هبوط أسعار النفط خلال السبعة شهور الماضية أشبه بـ "قفزة بانجي" هوى خلالها سعر البرميل من مستوى القمة 107.70$ في شهر يونيو 2014، ليهبط دون أي تردد ملامسا الأدنى له عند 43.58$ يوم 29/01/2015 وتبقى التساؤلات الآن:
هل وصلت سوق الخام إلى قاعها الأخير؟
ما هي الحركات المتوقعة للسوق و أهدافها على صعيد الأشهر القريبة؟
للإجابة، دعونا نلقي النظر على مخطط اسعار النفط الشهري ليظهر لنا الانحدار الحاد في سعر البرميل خلال سبعة شهور متتالية دون إحداث أي تصحيح فني صاعد على مدار الفترة المذكورة، ديناميكية أن دلّت فهي تدّل على قوّة الزخم الدببي في السوق و عزم اللاعبين الكبار، اللذين عزّزوا مراكزهم من عقود البيع على المكشوف، مراهنين على المزيد من التراجعات، خصوصا خلال شهر سبتمبر 2014 بعدما كسرت السوق قاعها لشهر يناير 2014 عند المستوى 91.24$، تأكيدا على اكتمال المبنى الأولي للمسار الهابط طويل الأمد.
كان هذا الهبوط مدعوما بمزيج من الأسباب الاقتصادية و جيو سياسية باتت معلومة لدى الجميع، نوّفر عليكم تكرارها من جديد لكنّنا نطرح السؤال، هل هذه الأسباب كفيلة الآن لتحقيق المزيد من الهبوط في سعر برميل الخام خلال الأشهر القادمة أم لا؟
برأيينا، يبدو أن السوق الآن قد أوشكت على ملامسة قاعها عند المستوى 43.58$، على الأقل للأمد القريب، مستندين بافتراضنا هذا على أداء السوق ذاته خلال التعاملات السوقية منذ منتصف شهر يناير 2015 وحتى اللحظة.
لو أمعنّا النظر في العلاقة ما بين تحرك سعر برميل النفط و بين أحجام السيولة خلال التعاملات منذ أواخر شهر يناير 2015 امتدادا حتى شهر شباط الحالي، نكتشف نقطة تحوّل هامة في الشعور العام المستحوذ على تعاملات السوق، من سوق هيمنت عليها دببة عنيفة، ضربت كل ارتداد مؤقت صاعد لتهبطه من جديد مستأنفة المسار الدببي الهابط، إلى سوق راكبة الآن على قرون ثيرانها التي دفعت بها في الثالث من شهر شباط 2015 إلى اختراق الأعلى اليومي عند المستوى 51.73$ ليوم 15/01/2015 و اكتمال المبنى الأولي للمسار الثوراني الصاعد، مدعومة بارتفاع أحجام السيولة عند الارتفاعات و تقلص هذه الأحجام خلال التراجعات، ديناميكية تدل على انتعاش الطلب على الخام و صحة المسار الصاعد الراهن.
أسعار النفط إلى أين؟
تحت الشروط السوقية الراهنة نتوقع أن تواصل اسعار البرميل في أدائها الصعودي، مصنّفين أي من التراجعات القادمة تحت إطار التصحيح الفني الطبيعي، الناجمة أمّا عن عمليات جني أرباح لمضاربات سريعة و/أو تسييل لمراكز البيع على المكشوف التي ما زالت مفتوحة، تحوطا من أضرار مالية جائزة في ما لو استمرت السوق في الارتفاع.
إستراتيجيات تداول النفط و الأهداف المتوقعة
على صعيد الأمد القريب نتوقع أن تواصل التعاملات على الخام داخل نطاقها الأفقي المحصور ما بين مستويات الدعم 47.35$ و بين مستويات المقاومة 54.25$ مع ميول إلى الصعود. في مثل هذه الحالة، استراتيجية تداول النفط للأمد القصير تستدعي تعزيز مراكز الشراء عند التراجعات صوب القاع الممتثلة بمستويات الدعم المذكورة 47.35$ و التفكير في جني الأرباح لاحقا عند الارتفاعات على مقربة من قمة السوق القريبة، الممتثلة بمستويات المقاومة 54.25$ وهكذا دواليك حتى أن يتم اختراق أحد هذه الحدود المذكورة، الأمر الذي سيرسم مساريّ السوق للمرحلة القادمة و على النحو التالي:
السيناريو السلبي سينجم عند كسر سعر البرميل لقاعه 47.35$ بالاتجاه الهابط مما يرجّح اختبار القاع الرئيسية عند 43.58$. هنا ننوّه من أن إحتمالية كسر القاع الأخيرة للسوق – 43.58$، ضئيلة مما يقودنا إلى التوقّع بأن مثل هذا السيناريو سيستقطب قوة شرائية نشطة، تعزز من الطلب على الخام لتدفع بقراءات السوق إلى الارتقاء من جديد.
لكن، هذه المرّة سوف يكون المسار الصاعد مشحوناً بزخم ثوراني بارز، الأمر الذي يدعم توقعاتنا بأن تخترق السوق قمتها الساكنة عند المستوى 54.25$ وبالتالي استئناف الصعود إلى مستويات جديدة، الأولى على مقربة من حاجز 60$، يليه عمليات جني أرباح قد تهبط في قراءات السوق وسط تصحيح فني طبيعي من شأنه تحسين اسعار تجميع العقود و تعزيز مراكز الشراء على يد اللاعبين الكبار و صناديق الاستثمار طويل الأمد، ديناميكية تجعل من مستويات 70$ هدفا واقعيا لأسعار النفط على صعيد الأشهر القريبة المقبلة حيث تصبح استراتيجية الأمد المتوسط و البعيد استراتيجية شراء وسريانها مشروط باستقرار سعر البرميل فوق القاع الأخير عند المستوى 43.58$.