عما تقدمه من خدمات من ناحية، وللتعرف على مدى تفاوت الرضى بين أفراد الشعب حسب المناطق، وحسب الفئات العمرية وحسب النوع وما إلى ذلك.
وقد أظهر المؤشر العام أن القطريين راضون عن ظروف معيشتهم بامتياز أو ما يعادل 85,3%، وقد كانت المستويات متقاربة بين كافة الفئات بدون تباين أو اختلاف كبير في المواقف.
وارتفعت درجة الرضى في بعض المؤشرات الفرعية، فوصلت إلى 94,5% بالنسبة للطعام والشراب، و 93,8% بالنسبة للصحة والخدمات العلاجية.
كما بلغ الرضى عن الأمن أو السلامة الشخصية ما نسبته 93,7%، والسكن والبيئة 92,9%، وفي رؤيتهم للمستقبل، بنسبة 88,3%، وفي التعليم بنفس النسبة، وفي الضمان الإجتماعي بنسبة 83,1%.
وتنخفض النسبة في مجالات أخرى ولكنها لا تقل عن درجة جيد، فرضاهم عن الفرص الاقتصادية المتاحة تصل نسبته إلى 78,8%، وتخصيص وقت وجهد لتحسين المستوى نسبته 78,2%، وفي الوقت والفراغ والسفر تصل نسبة الرضى إلى 73,6%.
ولأن القطريين شعب متجانس، فإن التفاوت بين الفئات المختلفة في مستويات الرضى كان محدوداً ومنطقياً؛ فقد تبين أن درجة الرضى بين الذكور تزيد هامشياً عنها في الإناث إذا بلغت 85,5% عند القطريين و 85,2% عند القطريات.
وكان التفاوت بين سكان المدن محدوداً، وبلغ أعلاه عند أهل الشمال، فهو في الخور عند مستوى88,1%، يليه عند أهل الوكرة بنسبة 87,4%، فالظعاين والشمال بنسبة 87%، فأم صلال بنسبة 85,1%، فالريان بنسبة 85%، وجاء أهل الدوحة عند مستوى 84,9%.
ومن الطبيعي أن يزداد مستوى الرضى بزيادة المستوى التعليمي، الذي يصاحبه عادة زيادة في مستوى المعيشة والدخل؛ فالنسبة لدى الجامعيون وحملة الشهادات العليا 87,3%، وبين حملة الدبلومات 87,1%، وبين حملة الثانوية 85,5%، وتقل النسبة عند حملة الإبتدائية إلى 82,8%.
ونجد أن التباين في الرضى بين القطريين باختلاف مستويات العمر محدود للغاية، فهو مرتفع عند الشباب لمن هم دون سن الخامسة والعشرين وتصل نسبته إلى 85,9%، وتقل نسبته عند الفئة العمرية 25-44 سنة قليلاً إلى 85,6%، وإلى 84,5% لمن هم في فئة 45 سنة فأكثر.
هذه هي الخطوط العريضة لأهم النتائج التي أسفر عنها مسح الظروف المعيشية للقطريين قبل عامين، وهي تشير بوضوح إلى ارتفاع نسبة الرضى لديهم عما تقدمه الحكومة من خدمات.
وقد تختلف النسب لو أن العينة اشتملت على غير قطريين فقط نتيجة التباين الشاسع بينهم في مستويات الدخل والتعليم وظروف المعيشة.
ولكن لو استبعدنا الفئات العمالية غير المستقرة التي تقيم في البلاد لفترات محدودة أو قصيرة الأجل، لتنفيذ مشروعات بعينها، فإن درجات الرضى عند المقيمين منهم ستكون مرتفعة أيضاً ولا تقل عن جيد في المتوسط، نتيجة لما تتمتع به قطر من أمان واستقرار، وفرص عمل جيدة، مع توافر السلع والخدمات الصحية.
ومع ذلك فإن مستوى الرضى سيتفاوت بشكل واضح مع اتساع الفارق بينهم بحسب المستوى التعليمي ومستويات الدخل وربما الجنسية.
ويؤدي ارتفاع تكلفة السكن ورسوم الكهرباء والماء ورسوم الإقامات وتكلفة التعليم إلى انخفاض المستوى عند جانب منهم إلى مستوى 50% أو اقل.