قد يكون السؤال بديهياً: ألن يصب كل ارتفاع لسعر برميل النفط في مصلحة منتجي النفط الصخري المنافس للنفط التقليدي؟
والتحليلات كثيرة على ان الهدف من وراء عدم خفض «أوبك» إنتاجها وترك أسعار النفط تنخفض، هو خفض إنتاج هذا المنافس للنفط التقليدي الذي تنتجه دول المنظمة ودول خارجها.
ألم يكن الأمر كذلك من أجل خفض إنتاج النفوط الأخرى ذات التكاليف العالية؟
إذا كان الأمر كذلك فإن ارتفاع أسعار النفط لن يصب في مصلحة النفط التقليدي لأنه سيعني مشاركته ومنافسته من النفط الصخري والنفوط غير التقليدية الأخرى في الأسواق التقليدية لدول المنظمة.
بدأت التخمينات حول مستقبل أسعار النفط والتي وصلت إلى ما دون 45 دولاراً لمؤشر أسعار سلة «أوبك»، بعد خفض الشركات النفطية العملاقة مشاريعها في قطاع التنقيب والبحث عن النفط، وتقليص شركات الخدمات النفطية المساندة عدد عامليها بأكثر من 30 ألفاً، وخفض توقعاتها للأرباح التي ستحققها بحلول نهاية العام الحالي مع انخفاض قيمة أسهمها في البورصات العالمية.
وبدأ بعض الشركات العالمية البحث في كيفية مواصلة زيادة إنتاجه من النفط في الظروف الحالية ما يعني أن بعضها يفكر في شراء أصول شركات نفطية قائمة في سبيل تحقيق هدفها الاستراتيجي الأهم وهو زيادة موجوداتها من النفط، ما يعني كذلك شراء شركات منتجة للنفط الصخري ومستثمرة فيه.
وتعتقد المؤسسات المالية أن انكماش الاستثمار في إنتاج نفوط جديدة خلال السنوات المقبلة سيؤدي إلى نقص في الإمدادات مع زيادة الطلب العالمي في حينه، وأن أسعار النفط قد تصل إلى 200 دولار وفق الرئيس التنفيذي لشركة «إيني» الإيطالية باولو سكاروني ليؤيده كذلك في هذا الرقم الأمين العام لمنظمة «أوبك» عبدالله البدري.
لكن هذه التوقعات ستصب في مصلحة منتجي النفط الصخري الأميركي وعليهم الانتظار وأن يتوسلوا صبر مقرضيهم عليهم.
لهذا أليس من الأفضل أن تظل الأسعار عند المعدلات المنخفضة لأطول فترة ممكنة إن أرادت «أوبك» أن تجابه منتجي النفط الصخري والنفوط الأكثر كلفة لجهة الإنتاج، مثل النفط الرملي والنفط البرازيلي المسحوب من حقول عميقة تحت قاع البحر والروسي المستخرج من القطب الشمالي؟
قد يكون الأفضل كذلك ألا تتفق روسيا مع دول «أوبك» على خفض الإنتاج لأنه سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار ومعاودة منتجي النفط الصخري الاستثمار في حقول جديدة وبكميات أكبر.
سيشكل ارتفاع أسعار النفط تحدياً لجميع منتجي النفط التقليدي في صراعهم مع النفط الصخري وهذا صلب قضيتهم ومشكلتهم، فالدول النفطية من خارج المنظمة لا تمانع زيادة إنتاج الصخري طالما أنه لا يؤثر في حصصها السوقية بمقدار ما سيؤثر في حصص «أوبك».
إن أي ارتفاع في أسعار النفط سيساعد ويساهم في تطوير تقنيات إنتاج النفط الصخري وسيصب أيضاً في مصلحة روسيا والصين اللتين تملكان احتياطات نفطية تعادل أكثر من خمسة أضعاف ما تملكه الولايات المتحدة، وهذه أخبار سيئة لمنتجي النفط التقليدي.
ودخول الصين مجال النفط الصخري سيؤدي إلى فقدان حصة ثاني أكبر دولة مستوردة للنفط التقليدي من مبيعات «أوبك».
والصراع بين النفط التقليدي والصخري سيستمر ولن ينتهي، خصوصاً أن هناك دولاً نفطية من داخل المنظمة تريد أن تتوسع وأن تصل إلى معدلات إنتاج تفوق 5 - 7 ملايين برميل يومياً بأسرع وقت ممكن.
قد ترتفع الأسعار لكن من الصعب أن نراها عند معدل يفوق 70 دولاراً في أي وقت قريب. لكن حتى هذا المعدل لن يكون لمصلحة منتجي النفط التقليدي الرخيص.
ومن الصعب أن نتوقع أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع أكثر من 1.5 مليون برميل يومياً في خلال السنوات الثلاث المقبلة.
على منظمة «أوبك» الإبقاء على سقف إنتاجها الحالي لأن أي تحسن في الأسعار سيشجع الدول والشركات من خارج المنظمة على التوسع ومنافسة دول المنظمة في أسواقها التقليدية التاريخية.
نقلا عن الحياة