" لاتصير مثل حسنين "

04/02/2015 1
صالح الروضان

في بداية التسعينات الميلادية عملت باحدى الشركات المهنيه بمجال مراجعة الحسابات كنا نعمل ساعات طويلة تمتد بالغالب الى منتصف الليل وجميع ايام الاسبوع داخل وخارج مدينة الرياض وبجد وبحماس رغم جميع التحديات التي نواجهها كسعوديين حديثي التخرج امام اغلب اصحاب الخبره المقيمين من اجانب وعرب رغبة منا باكتساب الخبرة باقصر زمن ممكن.

بعد عدة سنوات حصلت على عرضي عمل من شركتين وعرض من احدى الجهات الحكومية بعقد ابتدائي لمدة ثلاثة اشهر سيتبعه عقد سنوي فقررت ان ادخل تجربة العمل الحكومي, كانت ساعات وحجم العمل اقل بكثير من العمل السابق مما جعلني اشعر بالملل وطول الوقت فكنت اعمل على مساعدة زملائي بالقسم طمعا بمعرفة بعض المهام الخاصة بهم فكنت اطلب احيانا المزيد من الاعمال من مدير القسم  المسؤل عن توزبع العمل اليومي للموظفين.

وفي يوم من الايام عندما طلبت عملا اضافي قال لي هذا المدير "شف" وانا اخوك جميل ان تتعلم و"تفزع" مع زملائك لكن انتبه " لاتصير مثل حسنين" .. سألته من هو حسنين! فقال:

حسنين رجل بعقده الخامس من العمر باحدى الدوائر الحكومية الكل يطلب منه توصيل بعض المعاملات في طريقه لهذا او ذاك القسم  وهو لايرفض, مع الوقت اصبح حسنين يطلب منه تصويرالاوراق وتوزيع التعاميم على الاقسام وهو لايرفض, سنه بعد سنه اصبحت الادارة باكملها تعتمد على حسنين بالمراسلات وتوزيع التعاميم بالرغم من التغيرات التي حصلت بالادارات والاشخاص استمر حسنين على هذا الحال, مدير الادارة الاخير صار يثق بحسنين بتوصيل التعاميم السريه او التعليمات المستعجله الى مدراء الاقسام, باحدى الايام طلب المديرمن حسنين ان يوصل تعميم عاجل وسري بأن هناك وفد عالي المستوى سيصل بمهمه تفتيشيه على الدائرة الحكومية وعلى الجميع الاستعداد وتجهيز المكاتب باحسن شكل والتواجد بالمكاتب.

وهو بطريقه لايصال التعميم احس حسنين بألم شديد في صدره فذهب خفيه لاقرب مستوصف للكشف فتبين انه يعاني من ازمه قلبيه تتطلب نقله الى المستشفي فتم ترقيده عدة ايام, وصل الوفد الي الادارة وهي بحالة فوضى تام ,وتم توجيه لوم شديد لمدير الدائرة مما اثر على سمعته وسمعة دائرته لدى الوزارة, الكل بهذه الدائرة يلوم حسنين بانه هو سبب هذه الفوضى واول من لامه هو مدير الدائرة لذلك اصدر قرارا باحاله حسنين الى التحقيق من اجل الخصم من مرتبه وقد يتم فصله عقابا له على هذا الاهمال.!!!

وبعد البحث عن حسنين وعن ملفه الوظيفي تبين انه في الاصل ليس موظف بالدائرة الحكومية فهو صاحب “بوفيه” قريبة من الدائرة وكان بالاصل يقوم فقط بخدمة توصيل طلبات الموظفين من سندوتشات و وجبات افطار كل صباح الى المكاتب .ومع الوقت حسنين عوًد نفسه على الفزعة فتعوًد الجميع عليه.

بعد سماعي هذه القصة من مدير القسم تأكد لي ان هذا المدير لايعترف بقياس الاداء وتحفيز الموظف فقررت عدم توقيع العقد السنوي هربا من هذه الافكار السائده بالقطاع الحكومي والعودة للقطاع الخاص.

هذا الفكر السائد يعود لغياب عاملين مهمين الاول سياسة التحفيز للموظف المجتهد والثاني التقييم العادل وقياس الاداء وفق معايير محددة مثل حجم الانتاج وجودته الالتزام بالحضور سرعة انجاز العمل مقارنة بالوقت المحدد لكل معاملة او مهمة فالكل نهاية العام سيحصل على تقييم يؤهلة للعلاوة السنوية او الترقية حسب عدد سنوات العمل وكما يقال بالمعنى الدارج " ماتفرق".

هذا ماحصل في منتصف التسعينات فهل مازال العمل بالقطاع الحكومي بهذا النهج من يفزع ويرغب بالعمل يتم الاتكال عليه ومن ثم اغراقه بالمهام والمعاملات وربما حرم من التدريب والاجازات بسبب هذه "الفزعة"!

حسب رأي احد الزملاء ممن اتم 25 عمل بالقطاع الحكومي يقول ان الوضع بالغالب لم يتغير!

لذلك يجب على كل موظف " لكي لا يصير مثل حسنين " سواء بالقطاع الحكومي او الخاص تحديدا في حال غياب تقييم الاداء وخطط التحفيز ان يدرك اربعة امور مهمة :

•لكل وظيفه مهام ومسؤليات افهم جيدا مسؤلياتك وواجباتك

•لاتعود الآخرين على التدخل في مهامهم ومسؤلياتهم

•عندما تقوم بمهمة ليست من اختصاصك ( فزعه) يجب ان يفهم صاحب المهمة ان ماقمت به ليس من اختصاصك وذلك في كل مره تقوم بذلك.

•تعلم جيدا متى يجب ان تقول" لا " بدون ان تغضب الآخرين او تقصر بعملك.