أخذ النفط خلال الأربعة شهور الماضية الحيز الأكبر في المتابعة والتحليل من قبل المحللين الماليين والاقتصاديين وحتى السياسيين، وأضحت لا تخلو اي وسيلة اعلامية والا وجدت موضوعا عن النفط وانخفاض اسعاره وكيف لا يكون ذلك والنفط هو السلعة الاستراتيجية التي تعتمد عليها أغلب الدول سواءا منتجين او مستهلكين، ومع ذلك لا اريد ان أخوض في مزيد من التحليل والتقييم ووضع التوقعات للأسعار.
لكن الذي استوقفني كثيرا التوقعات التي تصدر عن كبار محللين النفط في كبرى بيوت الخبرة في مجال المال الاستثمار والتي بدأت مع كسر النفط لحاجز المئة دولار حيث كانت تدور التوقعات في تلك الفترة ان الاسعار سوف تستقر عند مستويات 95 دولار، ثم انخفضت التوقعات الى 85 دولار تزامنا مع اختلاف التوقعات الأولى مع أسعار عقود النفط المتداولة خلال تلك الفترة، واستمرت عملية اصدار التوقعات والتخمينات وللأسف كانت في معظمها مخالفة للواقع الى ان وصلنا الى التقديرات والتوقعات لمستويات الثلاثين دولار وحتى اقل من ذلك وتزامنا مع تلك التوقعات صعد النفط من ادنى مستوى لمزيج برنت على سبيل المثال من حدود 45 دولار ليستقر عند مستويات الستين دولار ومع كل هذا استمرت التوقعات والتكهنات لأسعار النفط ولم يلتفت أحد الى عدم المصداقية والمهنية من قبل هؤلاء المحللين.
وبالاضافة الى توقعات اسعار وفي موضوع مرتبط بالنفط وهو المخزون الاسبوعي في الولايات المتحدة الامريكية وسوف اذكر مثال بسيط يتعلق بارقام الاسبوع الماضي، والتي أتت على شكل ثلاث قراءات، حيث جاءت قراءة احدى المؤسسات المتخصصة في هذا المجال (بلاتس) عند مستوى 3.1 مليون برميل بينما جاءت توقعات معهد البترول الأمريكي عند مستويات 14.3 مليون برميل، وفي النهائة جاءت الأرقام الحقيقية الصادرة عن ادارة معلومات الطاقة بارتفاع المخزونات الامريكية بمقدار 7.7 مليون برميل، الناظر الى الأرقام اعلاه يجد ان الاختلاف بينها ليس بنسب متقاربة بل الاختلاف بعدة اضعاف والذي يهم من هذا المثال هو التأثير السلبي الذي احدثته تلك الارقام على سوق النفط من انخفاض بحوالي اكثر من 3%.
خلاصة الموضوع لقد اصبحنا مهووسون بمتابعة أسواق النفط والتحليلات والتقديرات المصاحبة له وأصبحت اسواقنا المالية شديدة الارتباط بحركة النفط صعودا ونزولا مع اهمال كافة العوامل الأخرى الايجابية سواء كانت متعلقة بنتائج اعمال الشركات او التوزيعات المالية او التوسعات المستقبلية.
لا أقول عدم متابعة ما يحدث في الاسواق العالمية سواء في أسواق المال او أسواق السلع بل اقول ان ننتظر الأرقام الحقيقية ولا نلتفت للتوقعات والتحليلات التي لم تكن بأي حال من الأحوال قريبة من الواقع.